"هنا الزرقاء".. تجربة ريادية لصحافة مجتمعية تحدث فرقاً

"هنا الزرقاء".. تجربة ريادية لصحافة مجتمعية تحدث فرقاً

لأعوام ظل اهالي شارع الواد في الزواهرة يَخطون العرائض للمسؤولين من اجل اصلاح شارعهم "المدمر"، ولكن بلا طائل، وما ان نشرت "هنا الزرقاء" تقريرا حوله حتى كان يكتسي طبقة اسفلت جديدة، وخلال اقل من شهر.

 

السعادة التي شعر بها الاهالي حينها، ربما لم تكن تضاهيها سوى سعادة كاتبة التقرير بتمكنها من احداث فرق في حياة هؤلاء الناس رغم حداثة عهدها بالعمل الاعلامي.

 

كانت رماز شاتي دخلت عالم الصحافة قبل نحو عام من بوابة "مشروع تمكين نساء الزرقاء عبر الاعلام" الذي يشكل مظلة لجريدة "هنا الزرقاء" نصف الشهرية ولبرنامج اذاعي اسبوعي يبث عبر راديو البلد وموقع الكتروني يحملان ذات الاسم.

 

وقبيل بدئها العمل الميداني، خضعت شاتي لدورة تدريبة في فنون العمل الصحفي بمعية 24 سيدة اعمارهن بين 18 و45 عاما، وجرى اختيارهن من بين عشرات اللواتي تقدمن الى المشروع من انحاء المحافظة بعدما وجدن فيه فرصة نادرة لخوض غمار الصحافة.

 

ولم يكن قد سبق لاي من هؤلاء العمل في وسيلة اعلامية نتيجة عوامل موضوعية تتعلق بطبيعة التركيبة الاجتماعية والاقتصادية لمحافظة الزرقاء، والتي طالما وقفت عثرة في طريق مشاركة المرأة في عالم الصحافة.

 

وقد جاء "مشروع تمكين نساء الزرقاء عبر الاعلام" الذي تنفذه شبكة الاعلام المجتمعي ومركز التنمية المجتمعية في مخيم الزرقاء، بهدف المساهمة في ازالة هذه العثرة.

 

وتنبني فلسفة المشروع على ايجاد آليات مناسبة لتمكين المرأة في الزرقاء وإشراكها في عملية صنع القرار في المحافظة عبر تدريبها على العمل الإعلامي وتوفير فرصة لها لممارسته.

 

ولتحقيق هذه الغاية، انتهج المشروع الذي يمتد ثلاثة سنوات، اسلوبا يقوم على تدريب 25 سيدة في كل عام، من اجل خلق شبكة من النساء الإعلاميات القادرات على تغطية كافة شؤون المحافظة اجتماعيا واقتصاديا من وجهة نظر النساء انفسهن.

 

والمشروع اذ ذاك ينظر الى المرأة باعتبارها اقدر على تلمس قضايا المجتمع بحكم انها الاشد معاناة من التهميش بالرغم من مساهمتها الفاعلة اقتصاديا وتنمويا في المحافظة.

 

*"حساسية وعمق انساني"

ويلخص مدير عام شبكة الاعلام المجتمعي داوود كتاب هذا الفهم قائلا ان المشروع استهدف النساء خصوصا لان المراة بطبيعتها اكثر حساسية من الرجل لاحتياجات المجتمع، كما انها اكثر اهتماما بالتفاصيل.

 

وعلى مدى نحو عام ونيف من عمر المشروع، اعدت المشاركات مئات التقارير المكتوبة والمسموعة والمرئية التي سلطت الضوء على مختلف قضايا المحافظة.

 

ويؤكد كتاب ان الحساسية والعمق الانساني كان يمكن ادراكهما في اسلوب معالجة وطرح فريق المشروع لقضايا المجتمع، وبنكهة خاصة ومختلفة لم تستطع الصحافة الورقية والتقليدية توصيلها.

 

ذات الامر ذهب اليه رئيس بلدية الزرقاء عماد المومني، الذي اثنى على مهنية المشاركات، واشاد بتقاريرهن التي تنشر في "هنا الزرقاء" سواء الجريدة التي توزع مجانا او البرنامج الاذاعي والموقع الالكتروني برغم ان بعضها ينتقد سياسات البلدية.

 

واستأثرت بلدية الزرقاء بحصة كبيرة من التقارير التي تعامل معها فريق المشروع بحكم كونها اكبر بلديات المحافظة واكثرها معاناة من المشاكل نتيجة ما تعانيه من صعوبات مالية.

 

وقال المومني "منذ تسلمت مهامي كرئيس مجلس بلدي اتسم هذا التعامل بالموضوعية والمهنية العالية، وكان خاليا من السلبيات التي يعاني منها الاعلام المحلي هنا في الزرقاء".

 

واضاف ان "معظم الكتاب الموجودين في الزرقاء لا تتمتع المواضيع التي يعدونها بالموضوعية العالية ففي كثير من الأحيان تغلبها الشخصنة والإصطفافات الشللية.. لذلك كان هذا الاعلام ليس بصاحب الرسالة المرجوة".

 

واردف المومني "لذلك حقيقة أنا سعيد، فحينما تتصل بي -هنا الزرقاء- تجد استعداديتي عالية (للتجاوب) لأنني أعرف ان هذا المنبر هو منبر مهني بامتياز".

 

*"نجاح باقتدار"

واشار رئيس البلدية الى انه متابعته لما تنشره "هنا الزرقاء" من قضايا او ملاحظات للمواطنين سواء كانت تتعلق بالبيئة أو المرور أو بتنظيم الأسواق، مؤكدا تجاوبه معها بحكم انها "من صلب واجبات البلدية".

 

وشدد المومني على ان "هذه هي رسالة الإعلام، أن يساهم في إيصال صوت المواطن ويخفف من معاناته من خلال طرح هذه المشاكل ومتابعة حلها".

 

واكد انه في ضوء ذلك لم يستغرب نجاح مشروع "هنا الزرقاء" الذي وصفته سفيرة الاتحاد الاوروبي يوئانا فرونيتسكا العام الماضي بانه أفضل مشروع اعلامي ممول من الاتحاد في الاردن.

 

واعتبر المومني ان استناد المشروع الى العنصر النسائي كان احد الاسباب الرئيسية لنجاحه.

 

وقال "للأمانة، التجربة النسائية سواء في المجلس البلدي او المجتمع أو حتى الهيئات التطوعية والجمعيات أجدها ناجحة أكثر من الجانب الذكوري، حيث تجد (في هذه التجارب) موضوعية وبعدا كبيرا عن تصفية الحسابات الشخصية".

 

وعاد المومني واكد ان تجربة "هنا الزرقاء" اثبتت انها "ناجحة باقتدار"، معبرا عن امله في ان تتطور الى "فضائية".

 

وقال هناك "مساحة كبيرة فارغة الآن من الإعلام الموضوعي واستطاعت -هنا الزرقاء- التمدد على جزء من هذه المساحة.. لكن هذه التجربة بحاجة الى أن تتطور وتتعمق، وبرأيي أن وجود فضائية لهنا الزرقاء سيعزز مكانة الإعلام الموضوعي" في المحافظة.

 

ورغم حداثة عهدها، الا ان جريدة "هنا الزرقاء" تمكنت من ايجاد قاعدة من القراء الذين تتبدى متابعتهم لها من خلال سردهم  لعناوين تقارير يعود نشر بعضها الى شهور خلت.

 

يقول هاني الريماوي "اعجبتني التقارير المتعلقة بالتراث مثل بيرين وصروت، وايضا مقابلات عدنان الشركسي والنائب اكريم العوضات، واتابع ايضا تقارير الهيئات الثقافية الى جانب قراءتي للمواضيع المتنوعة حول قضايا ومشاكل المحافظة".

 

وفي تعليق على كون الصحيفة قائمة على جهود سيدات، قال الريماوي "العناصر النسائية ممتازة، وبصراحة لم أتوقع أن يكنّ بهذا النشاط".

 

وبعفوية تقول أم صقر وهي ربة بيت "ما يعجبني ان الخبر فيها واقعي..وتنقله عن اصحابه المباشرين مثل قضية نور".

 

وهي تعني الطالبة الجامعية نور العوضات التي قتلت على يد كنترول باص سابق في مجمع سفريات الزرقاء وانفردت "هنا الزرقاء" بنشر معلومات مفصلة حول قضيتها.

 

واضافت "نحن في بيوتنا لم نسمع ولا عرفنا عن تفاصيل الجريمة الا عندما وصلتنا -هنا الزرقاء-".

 

وفي اشارة الى التواصل الذي تخلقه الجريدة بين المسؤول والمواطن قالت ام صقر "كنا نتصل مع سلطة المياه لنطرح شكاوانا ولم تكن ترد علينا، لكن الآن وحتى لو لم ترد فلا مشكلة، اهاتف -هنا الزرقاء- والصبايا فيها يتولين الموضوع".

أضف تعليقك