مُسنّات بمركز الرعاية يروين ذكرياتهن عن رمضان ايام زمان

مُسنّات بمركز الرعاية يروين ذكرياتهن عن رمضان ايام زمان
الرابط المختصر

قديما، كان الناس "على باب الله"، كما تصفهم عائشة (74 عاما)، والتي تقيم منذ سنوات في مركز الأميرة منى الحسين للمسنات التابع للجمعية الأرثوذوكسية الخيرية، مضيفة انهم كانوا "يطبخون الموجود ويفطرون عليه، ولا يتكبرون على النعمة".

وتتابع العجوز التي لم ترزق بابناء من زوجها الراحل ودخلت الدار بعدما اعياها المرض ولم تجد من يرعاها، ان الناس كانوا سابقا سعداء وراضين برغم اوضاعهم الصعبة، والتي كانت تضطرهم الى "تخزين الفريكة والعدس وتجفيف البندورة والبامية استعدادا لرمضان" وخشية ان لا يجدوا ما يأكلونه خلال الشهر.

اما اليوم  فهم "محظوظون، لان كل شئ متوفر" لهم وفي كل اوان كما تقول.

وعائشة واحدة من 27 مسنة يقمن في المركز الوحيد من نوعه في الزرقاء، وهي مصابة بمرض السرطان، لكنها مع ذلك تحرص على الصوم وتتناول ادويتها عند الافطار ووقت السحور.

ومنذ وفاة زوجها قبل سنوات بعيدة، لم يعد لها احد على وجه هذه الدنيا سوى اخ يقيم في الضفة الغربية، وبعض الجيران الذين يواظبون على زيارتها في المركز بين الحين والاخر.

وفي مثل هذه الايام من رمضان، تتذكر عائشة كيف كان زوجها الراحل يعينها في اعداد طعام الافطار، واحيانا يتكفل باعداده كاملا بنفسه، وخصوصا حين يشتد بها المرض وتعجز عن مغادرة الفراش.

وبرغم العدد الكبير للمسنات حولها في المركز، والرعاية المستمرة التي تلقاها من العاملين، الا ان عائشة لا تخفي شعورها بالوحدة، حيث تقول انها لا تجد احدا تسامره وتتحدث اليه، حيث ان معظم زميلاتها النزيلات مصابات بالخرف او بامراض تحول دون قدرتهن على التواصل.

وبنبرة تنم عن حنين الى رمضان ايام زمان، تقول الحاجة خيرية، وهي كفيفة في اواخر العقد الخامس من العمر، ان الشهر الفضيل في ما مضى "كان احسن.. فالناس كانوا يشعرون ببعضهم ويتعاونون في ما بينهم، والجار يطعم جاره مما ياكله".

وبأسى، تضيف المسنة التي لم يسبق لها الزواج وكانت تعيش مع اخوتها قبل ان يجري ادخالها الى المركز عن طريق وزارة التنمية الاجتماعية "الان لا يدري الجار عن جاره اكان جائعا ام شبعانا".

وتشير الى ان اكثر ما تفتقده في رمضان هذه الايام هو "صوت المدفع والمسحراتي ولمة الاهل حول مائدة الافطار".

وكما تخبرنا الحاجة خيرية، فهي تمضي رمضان في المركز بين الصيام والتسبيح، وتحظى باستمرار بزيارات من اخوتها، الامر الذي يخفف كثيرا من شعورها بالوحدة.

برنامج ترفيهي
من جانبه، يوضح زايد حداد امين سر الجمعية الخيرية الارثوذكسية، ان المركز الذي تاسس عام 1965، اعد للنزيلات برنامجا ترفيهيا خلال رمضان، يشتمل في ابرز جوانبه على تنظيم رحلات الى مناطق سياحية، خصوصا للواتي تسمح لهن حالتهن الصحية بالخروج.

واضاف ان المركز يحرص على تقديم وجبتي الفطور والسحور لهن سواء كن صائمات اما لا، "فهن يفرحن بذلك"، اضافة الى ترتيب سهرات في قاعة التلفاز كنوع من الترفيه.

واشار زايد الى ان شهر رمضان يحفل في العادة بزيارات للنزيلات تنظمها العديد من الجمعيات والهيئات الخيرية، الامر الذي يترك اثرا طيبا في نفوسهن.

وبين ان المركز مخصص "لرعاية المسنين الذين لا يجدون من يرعاهم" مشددا على ان "المسن الذي له اهل فهم اولى برعايته".

وقال زايد ان كلفة رعاية المسنة تبلغ 270 دينارا شهريا، وهي اما ان يدفعها ذووها في حال كانوا مقتدرين، والا فان وزارة التنمية الاجتماعية تتكفل بها وبكافة النفقات الاخرى كالرعاية الصحية، والتي تكون من خلال المستشفيات الحكومية، في حين يتولى المركز متابعة تناولهن للعلاجات والادوية في اوقاتها المحددة.

ومن أصل 350 مسنا في دور الرعاية على مستوى المملكة، تتكفل وزارة التنمية بنفقات رعاية 150 منهم.

وتتنوع الاسباب التي قادت كلا من النزيلات الى دخول المركز، فمن ابناء عاقين ركنوا الى دعة الحياة مع زوجاتهم على حساب امهاتهم، الى ازواج طلقوهن لاجل اخريات، الى ظروف خارجة عن المالوف كانقطاع الصلة بينهن واي قريب في الدنيا.

وتقوم وزارة التنمية في بعض الحالات باتخاذ قرار ايواء المسن في دار الرعاية ودون موافقة ذويه، اذا ما تاكد انه يتعرض لسوء معاملة من قبلهم.

وكما يؤكد زايد، فان "بعض المسنات وصلن المركز وهن في حال يرثى لها، بعد ان ابلغ مواطنون عنهن".

وعلى صعيدها، قالت مديرة المركز كفا حداد انهم اعدوا برنامجا غذائيا في رمضان "يحرص على تامين الاكل الصحي للمسنات مع ان عدد اللواتي تسمح ظروفهن (الصحية) بالصيام هو ست فقط".

واشارت الى ان هناك مسنات في المركز يزورهن اهلهن وذووهن باستمرار، لكن هناك في المقابل من لم يحظين بزيارة واحدة منذ سنين.

وبينت حداد ان معظم النزيلات مريضات او مقعدات، ولذلك "يوجد فريق عمل لمساعدتهن وهو يتالف من مجموعة من العاملات اللواتي يقمن على رعايتهن واطعامهن وتنظيفهن".