تزامن دخول شهر رمضان هذا العام مع بدء امتحانات الشهادة الثانوية العامة (التوجيهي) للدورة الصيفية، وذلك للمرة الاولى منذ سنوات، الامر الذي شكل ضغطا مضاعفا على الطلبة واهاليهم في نفس الوقت.
وشهدت الايام الاولى لرمضان ما يشبه حالة الطوارئ المعلنة في البيوت التي فيها طلبة يؤدون امتحانات التوجيهي، والتي انطلقت في 15 حزيران وتستمر حتى يوم 28 منه، والذي يوافق اليوم الحادي عشر من الشهر الفضيل.
فقد امتنع الاهالي عن اصدار وقبول دعاوى الافطار، كما عمدوا الى تغيير كثير من الطقوس الاعتيادية خلال الايام العشر الاولى من شهر الصيام، خشية انعكاس كل ذلك سلبا على اداء ابنائهم واستعداداتهم للامتحان.
كما ان الطلبة انفسهم لم يخفوا شعورهم بالقلق وزيادة الضغط والتوتر نتيجة اضطرارهم الى تادية الامتحان وهم صائمون، وبعد ان يكون الاجهاد قد نال منهم لتمضيتهم ليل رمضان القصير وهم سهارى حتى السحور.
وعن ذلك قالت الطالبة ثراء مراد "ما يثير رعبي هو احتمال ان اصاب بحالة هبوط في ضغط الدم خلال الامتحان، وحينها لا ادرى ماذا سيحصل لي؟"، مناشدة المسؤولين في وزارة التربية ان "يراعوا مسألة تقديم الطلبة للامتحان في رمضان" عند تصحيح الاوراق.
ومن جهتها، اكدت الطالبة هيا شنك انها استعدت جيدا للامتحانات "لكن الخوف هو من اننا سنقدمها خلال رمضان، وهو شهر يتحول فيه ليلنا الى نهار ونهارنا الى ليل، ومهما درسنا، فان الرهبة تظل قائمة، ولا اقول سوى: ربنا يستر".
حقائق ونصائح
من جهته، اوضح الطبيب العام مفيد ضمرة بعض الحقائق المتعلقة بآلية تخزين واسترجاع المعلومات في الدماغ، مقدما في السياق جملة نصائح للطلبة حتى يتفادوا الاثار السلبية التي قد تنجم عن العادات الغذائية غير الصحية في رمضان.
وقال ضمرة ان "الجهاز العصبى والدماغ عادة ما يخزنان المعلومات من اجل استرجاعها عند الطلب، ولذا يجب على الطالب ان يريح جسمه قبل الامتحان بالنوم الكافى وليس السهر المرهق حتى يتمكن من جلب المعلومات من دماغة وقت الامتحان".
واضاف ان "التوجيهى يفرض حالة طوارئ فى المنزل تشمل الكبير والصغير، ما يسهم في تعزيز ما بات يسمى فوبيا (رهاب) الامتحان، والطلبة بحاجة لدعم الاهالى في هذه المرحلة حتى لا يصابوا بحالة توتر هم في غنى عنها".
ولفت ضمرة الى ان "فصل الصيف يكثر فيه تعرق الجسم، ولذلك، على الطالب التركيز على وجبة السحور وشرب الماء الكافى حتى يعوض نقصه فى النهار، وايضا الابتعاد عن الاجهاد لانه يستهلك طاقة وسوائل الجسم".
وشدد على ان "السحور ضروري لكل طالب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: تسحروا فان فى السحور بركة. وهذه فرصة لتناول سوائل كافيه حتى يكون لنا احتياطي منها فى فتره النهار".
وحذر ضمرة الطلبة من "تناول الاشياء التى تزيد من حاجة الجسم للسوائل، كالموالح، فضلا عن المنبهات مثل الشاي والقهوة"، ونصحهم بتناول "عصير قمرالدين وعصير السكر والليمون والمياه العادية، وبمعدل كأسين على الاقل".
واكد كذلك ان "الاطعمة الدسمة والوجبات السريعة تؤثر سلبا على الذاكرة لاحتوائها على دهنيات مشبعة تتطلب عمليات هضم مرهقة ومتعبة، بينما الجسم ودماغ الطالب بحاجة الى السكر والاكسجين حتى يستطيع العمل بشكل صحيح".
توتر وضغط
الخوف من الرسوب والشائعات التي تترافق عادة مع امتحانات التوجيهي، تلعب دورا ايضا في زيادة مستويات التوتر والضغط النفسي لدى الطلبة، كما يوضح مصطفى عبدالرزاق مؤسس مبادرة “ضد الخوف والقلق والضغط المجتمعي” التي اطلقها مجموعة من معلمي الثانوية العامة في الزرقاء.
وقال عبدالرزاق ان "ابرز المخاوف التى يعانى منها الطلبة ناجمة في المقام الاول عن ان التوجيهي بحد ذاته اصبحت له فوبيا تحمل اسمه، ولا تقتصر على الطلبة فحسب، بل وتشمل الاهالي والمجتمع ككل"، مبينا ان هذا الرهاب مكمنه "خشية الطلبة من الرسوب وعدم التمكن من الوصول الى الجامعة، ما يولد لديهم التوتر والشعور بالضغط النفسي".
واضاف ان "من الامور التى تؤثر في طلبتنا ايضا الشائعات التى تظهر اثناء تقديمهم لاي امتحان، حيث ينشغل الطالب بها عن دراسته"، مشددا على ضرورة ان "لا يلتفت الطالب للشائعة بل الى دراسته وامتحاناته فقط".
واشار كذلك الى ان كثيرا من "الطلبة لا ياخذون كفايتهم من النوم قبل الامتحان، وهذا ما يزيد من القلق والتوتر، وعلى كل طالب ان يزيد ثقته بنفسه حتى يستطيع ان يجتاز اصعب المراحل فى الامتحانات".
وبدوره ايضا، حذر عبدالزراق من "الانتهاكات التي يرتكبها الطلبة بحق انفسهم من خلال تعاطي المنبهات التي يلجأون اليها حتى يستطيعوا مواصلة السهر والدراسة، حيث انها تزيد من شعورهم بالارهاق والضغط وتؤثر سلبا في قدرتهم على التركيز".
كما دعا الاهل الى "تخفيف الضغط على ابنائهم وعدم تحميلهم فوق طاقتهم، والابتعاد عما يشعرهم بان هناك حالة استنفار في البيت تحت شعار: في بيتنا توجيهي وغيرها"، مقرا في الوقت نفسه بان هذه هي اول تجربة للامتحان خلال رمضان منذ سنوات طويلة، ومن الطبيعي ان يكونوا قلقين، لكنهم سيعتادون الامر بعد الامتحانات الاولى".
هدوء وسلاسة
على صعيده، اكد مدير تربية الزرقاء الاولى هايل طرمان الازايدة ان مديريته استعدت للامتحانات بكامل طاقاتها البشرية والمادية وايضا من ناحية البنية التحتية، مشير الى انها تعقد في 19 قاعة مركزية ضمن المديرية تتفرع عنها 75 قاعة للطلبة الذكور والاناث المنتظمين وضمن الدراسة الخاصة.
واكد الازايدة ان الامتحانات سارت في ايامها الاولى بهدوء وسلاسة، حيث لم تشهد قاعات الامتحانات اي تجمهر او ازعاجات، مبينا انه تمت مراعاة ان تكون المدارس التي تعقد فيها الامتحانات قريبة من اماكن سكن الطلبة والمراقبين.
ولفت الى ان عدد الطلبة المشاركين في الامتحانات يبلغ 9828 منهم 4835 طالبا و4993 طالبة من كافة الفروع، فيما يتابع سيرها نحو 1200 رئيس قاعة ومراقب واداري وفني من الوزارة، مشيرا الى انها تعقد على فترتين: الاولى من الساعة الحادية عشرة والثانية من الساعة الواحدة والنصف.
وقال الازايدة انه تم تزويد القاعات باعداد كافية من المراوح حرصا على راحة الطلبة في هذه الاجواء الحارة، كما اتخذت اجراءات مشددة لضمان نزاهة الامتحانات، ومن ضمنها توزيع اقلام موحدة على الطلبة، ومنع دخول اي منهم بعد فتح اوراق الاسئلة، وعلى ان يكون الدخول بناء على البطاقة الشخصية.
وكانت المديرية وزعت ارشادات على الطلبة والمراقبين بخصوص هذه الاجراءات، والتي تشمل كذلك منع ادخال اي نوع من انواع اجهزة الاتصالات ومنها الاجهزة الخلوية الى القاعات، وتشغيل اجهزة تشويش فيها منعا لاية حالة غش الكترونية.
وقد اثبتت مثل هذه الاجراءات نجاحها في ضبط عمليات الغش وتقليصها خلال دورة الامتحانات السابقة.