صوت المسحّر يخفت عاما بعد آخر في الزرقاء
عاما بعد اخر، يخفت صوت المسحر ويختفي من شوارع وازقة الزرقاء، متحولا تدريجيا الى مجرد صدى من ماض حميم طالما ميز رمضانات المدينة.
اليوم لم تعد نداءات المسحر العذبة تسمع سوى في احياء تكاد تعد على اصابع اليد الواحدة، وحتى في هذه تجد من يستهجن مهنته في زمن اصبحت تؤدي فيه منبهات الساعات المهمة، كما بات يندر ان ينام الناس قبل السحور.
يقول هشام خالد بدوي (50 عاما) ان "العصر الذي نعيشه هو عصر الانترنت والمنبهات والفضائيات ونظل ساهرين حتى وقت السحور، وبالتالي فوجود المسحر مثل عدمه".
ومع ذلك، فان بدوي لا يخفي حنينه الى اجواء رمضان العتيقة التي كان المسحر والمدفع من ابرز اركانها.
ويتبدى هذا الحنين ايضا في حيث خليل احمد (67 عاما) والذي قال ان شخصية المسحر "قديمة جدا في مجتمعنا العربي الاسلامي وكنا نستقبلها بفرح كبير لانها تعطي رمضان بهجة ورونقا".
واضاف "كنا صغارا ننتظر قدوم المسحر ومدفع رمضان، واليوم الذي لا نسمع فيه صوت المسحر يكون حزينا جدا لسببين اولهما اننا فاتنا متعة مشاهدته وسماع نداءاته، وثانيها اننا سنكابد صوم نهار طويل دون سحور".
ويرى خليل ان حضور هذه الشخصية التراثية اخذ يتضاءل تدريجيا في الاعوام الاخيرة لان معظم الناس باتوا يسهرون حتى اوقات متاخرة في وجود التلفزيون، كما ان هناك الساعات المنبهة التي توقظهم وقتما يريدون.
وفي الوقت الذي تمنى فيه استمرار حضور المسحر في رمضانات الزرقاء، الا انه توقع اختفاءه "كما حصل مع شخصية الحكواتي التي انقرضت الان بوجود التلفاز والاذاعة اللتين حلتا مكانها".
ويتحدث صلاح ابو النجم عن الاحترام الذي كان الاهالي يكنونه للمسحر ويقول "عندما يحضر كنا نقدم له شراب السوس او الشاي او فنجان قهوة، وندعوه ليتسحر معنا، وفي اول ايام العيد كنا ننتظر قدومه لنضع في سلته المعمول والكعك والعيدية".
اما في هذه الايام، فقد باتت مهنته محفوفة بالمخاطر حيث يتعرض لاعتداءات من "الزعران" ولا يتورع الاطفال عن قذفه بالحجارة، ودون مراعاة لحرمة رمضان، على حد تعبير ابو النجم.
حسن الحلو قال هو الاخر انه كان شاهدا على اعتداء تعرض له المسحر من الصبية والاطفال في احد الاحياء، ويصف كيف كان الرجل يفر باقصى سرعته من الحي للخلاص بنفسه من حجارتهم.
ومن جهتها، قالت ام جمال ان المسحر لا ياتي الى حيهم الا ابتداء من النصف الثاني من رمضان، وتمنت لو انه يحضر في كل ايام الشهر لانه يذكرها باجواء رمضان العتيقة التي تشعر باشتياق اليها.
إستمع الآن