صدمة واستهجان في الزرقاء بعد فشل الامتحان التحصيلي

صدمة واستهجان في الزرقاء بعد فشل الامتحان التحصيلي
الرابط المختصر

تسود حالة صدمة واستهجان في اوساط مواطنين وذوي طلبة بمحافظة الزرقاء في اعقاب الفشل المدوي لتجربة الامتحان التحصيلي الموحد، والذي نظمته وزارة التربية لطلبة الصفين السادس والتاسع مطلع الشهر.

 

وكانت الوزارة قد سارعت الى الاعلان ضمنا عن الغاء نتائج الامتحان، بعدما اقرت بحصول عمليات تسريب واسعة لاسئلته، متهمة مدارس خاصة بالمشاركة فيها عبر تلقين الاجابات للطلبة بصورة ممنهجة.

 

ونقلت صحيفة "الرأي" الرسمية عن مسؤول في وزارة التربية قوله ان الوزارة اتخذت قرارا بعدم احتساب علامات الامتحان التحصيلي والاكتفاء بوضع علامة نسبية للفصل الرابع من العام الدراسي وفقا لمجموع علاماته المدرسية.

 

وجنح المسؤول الى التهوين من انتكاسة الامتحان الذي يعقد لاول مرة وقدمه نحو 20 الف طالب وطالبة في الزرقاء، معتبرا ان "من الطبيعي ان تشوب الامتحان في اول تجربة اخطاء عدة"، ومؤكدا ان "الوزارة لن تتراجع" عن تنظيمه العام المقبل.

 

خيبة امل

سوزان جمعة، وهي والدة لطالب في السادسوطالبة في التاسع، وصفت ما اعترى مسار الامتحان من تسريب للاسئلة وعمليات غش واسعة شاركت فيها مدارس كما تقول الوزارة، بانها شكلت بالنسبة لها "صدمة كبيرة وخيبة امل عظيمة".

 

واكدت جمعة ان "لا شئ يبرر ان يحدث ما حدث من تسريب للاسئلة، فهذا امتحان وضع من اجل قياس قدرات الطالب من جهة، ومن جهة اخرى من اجل تعويده على جو الامتحانات العامة وتحضيره لامتحان الشهادة الثانوية".

 

واعلنت الوزارة لدى اقرارها خطة الامتحان الذي شمل مباحث العربية والانجليزية والرياضيات والعلوم، انه ياتي ضمن خطة تطوير مفهوم التعليم وبهدف تعويد الطلبة على الامتحانات العامة، والزام المعلم بإكمال المنهاج المدرسي.

 

وابدت جمعة استغرابها من عدم قيام وزارة التربية بالغاء الامتحانات التي كان يجري تسريب اسئلتها قبل ليلة من عقدها، وبحيث انها كانت نتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، لا بل وتباع في المكتبات بسعر زهيد.

 

وطالبت بان "يتم الغاء نتائج الامتحان واعادته لجميع الطلبة"، واصفة المدارس التي اقدمت على تسريب الاسئلة لطلبتها بانها "تخلت عن ضميرها المهني".

 

بدورها قالت الطالبة يمنى احمد  في الصف السادس ان زميلة لها كانت اخبرتها ان في حوزتها اسئلة امتحان العلوم وارسلت لها صورة عنها عبر "الواتس اب"، موضحة انها تشككت في مصداقيتها بادئ الامر، لكن تبين يوم الامتحان ان الاسئلة هي نفسها بالفعل.

 

واضافت "هذا الامر جعلني حزينة لانني امضيت وقتي طوال العام في الدراسة والجد والاجتهاد لاجد ان من لم يتعب قد حصل على نفس علامتي في اخر الفصل".

 

ويؤكد احمد عبدالحليم، وهو ولي امر طالبين في الصفين السادس والتاسع، ان الاسئلة المسربة كانت قد وصلته لكنه عمد الى اخفائها عن ابنيه انطلاقا من رفضه المبدئي للغش.

 

وقال عبدالحليم "تسريب الاسئلة كان حديث الشارع في تلك الايام، ووصلتني النماذج بطرق شتى مثلي مثل غيري من المواطنين، ولكنني لم ارغب ان يستلم مني اولادي نماذج الاسئلة المسربة".

 

ووصف ما حدث بانه "امر مسئ لوزارة التربية والتعليم"، معتبرا انه "كان لا بد من ايجاد حل فوري لما حدث وعدم السماح بعقد امتحان اسئلته بين يدي الطلبة مسبقا.. كان ممكنا وضع امتحان ثان بشكل عاجل".

 

عدم جدية

ورأى مشرف تربوي فضل عدم نشر اسمه انه "كان هناك عدم جدية في التعامل مع الامتحان، حيث لم يتمتع بالسرية والتغليف الجيد والتصوير للاسئلة في ادارة الامتحانات، وهذه كانت اسباب موجبة لما حدث ولان تتسرب الاسئلة بسهولة الى ايدي الطلبة والمدارس والاهالي".

 

وقال ان فشل الامتحان ادى الى "فقد الثقة بين الطلبة وزارة التربية، وفي حال تكرر عقد الامتحان العام القادم فلن يأخذه الطلبة على محمل الجد، ولن يستعدوا له بالدراسة الجدية لاعتقادهم بسهولة الحصول على الاسئلة".

 

سهيلة التلاوي، مديرة مدرسة "الاميرة رجوة" الخاصة، قالت ان مدرستها من بين المدارس المتهمة بتسريب الاسئلة، وهو الامر الذي اكدت انه "عار عن الصحة".

 

وقالت التلاوي ان "وزارة التربية تشير باصابع الاتهام الى المدارس الخاصة باعتبارها تقف وراء تسريب الاسئلة.. ونحن نطالب وزير التربية بالكشف عن اسماء هذه المدارس ومحاسبتها علنا وبان يكون هنا عقاب رادع لها".

 

واوضحت انه في "يوم امتحان مادة العلوم فوجئنا ان بحوزة طلبتنا أسئلة الامتحان ونموذج الاجابة الصحيح كذلك، وهذا شكل لنا صدمة، لانه يعني ان العلامات ستكون مضللة ولن تشكل دلالة حقيقية على قدرة الطالب".

 

واكدت التلاوي ان مدرستها طبقت امتحان الوزارة على الطلبة رغم "عدم اقتناعها بكل ما كان يجري"، مشيرة ايضا الى ان "عملية تصحيح الامتحان المسرب اكتنفها كثير من الاحباط من قبل المعلمين، وبالتالي لم تحظ بالدقة المعتادة".

 

وتكشف معلمة مدرسة خاصة طلبت عدم نشر اسمها عن ان "الادارة وصاحب المدرسة اجبرا المعلمات على مناقشة الاسئلة مع الطلبة والقيام بحلها كاملة لهم قبل الامتحان"، مضيفة ان "هناك ايضا طلبة ارسلوا الاسئلة الى معليمهم عبر فيسبوك قبل الامتحان بيوم".

 

واكدت هذه المعلمة انها لم تكن راضية عما يحدث "لكن لم يكن لدي خيار في القبول او الرفض حيث ان ذلك سيؤثر على تجديد عقدي مع المدرسة".

 

وتابعت انه "عند تصحيح االامتحان لاحظت ان بعض الطلبة قد بصموا ورقة الاسئلة، حتى انهم وضعوا العلامات لانفسهم في ورقة الاجابة وصححوها قبل المعلم، وفي النهاية وجدنا ان اضعف الطلبة تحصيليا هم من احرزوا اعلى العلامات".

 

صراع الوزارة والنقابة

وعلى صعيده، اعتبر الناشط السياسي عامر سمارة ان الامتحان التحصيلي قد حقق هدفه برغم كل شئ، وان جدل التسريب والغش لا يخرج عن نطاق "الصراع الخفي بين النقابة ووزارة التربية".

 

وقال سمارة ان "ما جرى هو تهويل اعلامي من قبل وزارة التربية لموضوع تسريب اسئلة الامتحان، وانا اعتقد ان الوزارة قد حققت الهدف الاساسي من عقد هذا الامتحان، وهو تدريب الطلبة على تقديم الامتحانات العامة".

 

واضاف "نحن نعلم ان منظومة التعليم في الاردن منقسمة الى جزئين: الأول يتعلق بوزارة التربية والثاني بنقابة المعلمين. والصراع الخفي بين النقابة وبين وزارة التربية هو اساس هذه القضية".

 

واوضح سمارة ان "لب الموضوع هو اتخاذ وزير التربية قرار عقد الامتحان دون الرجوع الى النقابة، ما دفع النقابة لاحداث هذه الضجة الاعلامية من خلال المعلمين، بالرغم من ان قانون النقابة يمنع تدخلها في السياسات التعليمية".

 

وعبر سمارة عن اعتقاده بان من سرب الاسئلة "لن يكون بعيدا عن محيط اعضاء النقابة من الاداريين او من المعلمين"، مبينا ان "اي موظف في وزارة التربية مهما اختلف مسماه الوظيفي، اداريا كان ام اشرافيا، هو بالضرورة عضو نقابة".

 

ورأى ان "طريقة وضع الاسئلة في مغلف وابقائه ثلاثة ايام قبل الامتحان وتسليم كافة الاسئلة دفعة واحدة، يعني شيئا واحدا وهو ان وزارة التربية لم تعط هذا الامتحان اهمية امتحان التوجيهي من حيث السرية الكاملة والحرص الشديد".

 

وخلص سمارة الى ان "هذا التسريب اثر على المنظومة التعليمة وعرضها للخسارة، والذي سيخسر اكثر واكثر هو سمعة التعليم".