رمضان بطعم الغربة والحنين للوطن في "مريجيب الفهود" - فيديو
يمر نهار رمضان بطيئا ورتيبا على اللاجئين السوريين في مخيم "مريجيب الفهود"، والذين لا تخطئ الاذن عمق الحنين في نبراتهم وهم يتحدثون عن اجواء الشهر الفضيل في الوطن.
وخلال ساعات الظهيرة التي بشتد فيها الحر، تكاد الحركة تتوقف في ارجاء المخيم الذي يضم نحو اربعة الاف لاجئ ويقع في منطقة صحراوية على بعد 25 كيلومترا الى الشرق من مدينة الزرقاء.
وسوى من قلة يجوبون ممرات المخيم الممتد على 250 دونما، من اجل قضاء بعض الحوائج، فان غالبية اللاجئين يفضلون ملازمة كرفاناتهم اثناء النهار، حيث يمضون اوقاتهم في مشاهدة التلفاز او قراءة القرأن، او في مجرد الاستسلام للاسترخاء ريثما يحين موعد الافطار.
ويمتاز المخيم الذي تديره هيئة الهلال الاحمر الاماراتية عن مخيمات اللاجئين السوريين الاخرى في الاردن، بوفرة الأسواق التجارية فيه وكذلك المرافق الترفيهية ومتنزهات الأطفال، وحتى خدمة توصيل الطعام.
وكان الهلال الاحمر الاماراتي قد اشرف من خلال فريق الاغاثة التابع له في الاردن على بناء وتوفير كافة احتياجات المخيم الذي يشتمل على 960 كرفانا، وافتتح رسميا في نيسان 2013.
وقبيل بدء رمضان، سعت ادارة المخيم الى وضع برنامج انشطة تتناسب مع الشهر الفضيل، بهدف ملء اوقات اللاجئين والتخفيف من شعورهم بالغربة.
وقال مدير المخيم هادي الكعبي ان هذه الانشطة منها ما هو نهاري واخر ليلي، وهي تتنوع بين الثقافية والدينية والترفيهية والرياضية.
واوضح ان ادارة المخيم كانت وفرت شاشة تلفزيونية كبيرة من اجل اتاحة المجال للاجئين لمتابعة مباريات كاس العالم، كما عملت على تشكيل فرق واجراء منافسات بينها في رياضات كرة القدم والكرة الطائرة وكرة الطاولة والشطرنج وغيرها.
وقال الكعبي انهم ينظمون في بعض الاحيان افطارات جماعية للاجئين من اجل تعزيز جو الالفة بينهم، اضافة الى اللقاءات في المساجد بالنسبة للذكور، اما الاناث، فقد بنيت لهن خيمة كبيرة لتمكينهن من اداء الصلوات ومن بينها صلاة قيام الليل.
وبعبارات تعكس شعوره بما يعتمل في صدور اللاجئين من حزن لامضائهم الشهر الفضيل بعيدا عن الوطن، قال الكعبي "هذا العام قضينا رمضان في هذا المخيم، ونتمنى ان شاء الله من كل قلبنا لاخواننا السوريين ان يكون رمضان القادم داخل بلدهم وبين أهلهم في أرضهم".
الحاجة فريدة
بين كارافانات المخيم المجزأ الى سبع حارات، وجدنا اللاجئة الحاجة فريدة، والتي اتضح ان لها من اسمها نصيبا فعلا، حيث انها الوحيدة في المخيم التي منحت كرفانا خاصا لا يشاركها فيه احد.
وحصلت فريدة على الكرفان كجائزة على حفظها عشرين جزءا من القرآن خلال احدى دورات التحفيظ التي تعقدها ادارة المخيم.
كانت في ما سبق تسكن مع اختها وابناء اختها في كرفان واحد، أما الآن فقد اصبحت الاخت جارتها، ولكنها تشاركها وجبة الافطار باستمرار حتى لا تشعر بالوحدة.
تقول فريدة القادمة من مدينة داعل في محافظة درعا بجنوب سوريا انها جاءت الى المخيم اوائل رمضان العام الماضي "وها هو رمضان يأتى مجددا وانا هنا".
وكما تخبرنا، فهي منقطعة عن بقية الجارات ولا تحب التزاور معهن، وتمضي جل وقتها في الكرفان تقرأ القرآن، واذا تعبت فهي تلجأ الى التسبيح.
لكنها تؤكد لنا ان الحال معها كانت مختلفة وهي في سوريا، حيث تقول "كنا نجتمع مع بعضنا في السهرات التي نمضيها خارجا في الصيف، وكنا نجلس على المصطبة امام باب بيتي، وكانت اخواتي واخوتي وابناؤهم يزورونني على الدوام".
وفيما هي تتذكر تلك الايام، لم تتمالك فريدة نفسها، فدمعت عيناها وقالت "الله يرجعنا على بلادنا".
وبعدما صمتت لبرهة استردت فيها توازنها، عادت فريدة لتتحدث عن ظروف حياتها في المخيم، ولكن بنبرة فيها تفاؤل هذه المرة، وكان الطعام هو اول ما قفز الى ذهنها.
وقالت "الأكل يأتينا جاهزا، لكن نحن نمل احيانا لذلك نطبخ بانفسنا، يوجد هنا سوبرماركت لمن يريد ان يشتري سواء كوسا او بامية".
ويوجد في المخيم مطبخ ضخم مهمته اعداد وتوصيل الوجبات الى اللاجئين في كرفاناتهم، ولكن ادراك الادارة ان البعض ربما يفضل ان يطهو بنفسه، جعلها تخصص مطبخا وضعته في تصرف اللاجئات من اجل اعداد ما يشأن من طعام.
افتقد بيتنا
بعيد مغادرتنا كرفان الحاجة فريدة صدفنا مجموعة من اللاجئات الشابات كن يحملن كراريس في ايديهن، واخبرننا انهن عائدات من حصة دورة حاسوب في المخيم.
ترددن في الحديث، لكن احداهن وهي شابة من دمشق في الثامنة عشرة من عمرها، تجاسرت ووافقت على ذلك بعد اشتراط عدم نشر اسمها.
سالناها كيف تمضي رمضان في المخيم؟، فقالت الفتاة التي حضرت الى المخيم منذ حوالي العام "استيقظ في الصباح وانهي امور المنزل، بعدها أذهب لدورة الحاسوب، ومنها الى الصالة لبعض الوقت قبل ان اعود الى الكرفان وامكث في انتظار اذان المغرب".
واضافت "طبعا لا نطبخ لأن الطعام يأتينا جاهزا، وبرغم كل هذا الا انني افتقد بيتنا ولمة أهلي على الفطور وسهراتنا خارج البيت، حتى طبيخنا افتقده".
وأمام احد الكرفانات التقينا ام وسيم، وهي مديرة مدرسة سابقة في سوريا، وكانت في طريقها لزيارة شقيقتها التي تقيم في كرفان قريب.
وبحزن قالت ام وسيم التي لجأت الى الاردن مع قسم من ابنائها وبناتها "هناك في سوريا بيوتنا، أرضنا، وزوجي هناك ايضا، ولي كذلك بنات واولاد متزوجون هناك".
وبجانب كرفان اخر جلست لاجئات يتبادلن الحديث، ولما سالناهن كيف هو رمضان هنا، وكيف كان في سوريا، قالت احداهن وهي ام مراد "هنا نستيقظ وننهي أعمالنا ونرتاح بالكرفانة قليلا، وقبل الفطور نجهز التبولة والسلطة وهم يحضرون لنا وجبات من المطعم الرئيسي".
واضافت "نشتاق لأجواء رمضان في سوريا فهي هناك مختلفة، كانت هناك أسواق ومطارح كثيرة نعيش فيها أجواء رمضان الحقيقية. نشتاق لأكلاتنا في رمضان، اما هنا، فخروجنا من المخيم صعب، خاصة وان الجو حار والناس صائمون".
وخلال مغادرتنا، اكد لنا عبد الله محمد شهاب وهو من الغوطة الشرقية وقدم الى المخيم منذ قرابة ثمانية أشهر ان "الاحوال (في المخيم) مستورة الحمد لله، ولا ينقصنا سوى بلادنا".
إستمع الآن