راتب الزوجة حين يتحول إلى نقمة !
عاد زوجها بعد سنوات امضاها خارج البلاد فارا من الملاحقة على خلفية قضية شيكات، ولما وجدها اصبحت تعمل لتنفق على البيت، صار يستولي على راتبها، ولا يعطيها منه سوى خمسة دنانير مع عبارة " تمصرفي فيهن " !.
عند عودته، ظنت (غ) وهي في العقد الرابع من عمرها، ان راتبها سيغدو نعمة، حيث انه سيضاف الى الراتب الذي سيجنيه من عمله هو ايضا، ما سيجعل اوضاع الاسرة المالية تتحسن كثيرا...
لكن ما حصل كان معاكسا تماما، حيث بات يتكل على راتبها للانفاق على نفسه وعلى البيت، ويعمل يوما ويقعد عشرا.
وهكذا، تحول راتب (غ) من نعمة الى نقمة، ولاحقا الى سبب لطلاقها منه بعد معاناة لم يسلم منها ابناؤها وبخاصة البنات.
وتروي هذه المرأة قصتها التي تتماثل مع قصص كثير من النساء العاملات في الزرقاء، مع اختلافات في بعض التفاصيل، وتقول "بعد فراره لم يكن امام سوى البحث عن عمل من اجل الانفاق على نفسي وابنائي الخمسة، وهم ثلاثة اولاد وبنتان".
وتضيف انها وفقت في العثور على وظيفة براتب متواضع يبلغ 220 دينارا، ولكنه كان كفيلا باغنائها عن سؤال الناس.
وتتابع "وفجأة رجع زوجي وعرف انني اعمل، فوافق على أستمراري في الوظيفة بشرط أن يتسلم هو الراتب لينفق منه على احتياجات البيت، ولم أعارض، فلا مشكلة عندي طالما ان النقود ستذهب لهذه الغاية".
استغلال واتكالية
لكن ما حصل بعد ذلك اشعر (غ) بالغبن وادخل المرارة الى نفسها، حيث ان زوجها ذا الطبع الشرس كما تصفه، لم يكن يمنحها من راتبها الذي تجنيه بتعبها وعرق جبينها سوى خمسة دنانير فقط!
واكثر من ذلك، كان يتمنن عليها بهذه الدنانير القليلة، قائلا لها في كل مرة يعطيها اياهن "خذي اتمصرفي، مسامحك فيهن"!
وخلال الشهور التالية، اخذ يعمل بائعا متجولا على مركبة ولكن بصورة متقطعة، وكان معتادا على ترك العمل حين يأزف موعد راتبها هي، حيث يتكل عليه في الانفاق على نفسه وعلى البيت، ويمضي بالتالي اياما كثيرة من الشهر بلا عمل.
وخلال تلك الايام كان طبعه يزداد سوءا، فيلجأ الى افراغ ضجره واحباطه فيها وفي ابنائهما، ولم يكن يتواني عن ضربهم في كثير من الاحيان.
وتقول (غ) بأسى انها اضطرت الى الانصياع لرغبة بنتيها ووافقت على تزويجهما في اعمار صغيرة، حيث كانت احداهن في السادسة عشرة والاخرى في السابعة عشرة، وذلك من اجل اراحتهن من جحيم ابيهن.
وتضيف انها لجأت مرات عدة الى ادارة حماية الأسرة في مديرية الامن العام، وكان في كل مرة يتعهد بالتوقف عن ضربها هي وابناءهما، لكنه سرعان ما يعاود الكرة، حتى وصلت مرحلة لم تعد قادرة فيها على الاستمرار، فسعت الى الطلاق.
وحتى بعد خلاصها منه، الا ان الاعباء المالية التي رتبها عليها لا تزال تلاحقها كما تقول، فهي ملتزمة بدفع 110 دنانير شهريا، هي قسط قرض كان اجبرها على الحصول عليه من البنك.
"راتبي حقي"
من جهتها ايضا، تشكو (ي) من اتكالية زوجها على راتبها، لدرجة انها تتمنى لو لم تحصل على وظيفتها الحكومية التي تعمل فيها حاليا.
وتقول هذا المرأة، وهي في الرابعة والثلاثين من عمرها ولها ثلاثة ابناء "انخرطت في العمل منذ ثماني سنوات، وقبلها كان زوجي ملتزما بكل شيء، لكن بعد الوظيفة اصبح الامر كما لو انه نقل مهام، حيث بات كل شئ من مسؤوليتي انا".
وتضيف انها حاولت مرارا اقناعه بان الانفاق على البيت واجبه ومسؤوليته، وان راتبها هو ملكها الخاص، ولكن دون جدوى.
وتوضح "كنا نتحدث في هذا الموضوع ونتفق عليه، ويقول انه لا علاقة له براتبي، لكنه مجرد كلام نضحك به على انفسنا، فالأمور واضحة، حين يكون مقترضا على راتبه، كيف سنصرف على البيت؟ حتى لو قال لي اتركي العمل، كيف سننفق؟".
وتشكو (ي) من ان شهورا قد تمر دون ان تتمكن من الحصول لنفسها على دينار واحد امن راتبها الذي يبلغ 330 دينارا.
وتقول "أحيانا أشعر انني انفق صفرا من راتبي" وتضيف موجهة حديثها الى الازواج "الانفاق مسؤولية الزوج وحده، واذا احتاج، فعليه ان يترك المجال لزوجته حتى تساعد، ولكن باريحية، ودون ان تصبح ملزمة بذلك، فهذه ليست مسؤوليتها".
موقف الشرع
ما ذهبت اليه (ي) هو امر يؤكد عليه الشرع كما يبين المفتي في دائرة افتاء الزرقاء الدكتور محمد بني طه.
وقال بني طه ان " الإسلام أعطى للمرأة حق التملك كما للرجل، فللمرأة سواء كانت أما أو أختا أو بنتا أو زوجة، ذمة مالية مستقلة، وهي حرة في ملكيتها".
واضاف ان "الشرع ضمن للمرأة حقها في النفقة من مال زوجها سواء كانت ذات مال أو كانت عاملة وتكتسب راتبا"، مشددا على ان "كل انسان ينفق من ماله، باستثناء الزوجة، فنفقتها من مال زوجها".
واوضح بني طه مسألة تتعلق بما وصفه فهما خاطئا لدى بعض الزوجات العاملات اللواتي يقعن احيانا في حيرة من امرهن بين مساعدة الزوج في مصاريف البيت، وبين مساعدة الاهل ماليا من باب البر و رد الجميل.
وقال انه "لا يجوز للوالدين في حال كانا موسرين الأخذ من مال أبنائهما إلا بطيب نفس منهم، وهناك حديث شريف: -أنت ومالك لأبيك.- وهذا يفهمه الكثيرون ويحتجون به احتجاجا مغلوطا".
وتابع "نعم انت ومالك لأبيك، ولكن في حال كان الوالد أو أحد الوالدين فقراء، وحينها تكون البنت مكلفة بالإنفاق مثل الولد".
إستمع الآن