درس "العجلوني" ينكأ جراح التطبيع في الاردن

درس "العجلوني" ينكأ جراح التطبيع في الاردن
الرابط المختصر

شكل حذف الحكومة مؤخرا درس الشهيد الطيار فراس العجلوني احدث حلقة في مسلسل تطبيع المناهج في الاردن، والذي انطلق مع اتفاقية سلام وادي عربة التي اتضح بعد عشرين عاما من توقيعها ان المستفيد الوحيد منها هو اسرائيل.

 

وكانت وزارة التربية بررت قرار حذف درس العجلوني، احد ابرز ابطال حرب حزيران 1967، بانه جاء ضمن خطة تستهدف جمع سير الشهداء في كتاب مدرسي واحد سيجري طرحه خلال السنوات المقبلة.

 

ولكن هذا التبرير كما هو واضح لم يكن ابدا مقنعا للوجدان الشعبي الذي اثخنته جراح مسيرة طويلة من التطبيع الرسمي مع اسرائيل.

 

ويؤكد  المعلم سليم صباح هذه الحقيقة قائلا "لا نقبل ان نمحو ابطالنا من مناهجنا مثل فراس العجلوني بحجة ان نكتب عنه في ما بعد".

 

واضاف صباح "نعم هناك خبراء في التربية يرون ما هو مناسب لادراجه في المناهج، غير ان قضية مثل التطبيع من الاولى ان يكون لمجلس النواب الكلمة الاخيرة فيها".

 

وتابع "بما اننا نعيش في مجتمع حضاري فعلى البرلمان ان يهتم بهذا الموضوع، فهو القادر على ان.. يصوت على قرارات الدولة ويكون له الكلمة الاولى والاخيرة".

 

وقال احمد القزلي، وهو معلم مرحلة اساسية، انه تناهى الى مسامعه ان الهدف النهائي للتغييرات في المناهج هو "طمس اسم فلسطين من الخارطة واستبداله باسرائيل".

 

واعتبر القزلي ان "اعتماد اسم المحتل وتقديمه وجبة دسمة للاطفال في هذه السن المبكرة" يعد "خيانة حقيقية للاجيال وخيانة لفلسطين .. حيث إن هؤلاء الاطفال هم الاشد تأثرا بما يقال لهم، وعن طريقهم سوف يتم تغيير المستقبل".

 

واكد ان "الاجدر بنا ان نفهم الطلبة الدور السلبي الذي يقوم به الكيان الاسرائيلي في تفتيت الحضارات واعدام الشعوب".

 

محو التاريخ

وكما يرى المخرج سامي المجالي رئيس نادي الطفل الثقافي الزرقاء، فان "تطبيع المناهج سيكون له تأثيراته السلبية على القضية الفلسطينية وعلى الوضع العربي الراهن".

 

وقال المجالي ان "الاجيال القادمة ستمحى من ذاكرتها الاحداث التي ادت بفلسطين الى ان تكون على هذه الشاكلة، وهذا سيؤدي الى محو تاريخ (القضية) كاملا".

 

وأضاف ان "الاصل في المناهج لدينا ان تتبنى قضية فلسطين وتلقي الضوء على الوضع العربي الراهن، وهذا يفيد الاجيال في معرفة قضيتها الاصل ورسم حيثيات مستقبلها ومعرفة حقيقة عدوها" ويقصد اسرائيل.

 

وشدد المجالي على ان "معرفة المعلومة والاستقصاء عنها حق من حقوق الطفل التي لا يجب اغفالها بأي شكل".

 

جميل ابو صبيح رئيس فرع رابطة الكتاب الاردنيين في الزرقاء، اكد من جانبه رفضه المطلق لتغيير المناهج وتطويعها من اجل ان تتساوق مع نهج التطبيع.

 

وقال ان "قضيتنا الفلسطينية تخصنا جميعا وهي قضية العرب الاساسية التي لا يمكن التخلي عنها باي شكل من الاشكال، وكل ما يمس هذه القضية فنحن نرفضه رفضا مطلقا".

 

واستعرض ابو صبيح في هذا الصدد بعض التغييرات في المناهج، ومن بينها حذف الايات القرآنية التي قال انها تحض على العداء مع بني اسرائيل، والغاء منهاج القضية الفلسطينية الذي كان معتمدا في وزارة التربية للنجاح في الثانوية العامة.

 

وقال ان "علينا ان نكون برءاء من هذا التطبيع الذي يزيف العقول ويؤكد معلومات غير صحيحة"، مبينا ان "الكيان الصهيوني يربي اطفاله على كره العرب والاستعداد لقتلهم.. وهذا تناقض غريب عجيب بين الصهوينية وبيننا".

 

واعتبر ابو صبيح انه "يجب علينا ابقاء مناهجنا نظيفة من كل قاذورت اليهود ومعلومات الصهيونية".

 

غباء سياسي

وعلى صعيده، يصف الباحث في الدراسات الفلسطينية  الدكتور جاسرالعناني عملية تطبيع المناهج بانها تنم عن غباء سياسي سيكون من شأنه توسيع الفجوة بين الجانبين الشعبي والرسمي في البلاد.

 

وقال العناني ان "من الغباء ان تتلاعب الحكومات بالمنهج المدرسي، الذي يفترض ان يمثل روح الامة وروح الشعب ويعبر عن قضاياه الاساسية، وان يكون حريصا على كل مكتسباته، وحريصا ايضا على قيمه الدينية والاجتماعية والسياسية".

 

ورأى ان "الخطاب الامريكي والاوروبي للعرب الان هو (وجوب) ان تتماشى المناهج مع اتفاقيات السلام، وبحيث تخلو مما يعادي هذا الكيان، وهناك ضغط المانحين..وكل هذه الاسباب تجعل الرسمي يقبل بالتغيير نحو ما يرده الغرب وامريكا".

 

لكنه شدد على ان "اي تلاعب في هذه المناهج سوف يزيد من حجم الهوة بين الحراك الشعبي والجانب الرسمي".

 

واوضح العناني ان "الواقع الشعبي غير الواقع الرسمي وهذا امر لا تخطئه العين، وفي جميع الدول العربية".

 

وتابع ان افضل مثال على ذلك الاحتجاجات التي تخرج في الاردن ومصر- البلدان العربيان الوحيدان اللذان وقعا معاهدات سلام مع اسرائيل- "لأجل المطالبة بطرد السفير الاسرائيلي في عمان او السفير الاسرائيلي في القاهرة".

 

واشار العناني الى الوقفة التي ينظمها تجمع "جامع الكالوتي- جك" اسبوعيا امام هذا الجامع في عمان للمطالبة بطرد السفير الاسرائيلي والغاء معاهدة وادي عربة.

 

وعبر عن اعتقاده ان التجمعات الشعبية لها تأثير مؤكد، وان الجانب الرسمي يحسب لها حسابا.

 

وقال "المثال الواضح على ذلك انه في حرب غزة الاخيرة نجد الضغط الشعبي جعل السفير الاسرائيلي يغادر الاردن مؤقتا، وفي حرب غزة سنة 2012 لم يكن السفير الاسرائيلي في القاهرة أيضا".

 

واضاف العناني ان العلاقات الرسمية بين الاردن واسرائيل حاليا "باردة ولا يمكن وصفها بالحميمة" مبينا ان "درجة حرارة هذه العلاقات تعلو وتهبط طبقا للمزاج الشعبي".

 

وعبر عن ثقته بقدرة الحراك الشعبي في المدى الابعد "على ان يغير وتيرة هذا التعاون او وتيرة الاتفاقيات، وقد يأتي علينا يوم يضطر فيه النظام العربي الرسمي الى ان يلغي هذه الاتفاقيات ويغلق السفارات بتأثير من الضغط الشعبي الحقيقي".

 

حاجز العداء

الدكتور ابراهيم علوش رئيس جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، اعطى تعريفا للتطبيع وهو انه "كل قول او فعل يؤدي الى كسر حاجز العداء مع العدو الصهيوني".

 

واوضح علوش ان هناك عشرات الاشكال للتطبيع منها: الرياضي والثقافي والفني والاقتصادي والتجاري والسياسي والقانوني.

 

وقال "مهمتنا الرئيسة في جمعية مقاومة الصهوينة هي مجابهة أشكال التطبيع بما نملك من امكانات، وبالتعاون مع القوى والامكانات الشعبية الاردنية والعربية المعنية بمقاومة التطبيع خاصة على خلفية المعاهدات التي وقعت مع العدو الصهيوني".

 

وبين علوش ان هذه المعاهدات اسست للتطبيع قانونيا، وبحيث ان 15 من اصل 30 مادة في معاهدة وادي عربة تضمنت نقاطا تطبيعية في المجالين المائي والسياحي.

 

وتابع ان هذه النقاط "لا تؤدي فقط الى جعل العلاقات طبيعية بل تؤدي الى التكامل والاندماج، ولكنه اندماج غير متكافئ (..) ويجعل ميزان القوى مائلا لمصلحة المحتل، مما يجعل العلاقة علاقة هيمنة" .

 

واكد علوش ان الاختراق الثقافي يعد اخطر اشكال التطبيع حيث انه "يستهدف القيم التي يقوم عليها المجتمع العربي، وبشكل يحول العلاقة مع العدو الصهيوني الى امر طبيعي وليس (علاقة مع) دولة غاصبة احتلت ارضنا وغيرت هويتنا".

 

واشار الى ان الوكالة الاميركية للتنمية الدولية (يو اس ايد) ومنظمات التمويل الاجنبي هي اهم محركات التطبيع الثقافي والتربوي، والذي تمليه هذه الهيئات تحت ضغط المنح التي تقدمها تحت عنوان تطوير النظام التعليمي في الاردن.

 

واعتبر علوش ان "التجاوب عند الشعوب الذي يأتي من زيادة نشر الوعي من قبل الحراكات الثقافية، هو الذي سيحدث الفرق والتغيير عند الحكومات".

 

واضاف ان "الحراك الشعبي القوي والمؤثر لم يسمح بوجود خرائط فيها اسم اسرائيل بدلا من فلسطين حتى ان وزارة التربية صارت في حالة انكار لحقيقة ان الخرائط تغيرت، بل وقد اختفت الكتب التي تدلل على ذلك وتم سحبها مبكرا".

 

وحذر علوش من ان "محاولات التطبيع مستمرة، وسوف يعودون لاستغلال ظرف مناسب يستطيعون فيه فرض ما يريدون من افكار. فهذا الصراع طويل لن ينتهي بين يوم وليلة"

أضف تعليقك