امرأة بالزرقاء تدمن أكل الحجارة منذ عشرين عاما
تشكل الحصى والحجارة وجبة يومية اساسية لا تستطيع منال حامد (37 عاما) الاستغناء عنها، وهي تتلذذ بها تماما كاي طعام اخر، ان لم يكن اكثر.
وتقول منال (اسم مستعار)، والتي تعمل في وظيفة ادارية في احدى الجمعيات الخيرية في الزرقاء "انا اشتهي الحجارة كما يشتهي الناس اي صنف اخر من الاطعمة".
وتضيف المرأة التي فقدت معظم اسنانها الطبيعية جراء طحن الحصى والحجارة، وادمنت سلوكها الغريب هذا منذ كانت في السابعة عشرة من عمرها "عقلي يرفض هذا السلوك ولا اعرف لماذا اقدم عليه، لكنني لا استطيع التخلص منه مهما حاولت".
وتتابع "اعرف ان ما أعاني منه غير طبيعي ولا اعرف له سببا. هل هو نقص في الكلس او في مواد اخرى يحتاجها جسمي؟. قصدت الطبيب عدة مرات وقلت له أنا آكل الحجارة، فوصف لي دواء الحديد، ولكن هذا لم ينفعني وبقيت على نفس العادة".
وتتذكر منال اول مرة اقبلت فيها على التهام الحجارة قائلة "كنت اجلس الى نفسي وافكر في ساقي المعاقة واختلافي عن باقي الفتيات، وفي قعودي في البيت بلا أمل بعد اخفاقي في الثانوية العامة، ولاسكات هذه الافكار بدأت اتسلى باكل الحجارة".
ولتقريب الفكرة في ما يتعلق بطبيعة رغبتها المستمرة في تذوق طعم الحجارة واكلها، فهي تقول ان الامر اشبه بما يشعر به الشخص الطبيعي من الحاجة الى اكل حبة شوكولاتة مثلا، حيث يتوجه الى البقالة ويبتاعها ثم يستمتع بمذاقها وباكلها وابتلاعها.
وتؤكد منال انها عندما تشتهي الحجارة ولا تجدها، تعتريها حالة من الضيق والتوتر، وتبدا البحث حتى تعثر على حصاة تتناولها، مشيرة الى انها تفضل "العدسية الخشنة"، وهي الحصى الصغيرة المستخدمة في اعمال البناء، مؤكدة انها تحرص على ان يظل لديها مخزون كاف منها على الدوام.
وفتحت كيسا بلاستيكيا اسود مما يستخدم في البقالات لترينا النوع الذي تفضل أكله، ثم قامت امامنا بالتهام بعض تلك الحصى.
تكسرت اسنانها
وتورد منال حادثة طريقة قائلة انها قصدت عمان في عمل ذات مرة، واثناء الطريق شعرت برغبة في تناول حصاة، ولما فتشت جيوبها ولم تجد ايا منها، اعتراها التوتر فقفلت عائدة الى الزرقاء حيث حجارتها المفضلة، وحتى قبل ان تنهي ما ذهبت من اجله الى العاصمة.
وتوضح منال انها تبحث عادة عن العدسية الجديدة، فإذا جلب احد الجيران كمية لاستخدامها في ورشة بناء، تجدها تسارع الى انتقاء اجودها وتعبئه في اكياس وعلب تخبئها بعيدا عن متناول والدتها، التي درجت على تعنيفها بسبب هذا السلوك الغريب.
وتقول ضاحكة ان حظها يكون سيئا اذا ما عثرت امها على تلك الاكياس والعلب في البيت، حيث توبخها وتفرغ محتوياتها فوق راسها. وتضيف انه كان يحصل ان تعود الى البيت لتجد امها قد تخلصت من الحصى، فتهتاج وتغضب حينها وتطفق باحثة عن حجارة تهدئ به نفسها، وان لم تجد، فهي تنتظر حتى طلوع النهار من اجل الخروج بحثا عنها.
ومنال كما تخبرنا، تعيش مع أمها وعائلة شقيقها المتزوج، وهي تؤكد ان الجميع في البيت يعبر عن معارضته باستمرار لما تفعله، وذلك باطلاق عبارات التهكم والسخرية تارة، واخرى باسداء النصائح وكذلك توجيه التحذيرات من مخاطر هذا الامر على صحتها.
وتشير الى ان ابناء اخيها الصغار حاولوا تقليدها، ولكن نفوسهم لم تستسغ طعم الحجارة، والطريف في الامر كما تقول، انهم اصبحوا يجلبون لها ما يعثرون عليه في الطريق من انواع الحصى التي يعرفون انها تفضلها.
وتشكو منال من ان طحن الحصى القاسية تسبب على مدى السنوات بتكسر اسنانها مما اضطرها الى استبدال بعضها باسنان اصطناعية وتلبيس بعضها الاخر، وهو الامر الذي كلفها حتى الان اكثر من الف دينار.
وهذا المبلغ لم يكن متوفرا لدى منال، لكنها استطاعت تأمين بعضه عبر الاستدانة من اخوتها، وكذلك من خلال المشاركة في جمعية شهرية.
وحتى عندما فقدت اسناها الطبيعية، فقد كانت منال تلجأ الى طحن الحجارة وسفها. وعدا عن مشكلة الاسنان، فهي تؤكد انها لا تشعر باية اعراض مرضية في جسمها جراء تناول الحجارة.
افعال قهرية
حالة منال تصنف طبيا ضمن الافعال القهرية التي تستوجب العلاج كما يوضح الدكتور جلال ضمرة رئيس قسم علم النفس في الجامعة الهاشمية.
وقال ضمرة ان الافعال القهرية عن البشر تترجم نفسها في سلوكيات متعددة، منها مثلا شد ونتف الشعر وخصوصا شعر الرموش والحواجب، او تنناول الحجارة ومعاجين الاسنان وسكن السجائر والدهانات وغيرها من المواد الضارة.
واضاف ان هذه الحالات تصنف ضمن فئة انماط السلوك غير الطبيعية، ويندرج في علم النفس تحت قائمة "اضطراب العادات" والتي تستوجب علاجا ومتابعة متخصصة.
واكد ان التعامل مع مثل هذه الحالات لا يمكن ان ينجح الا اذا كان هناك اقبال ورغبة من المريض في العلاج، مشير الى ان "اضطراب سلوك العادات" الذي يندرج تحته السلوك القهري يصيب ما نسبته 1 بالمئة من النساء عالميا.
وعزا ضمرة هذا السلوك عند البعض الى اسباب لها علاقة بالتعلم والبيئة، وتعود غالبا الى فترة النمو في السنة الاولى من العمر حيث أن المرحلة الفمية لدى المصاب لم تكن مشبعة وكافية فيقوم بالتعويض عنها عندما يكبر بأكل أشياء غير غذائية وبطريقة لا شعورية.