العنتري يكتب: البلديات تستطيع رد الصاع صاعين لشركة الكهرباء

العنتري يكتب: البلديات تستطيع رد الصاع صاعين لشركة الكهرباء
الرابط المختصر

كشرت شركة الكهرباء عن انيابيها مؤخرا، وضاعفت قيمة فاتورة الكهرباء على البلديات، ومنها بلدية الزرقاء التي يؤكد رئيسها عماد المومني انها اصبحت تتراوح بين 120 و150 الف دينار شهريا بعدما كانت بين 50 و60 الفا.

ومعنى ذلك ان الفاتورة السنوية قد تصل الى نحو مليوني دينار، وهو مبلغ هائل بالنسبة لبلدية ترزح تحت ثقل مديونية تصل الى 15 مليون دينار، ويذهب نحو 85 بالمئة من ميزانيتها البالغة 24 مليونا كرواتب للموظفين.

ومعنى هذه الارقام ايضا ان ما يتبقى للبلدية لتنفقه على خدماتها بعد دفع رواتب الموظفين هو اربعة ملايين دينار، وفي حال استمرار فاتورة الكهرباء عند مستوى الارتفاع الذي بلغته، فستضطر البلدية الى الاقتطاع من هذه الملايين الاربعة!.

المومني كان اول من رفع الصوت مناشدا الشركة ورئيس الحكومة اخذ وضع البلديات الصعب في الاعتبار. لكنني اظن انه لن يكون هناك من مجيب، وفي افضل الاحوال سيكون هناك خفض لقيمة الفاتورة من باب رفع العتب، ولكن بنسبة تافهة.

وواقع الحال ان الحكومة ستقول للمومني ولبقية رؤساء البلديات "انزعوا شوككم بايديكم".

ولم لا؟. نظريا تستطيع البلديات نزع شوك الفاتورة بيديها، لا بل وان ترد الصاع صاعين لشركة الكهرباء، وتقلب المعادلة علىيها فتجعلها هي من يدفع.

اما كيف ذلك؟ فان الاجابة تاتي من نظرة قريبة الى تجارب الاخرين وبعضهم في الجوار، والى التطورات التي استجدت على التشريعات المحلية.

ومن تلك التجارب ما انجزه الاشقاء الفلسطينيون في احد الشوارع الرئيسية الذي يربط بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، والمسمى شارع "وادي النار".

هذا الشارع يمتد 3,5 كيلومترات، وقد رفض الاحتلال السماح بمده بالكهرباء، فظل معتما على مدى سنوات طويلة.

وفي عام 2011، قرر الفلسطينيون انارته بالاعتماد على الطاقة الشمسية عبر مشروع لم تتجاوز كلفته 270 الف دينار، واشتمل على تركيب 95 عمود انارة شمسية.

طبعا هذا المبلغ كان يتضمن اثمان الاعمدة التي هي اصلا موجودة في شوارعنا، وهو ما سيجعل التكلفة تنخفض بصورة كبيرة جدا، وربما الى النصف، في حال قررت اي بلدية تطبيق التجربة.

ويتالف كل عمود انارة في المشروع الفلسطيني من خلايا تستقبل اشعة الشمس وتحولها الى طاقة كهربائية، وبطاريات تقوم بتخزين هذه الطاقة حتى تضئ المصابيح ليلا، وهي بالمناسبة مصابيح مخصصة للطرق السريعة وتمتاز بقدرة انارة عالية جدا.

وبهذه الصورة يمثل كل عمود وحدة مستقلة يبلغ عمرها الافتراضي عشر سنوات في المعدل الادني، وقد يمتد مع الصيانة الجيدة الى 15 عاما، وتستطيع كل وحدة ان تخزن في اليوم الواحد طاقة كهربائية تكفي لانارة المصباح المتصل معها مدة ثلاث ليال متتالية.

في حال تطبيق التجربة عندنا، فان النتيجة ستكون فاتورة كهرباء قيمتها (صفر)، على الاقل في الشوارع التي يمكن ان تختارها البلديات للبدء منها بمثل هذه المشاريع.

واكثر من ذلك فان الفائض من الطاقة الذي تولده الخلايا يمكن بيعه الى شركة الكهرباء وبالتالي خلق مصدر دخل اضافي للبلديات، وهو ما اصبح متاحا بعد التعديلات التي ادخلت على التشريعات في العامين الماضيين.

واشير هنا خصوصا الى "تعليمات بيع الطاقة الكهربائية المولدة من نظم الطاقة المتجددة"، والتي نصت على ما يلي:

“لغايات احتساب قيمة استهلاك الطاقة الكهربائية، يقوم الموزع بعمل تسوية على اساس شهري بين كميات الطاقة الكهربائية بوحدة الكيلو واط ساعة التي يقوم المستخدم بتصديرها إلى شبكة الموزع وتلك التي يقوم باستجرارها من الشبكة”.

و”اذا كانت كميات الطاقة المصدرة من نظم المستخدم اكبر من كمية الطاقة المستجرة من الشبكة يقوم الموزع بتدوير فائض كمية الطاقة (كيلو واط ساعة) الى حساب الشهر الذي يليه وعلى ان يتم عمل تسوية مالية نهائية لغاية (10) كانون اول من كل عام”.

ويجري احتساب الكميات بين الشركة والمستهلك من خلال عداد ثنائي يقيس تدفق التيار الكهربائي في كلا الاتجاهين.

وقد حددت التعليمات تعرفة بيع الطاقة الكهربائية للشركة بواقع 120 فلسا لكل كيلو واط/ساعة، وتزيد بنسبة 15 بالمئة في حال قام المستخدم بتركيب نظم طاقة متجددة ذات منشأ اردني.

في ضوء ما سبق، اقترح على بلدية الزرقاء والبلديات الاخرى ان تبدأ بتطبيق تجربة الاعتماد على الطاقة المتجددة في انارة الشوارع، وعلى الفور، لان النداءات والمناشدات لن تفلح، وكل يوم تاخير سيكلف الاف الدنانير.

صحيح ان البلديات لا تملك حاليا القدرة على تمويل مثل هذه المشاريع، لكن امر التمويل لن يكون صعبا في اعتقادي، حيث يمكن الحصول عليه عبر المطالبة بجزء من الملايين الثلاثمائة التي رصدتها المنحة الخليجية لدعم برامج الطاقة المتجددة في الاردن.

وحتى لو تطلب الامر الاقتراض، فيمكن دفع قيم فواتير الكهرباء كاقساط للبنوك بدلا من دفعها لشركة الكهرباء، وخلال سنوات سيكون قد جرى تسديد القروض وتصبح هذه المشاريع خالصة للبلديات ومصدر دخل لها وليس عبئا عليها.