الزرقاء تؤبن عبدالله رضوان "فقيد الثقافة المحلية والعربية"

الزرقاء تؤبن عبدالله رضوان "فقيد الثقافة المحلية والعربية"
الرابط المختصر

 

نظم مركز الملك عبدالله الثاني الثقافي في الزرقاء يوم الاحد 22 اذار، حفل تأبين للشاعر والناقد الراحل عبدالله رضوان الذي وافته المنية في الثالث عشر من الشهر نفسه.

 

وتضمن الحفل الذي شارك فيه جمع من المسؤولين والادباء والمثقفين، كلمات تناولت سيرة ومناقب الفقيد، ودوره في اثراء الحراك الثقافي سواء على مستوى الزرقاء والمملكة والعالم العربي.

 

مندوب وزيرة الثقافة مدير مديرية الدراسات الكاتب هزاع البراري، قال ان الزرقاء كان لها في نفس الراحل "مكانة كبيرة، كما هو الاردن، وكما هي فلسطين"، واصفا رضوان بانه "فقيد الوطن والثقافة المحلية والعربية".

 

واضاف البراري "خسرناه في وزارة الثقافة، وخسرته أمانة عمان الكبرى، ومنتدى الرواد الكبار، وخسارتنا أن نهايته كانت موجعة ومؤلمة".

 

واكد ان "ما شهدناه في عمان أمس وما نشهده هذا المساء دليل على حجم المحبة والالم والشعور بالفقد.. وهذا أسرع تأبين ربما في تاريخ الاردن"، مضيفا اننا "ما زلنا نعيش في اطياف هذا الرجل الطيب، الذي ترك من الابداع ومن العمل الصالح ليستمر، ومن الابناء الصالحين أيضا ما نفاخر به".

 

وتمنى البراري على بلدية الزرقاء "ان يتم عمل شئ كتسمية شارع أو ميدان كنوع من التكريم لهذا الرجل الذي أعطى الثقافة الاردنية والثقافة العربية الكثير".

 

من جانبه، ابرز مدير ثقافة الزرقاء رياض الخطيب دور الراحل في اثراء الحراك الثقافي في المحافظة وعلى مستوى المملكة.

 

وقال "يعز علينا في هذه الامسية ان نستذكر قامة عبدالله رضوان الذي كان له ولفترة طويلة أثر في احداث حراك ثقافي على مستوى المملكة منطلقا من الزرقاء".

 

واضاف ان "هذا المسرح بل هذا المبنى الشاهق (مركز الملك عبدالله الثاني الثقافي) كان شاهدا على حيويته الثقافية وعلى قدرته على تفعيل وتنشيط كل المؤسسات والشخصيات الادبية والفنية على مستوى المملكة".

 

وزير الثقافة الاسبق الشاعر جريس سماوي، وصف الراحل بانه كان "الصديق الصدوق، المعين الذي يشع بالطاقة الايجابية، ويشعرك بأنه ليس هناك ثمة مشاكل على سطح هذا الكوكب، يطاردك بابتسامته المضيئة وعينيه المتلألئتين".

 

واضاف" ان اصدقاء رضوان يتراوحون بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، ذلك أنه وهو ابن الاحزاب اليسارية وابن السياسة، كان يرى خلف التنظيم والايدولوجيا، كان يرى الناس وقلوب الناس وصفاء الداخل".

 

واكد سماوي ان رضوان كان "ديمقراطيا في نقاشه وطرح افكاره وكل ما يقوم به، وكان متفائلا بطبعه دائما" مشير الى انه "بالنسبة للمشهد الثقافي لم يكن يتحيز ضد اسم من الاسماء، حين يكون الامر متعلقا باختيار هذه الاسماء للمهرجانات والمشاركات الادبية، فقد كان نزيها محايدا في هذا الامر، لا يهمه الا المنتج الابداعي بغض النظر عن صاحبه".

 

وقال الكاتب والناقد محمد المشايخ الذي ادار الحفل، ان الزرقاء "فقدت على مدى سنوات عددا من أدبائها، سواء الذين ظلوا فيها ام رحلوا عنها.. وبرغم الألم الذي اعتصر قلوبنا ازاء وفاة كل منهم الا ان وفاة الشاعر عبدالله رضوان وهو في أوج عطائه كان قاصمة الظهر لكل منا، وغدا مصابنا به واحدا".

 

وعددت مؤسسة ورئيسة منتدى الرواد الكبار هيفاء البشير بعضا من مناقب الراحل الذي وصفته بانه كان "قامة ثقافية ابداعية ذات حضور، ممتلئا بالحيوية والنشاط، عنصرا محركا في ميادين الثقافة".

 

وقالت أنه "كان دائما مؤهلا لقيادة ملاحم الثقافة وأدوراها في المؤسسات الرسمية ثم الاهلية، وكان اخرها منتدى الرواد الكبار أحد أذرع جميعة الاسرة البيضاء لرعاية السادة كبار السن".

 

واكدت البشير انها كانت "حبورة جدا باستقطاب رضوان لمنتدى الرواد الكبار حيث عملنا سويا على اضافة بعد جديد للعمل الخيري الانساني الذي كان مكرسا لخدمة كبار السن، وألق الادب والفنون على تنوعها بما يملأ حياة السادة كبار السن وما يليق بهم ويملأ ايامهم بالثقافة والادب وكل ما يمتع ويفيد".

 

ومضت قائلة ان "عبدالله رضوان عرف برأيه الجرئ الواضح الملتزم، تشع ابتسامته دوما نشاطا وحيوية، وقد غادرنا وهو في قمة عطائه ورحل عنا بكبرياء، ونهلت من أدبه الواسع اجيال، وتتلمذ على يديه طلاب علم وأدب، ضليع في اللغة رقيق في الشعر، مكافح وذو رؤية، وقدم للمنتدى والعمل الثقافي ما سييبقى دليلنا في باقي الايام".

 

واعلنت البشير عن اطلاق اسم الشاعر عبدالله رضوان على قاعة الابداع في منتدى الرواد الكبار ليكون ذلك "تذكيرا بما قدمه، وشاهدا لما بعدنا على قيمة هذا الانسان وما تركه من أثر في رحيله".

 

وعرضت الاديبة والقاصة سحر ملص الى شخصية الراحل بحكم صداقتهما التي امتدت عشرين عاما ومنها سنوات زمالتهما في منتدى الرواد، مشيرة الى انه "قبل ان يمضي وبسنوات قليلة أصدر كتابه- المراثي- الذي تلقفناه بصمت، وقرأناه دون أن نفك حروف طلاسمه، وندرك ان الشاعر يمرر لنا سفر نعيه و رحيله، وهو القائل فيه: هزائمي اكتملت.. ويا موت.. كن لي وطنا"

 

"وفي موطن اخر في الكتاب يقول: أرى الانبياء حزانى.. بلا معجزات ولا أصدقاء.. أراني وحيدا وممتلئا خيبة.. ويبرعم حولي الخواء.. أرى شجرة الموت وارفة.. ومهفهفة روحها بالخواء".

 

وقالت ملص "ان رضوان كانت لديه خارطة واسعة تشمل كل المثقفين ليدخلوا الى هناك آمنين ينشرون ابداعهم، ويعلقون لوحاتهم، كل ذلك من خلال البرنامج الثقافي الذي كنا نعده معا" في منتدى الرواد.

 

واضافت انه "مثل حوذي بارع كان ينطلق بعربته كل صباح من مدينة الرصيفة عبر طريق ياجوز، ليصل الى منتدى الرواد الكبار في عمان حاملا في جعبته الكثير من الافكار والاحلام التي يترجمها وردا وحكايا".

 

ورثت الكاتبة الدكتورة هند ابو الشعر الراحل في كلمة القاها المشايخ نيابة عنها، وقالت فيها "لماذا يا عبدالله اخترت هذه الطريقة الفاجعة لتودعنا، فلم اعرفك بهذه القسوة، وأنت الشاعر الرقيق حد الياسمين، الشفاف المتدفق في علاقاته بنا كلنا، لماذا خذلتنا اذا؟ ".

 

واضافت "تريد الحق يا عبدالله، لن أجرؤ على الوقوف على باب منتدى (الرواد) وانت غائب. ففي كل موقع كنت معنا تنشر كتبنا وتشاركنا بالندوات .وها انت ترحل وتتركنا. ترى أين تذهب ذاكرتنا وهم يدفنوننا في التراب".

 

وسرد الباحث الدكتور جاسر العناني بعض محطات في حياة عبدالله رضوان، موضحا انه "كان لا يحب النقص في العمل ويرنو الى القمة دائما، ويحرص حرصا شديدا على حضور كافة الاتشطة الموسيقية والثقافية".

 

وقال ان "اكثر خسارات عبدالله رضوان كانت انه فقد وطنا ضاع الى الابد واكبر امنياته العودة الى الوطن الى بيت محسير غرب القدس حيا او رفاتا. وما شغل روح عبدالله رضوان هاجس اكبر من هاجس الوطن".

 

والقى المهندس غيث ابن الشاعر الراحل كلمة ذوي الفقيد، مضيئا على شخصية رضوان الاب الذي قال انه "حبه الابوي كان بلا حدود".

 

واضاف "عرفتم والدي الشاعر والناقد والكاتب وربما الانسان ولكن لم تعرفوه كأب، لم تعيشوا معه في بيت واحد، ولم تستيقظوا على صوت ترتيله لقران الفجر، او تسمعوه وهو يخاطب نباتاته وهو يسقيها في الصباح، لم تستيقظوا على رائحته في المنزل ولم يستقبلكم بضحكته الجميلة عندما تعودون للمنزل بعد غياب".

 

وقال "لقد كنا ننادي ابي بصاحب اليد الخضراء فكل ما يزرعه ينمو ويكبر حتى انه اسند شجرة يوما بعود جاف فأخضر وازهر وتبين في ما بعد انه شجرة كرز مزهرة ما زالت في حديقة ابي. وقد جلست الى ابي يوما وقلت له ما هي عبارتك المفضلة فقال: يجيئون ويمضون وتظل الحياة".

 

الى ذلك، فقد جرى الاعلان خلال حفل التأبين  عن ان رئيس بلدية الرصيفة اسامة حيمور قرر اطلاق اسم عبدالله رضوان على احد شوارع المدينة، وكذلك قررت مدرسة الاوزاعي اطلاق اسمه على احدى قاعاتها.

 

الراحل في سطور

ولد عبدالله رضوان في اريحا عام 1949، ثم رحل عنها مع والديه الى مخيم الكرامة في الاغوار، وظل هناك حتى 20 من آذار عام 1968، حيث انتقل بعدها الى منطقة عوجان وبقي فيها حتى وفاته.

 

تلقى تعليمه الاساسي في مدارس وكالة الغوث في الكرامة، والثانوي في لواء الشونة الجنوبية متخرجا من الثانوية العامة في مدينة السلط عام 1967، ثم من الجامعة الاردنية التي حصل فيها على بكالوريوس الآداب عام 1971.

 

عمل معلما في بلدة الرصيفة مدة عشر سنوات، ومدير مدرسة لعشر اخرى، ومديرا للعلاقات العامة ومديرا للدراسات والنشر في وزارة الثقافة، وترأس تحرير مجلة أفكار التي تصدرها الوزارة، كما شغل مديرا للدائرة الثقافية في امانة عمان، ومديرا تنفيذيا لمنتدى الرواد الكبار، ومقررا للجنة الشعر في مهرجان جرش لعدة سنوات.

 

قدم رضوان برامج في الاذاعة والتلفزيون الاردنيين وكتب في الصحف والمجلات المحلية والعربية وترأس تحرير مجلة براعم عمان التي تصدرها الامانة، وكان المنسق العام لعمان عاصمة الثقافة العربية 2002.

 

وخلال ذلك، شغل عضوا للهيئة الادارية لأسرة نادي القلم الثقافي في الزرقاء، ورئيسا لفرع رابطة الكتاب الاردنيين في المدينة، ومنسقا عاما للزرقاء مدينة الثقافة الاردنية عام 2010.

 

ساهم في الحياة الثقافية بنشاط وحيوية من خلال مشاركاته الدائمة في المهرجانات والمؤتمرات الادبية في الاردن والعالم العربي، شاعرا وناقدا وأصدر 21 ديوانا شعريا منها ديوان (يجيئون يمضون وتظل الحياة) الذي نال عليه جائزة عبدالرحيم عمر من رابطة الكتاب الاردنيين.

 

وللراحل 13 كتابا نقديا آخرها في شعر محمود درويش، وحرر كتابين وشارك في تأليف 11 كتابا اخر، وحاز وسام الثقافة الفرنسي بمرتبة فارس من وزارة الثقافة الفرنسية عام 2006,

 

أضف تعليقك