الروضان تكتب: "نور" ..أضاءت على أفضل وأسوأ ما فينا
كما كشفت العاصفة الثلجية القطبية الأخيرة مواقع الخلل والضعف في البنية التحتية في مختلف بلديات المملكة، جاءت عاصفة مقتل الطالبة نور العوضات مطلع شهر كانون أول الجاري، لتعري انسانيتنا وتكشفها على الملأ حيال جريمة بشعه هزت المجتمع الأردني بأسره.
كان مقتل نور ووحشية الجريمة وتفاصيلها هو الموضوع الأبرز، بدء من المجالس العامة والخاصة، وانتهاء بمواقع التواصل الإجتماعي في العالم الإفتراضي، مرورا بمواقع الكترونية ووسائل إعلام مختلفة، وحش بشري أنهى حياة طالبة في طريقها الى جامعتها، وأفسح المجال لوحوش بشرية اخرى بدأت تلوك سمعة الفتاة وسيرتها على الملأ.
وتناسى البعض إدانه المجرم والجريمة، وبدأو بإدانة الضحية، والتشكيك بسيرتها وسلوكها، بل ان البعض بدأ يعمم هذا الأمر على جميع طالبات الجامعات، وأن سلوكهن دائما مثار الشك، ولم تشفع شهادات إيجابية من أساتذة الطالبة وزملائها في جامعة آل البيت، بوقف هذا السلوك المريض من البعض.
طالب زياد العوضات عم نور، عبر برنامج "هنا الزرقاء" على راديو البلد 92.4 ، بالكف عن هذا الحديث واحترام الفتاة التي يشهد الجميع بسمعتها الطيبة كما قال مطالبا الجميع " وسائل إعلامية او مواقع تواصل اجتماعي التوقف عن تداول صور قيل انها لنور العوضات مؤكدا أنها ليست كذلك" وهذا واجب أخلاقي يجب علينا جميعا احترامه.
حق التنقل والتحرك بأمان هو حق أصيل لأي انسان على العموم وللنساء على وجه الخصوص ، ليس استناداّ لدستور أو قانون فقط، وإنما يفرضه حق إنساني أصيل لا يجب التهاون فيه، كما ان حق الفتاة في خصوصيتها لا يجب ان تتم المساومة عليه،فسواء كانت الفتاة تدرس شريعه او فنون جميلة ، ترتدي الحجاب او لا ترتديه، ...الخ، لا يجوز التعرض لها باي شكل كان، فكيف بالقتل!!.
كما ان البعض وخاصة من السياسيين استغلو حادثة إنسانية مؤسفة ، وبدأو بالمزاودة على دم الفتاة وبشاعة ما حصل لها، لمهاجمة الحكومة، خدمة لمصالح خاصة بحجة عدم وجاهة قرار عدم العمل بالتوقيت الشتوي - التي عادت عنه حكومة النسور بعد اصرار عليه دام سنتين-مستغلين وقت حصول الجريمة في الفجر.
التوقيت لم يقتل الفتاة، فمن يضمن أن لا تحصل جريمة اخرى لفتاة أخرى الساعة التاسعة ليلا وقت عودة الطلبة لبيوتهم بعد تطبيق التوقيت الشتوي؟!، قد تكون الحكومة أخطأت ولكن ليس بالتوقيت، ولكن بإهمالها لمنظومة أجتماعية بدأ الفساد ينخرها، وعدم العمل لتعزيز القيم الإنسانية التي بدأنا نفقدها في البيت والشارع والجامعة، وهو خطأ حكومي متراكم منذ 10 سنوات تقريبا.
الحكومة أخطأت بسماحها لبوادر تراخي وضعف لمنظومة الأمن والأمان التي كانت غالبا ما ترفعها كشعار تفاخر فيه على الدوام، وأصبحنا نلمس بوادر جرائم منظمة لسرقة المنازل والسيارات، والخوف ان يصل الى القتل، مما دفع ببعض العائلات في المناطق النائية بالتراجع عن السماح لبناتهم بالعمل او الدراسة، واللجوء لدرء الخطر بالردة وليس الوقاية!.
كل ذلك لا يخفي بوادر إيجابية برزت بعد حدوث الجريمة، من اعتصامات ومسيرات تدين الجريمة والقاتل، وتطالب بالقصاص والعقاب، وقيام طلاب وطالبات بعمل صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي تدافع عن الفتاة وتفند الإشاعات المتكررة وتدينها،وتطالب الجميع باحترام الفتاة ومشاعر ذويها، كما بادرت بلدية الزرقاء بتسمية شارع في المدينة بأسم "نور العوضات".
رفض الجريمة ووإدانتها لا يكفي، يجب التأكيد دائما على مسؤلية الحكومة بكافة أجهزتها لحماية المواطنين إينما كانو، والحفاظ على حياتهم وأموالهم والأهم من ذلك ، حمايتهم من الترويع الذي بدأنا نلمسه من الأخبار عن جرائم قتل متزايدة في مختلف مناطق المملكة .