"الجمعيات الشهرية" ملاذ الزرقاويين من فوائد البنوك وتعقيداتها

"الجمعيات الشهرية" ملاذ الزرقاويين من فوائد البنوك وتعقيداتها
الرابط المختصر

تمثل الجمعيات الشهرية التي باتت ظاهرة رائجة في الزرقاء خلال السنوات الاخيرة، احد البدائل المفضلة التي يلجأ اليها الباحثون عن تمويل شراء بيت او سيارة او حتى سداد دين، بعيدا عن فوائد البنوك المرهقة واشتراطاتها المعقدة.

وتقوم فكرة الجمعية على اتفاق بين مجموعة من زملاء العمل او الجيران، على دفع مبلغ شهري لفترة قد تكون بضعة اشهر او ربما تمتد لسنوات، على ان يتسلم احدهم المبلغ الاجمالي في كل مرة سواء عبر القرعة او ترتيب مسبق.

ولا يقتصر الاشتراك في الجمعيات على محدودي الدخل، بل يشمل الميسورين الذين تتباين دوافعهم بين العجز عن تأمين الضمانات والكفلاء الحكوميين الذين تطلبهم البنوك، او يسعون الى الحصول على قرض خال من الفوائد "الربوية".

وبينما يلجأ البعض الى الجمعية لتمويل حاجة طارئة، الا ان اخرين ممن لمسوا نتائجها الايجابية، باتوا يتخذونها مسلكا حياتيا،  كما هي الحال مع الموظفة ريم فريج وزوجها، واللذين لم ينفكا يشكلان الجمعيات المتلاحقة منذ اكثر من عشرين عاما.

وتوضح فريج ان الجمعيات التي تشكلها هي وزوجها المتقاعد، يساهم فيها عادة ما بين عشرين وثلاثين شخصا يكونون من الزملاء والمعارف والاصدقاء، وما ان تنتهي احداها باستلام المساهم الاخير لمبلغها، حتى يعمدا الى تشكيل واحدة جديدة.

وقالت ان البدايات كانت بتشكيل جمعيات بقيمة تتراوح بين 200 و300 دينار وبقسط شهري لا يتجاوز 15 دينارا، وحاليا وصلت القيمة الى 2500 دينار، وبقسط شهري يبلغ 100 دينار، وهناك من يشارك بنصف سهم، اي يدفع 50 دينارا.

واضافت ان المشتركين تكون اهدافهم اما تمويل دراسة جامعية او شراء سيارة او شقة، في حين انها وزوجها تمكنا من جمع ما مقداره 25 الف دينار مكنتهما من شراء ارض والبدء في بناء بيت.

ولمواجهة مشكلة عدم الجدية والالتزام التي تعد سببا لفشل بعض الجمعيات، فان ريم تقول انها وزوجها يحرصان على توقيع كل مشترك على ايصالات امانة تضمن حقه وحقوق بقية المشتركين.

"مفيدة جدا"

وتقول موظفة اخرى هي منال العيسوي انها بدات المشاركة في الجمعيات منذ اربع سنوات، واصفة اياها بانها "مفيدة جدا".

وقد تمكنت العيسوي من خلال الجمعيات من اجراء عملية "ليزك" لعينيها، والتي لا يشملها التأمين الصحي، وذلك بكلفة بلغت 1500 دينار، وهي الان تشترك في جمعيتين من اجل شراء سيارة، وقد استلمت قيمة احداهما وتنتظر الاخرى.

وتعلق العيسوي على تجربتها مع الجمعيات قائلة ان من الصعب على الموظف ان يوفر من راتبه الذي بالكاد يكفي اساسيات الحياة، ولكن الاشتراك في جمعية يلزمه باقتطاع مبلغ منه ودون المخاطرة بانفاقه حتى يفي بالقسط الشهري للجمعية.

ومن جهته، يعتبر جودت عبد القادر الجمعيات مهربا للمواطن، ولكنه يقول انه مهرب "من ضيق الى ضيق والسعيد من يستلم جميعته مع آخر قسط" على حد تعبيره.

ويوضح جودت الذي يعمل حارسا ليليا انه لم يسبق له المشاركة بصورة مباشرة في الجمعيات، ولكن زوجته دائمة الاشتراك فيها بتشجيع منه، وذلك حتى يتمكن من الوفاء بتكاليف الحياة المرهقة والمتلاحقة ومنها سداد الديون.

ويضيف بسخرية ان مبلغ الجمعية لا يلبث ان يذهب ادراج الرياح فور استلامه، لتبدأ بعدها معاناة الالتزام بسداد الأقساط المتبقية للجمعية، حتى انهما يتمنيان احيانا لو لم يشاركا فيها، برغم ان ما دفعهما اليها ليس كماليات بل ضرورات ملحة.

"عملية نصب"

المزارع عيسى الملاح، توقف من ناحيته عن التعامل مع الجمعيات بعدما تعرض الى "عملية نصب" من الشخص الذي قام على تأسيسها احداها.

وقال الملاح انه سبق له الاشتراك في عدة جميعات بعضها كان قسطه عشرة دنانير واخرى خمسون دينارا، وذلك لتمويل متطلبات الشتاء لمزرعته، من محروقات وفواتير الكهرباء وغيرها .

واضاف ان اخر جمعية شارك فيها كان قسطها خمسون دينارا وعدد المشاركين ثلاثون، وانه فوجئ بعد دفعه ثلاثة اقساط باختفاء مؤسسها الذي كان مدينا له اصلا باربعين دينار، والذي لا يزال يجاهد لمعرفة اسمه الكامل حتى يتمكن من مقاضاته.

واكد الملاح ان معظم الجميعات لا تتضمن اتفاقيات موقعة بين المشتركين، وهو ما يتسبب في تعرضهم من حين إلى أخر الى عمليات نصب من مؤسسيها أو من مساهم قد يستلم قيمتها اولا ويلوذ بالفرار تاركا اياهم يتخبطون في حيرة وغضب وعجز.

مؤيد ماضي موظف حكومي يقترب موعد زفافه وهو الان مشارك في جميعة من أجل تكاليف العرس، وهو كما قال يفضل الاشتراك في الجمعيات حتى لا يضطر الى الاقتراض من البنوك التي تنطوي على فوائد ربوية يؤثم عليها الانسان.

واكثر من ذلك، فان ماضي يرى ان القروض البنكية ربما تعرضه للملاحقة القانونية وربما السجن في حال عجز عن على الوفاء بالسداد، بخلاف الجمعيات التي يتصف أعضاؤها بالرحمة والصبر على قوله.

وعلى النقيض، تؤكد آيات الكعكاني وهي ربة بيت، انها لا تحبذ المشاركة في الجمعيات مبررة ذلك بعدم ميلها لهذا الموضوع من جهة وعدم رغبتها في الارتباط مع الناس ماليا من جهة أخرى.

وتبين انها تستعيض عن ذلك ب"التحويش" في حصالة خصصتها لايداع مبالغ تقتطعها من مصروف البيت، حيث تفاجئ زوجها بين الحين والاخر بمبلغ لم يكن يتوقع توفره لديهم، ثم تخبره بمصدره وهي في غاية السعادة.

وياتي احجام الكعكاني عن الجمعيات في حين يشارك زوجها باستمرار فيها من اجل الوفاء بتمطلبات المنزل، سواء الاساسية منها ام الكمالية على حد قولها.

أضف تعليقك