ازمة مواصلات "الهاشمية" تتصاعد و"المتكاملة" تتهم شركات منافسة بـ"التأجيج"

ازمة مواصلات "الهاشمية" تتصاعد و"المتكاملة" تتهم شركات منافسة بـ"التأجيج"
الرابط المختصر

اسراء القدومي
افترش عدد من الطلبة ارض موقف الباصات داخل حرم "الجامعة الهاشمية" مساء الثلاثاء 21 نيسان، وباتوا فيه ليلتهم، وذلك في احدث خطوة ضمن برنامج تصعيدي اطلقوه للمطالبة بحل معضلة المواصلات المزمنة بين جامعتهم والعاصمة عمان، والتي لا يبدو ان لها حلولا قريبة.

وفي المقابل، وصفت شركة "المتكاملة للنقل المتعدد" التي تحتكر خدمة نقل نحو ثمانية الاف طالب بين الجامعة وعمان، بعض مطالب الطلبة بانها "غير منطقية"، واتهمت شركات منافسة بـ"تأجيج" الموقف.

الطلبة المشاركون في فعالية المبيت التي سلهتها ادارة الجامعة المتعاطفة معهم، رفعوا خلالها العديد من الشعارات التي تلخص معاناتهم من التاخر في الوصول الى الجامعة نتيجة نقص اعداد الباصات وتردي اوضاعها، وابرزها شعار يقول "انام في الجامعة اسلم ما اموت في الباص".

وتشير هذه العبارة الى خشية الطلبة على سلامتهم في ظل ما يصفونه من سوء اوضاع باصات شركة "المتكاملة"، وهو ما يبدو مبررا الى حد ما، خصوصا بعد اصابة ثلاث طالبات بحروق، احداهن حروقها من الدرجة الاولى، اثر انفجار مبرد المحرك (الروديتر) في احد باصات الشركة يوم الخامس من نيسان الجاري.

هذه الحادثة، وكما يؤكد الطلبة، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وجعلتهم يقررون الدخول في ما يشبه معركة كسر العظم مع الشركة والجهات الرسمية التي صمت اذانها لسنوات عن شكاواهم واكتفت بتخديرهم بالوعود.

ولعل ما اجج مشاعر الطلبة حينها الطريقة التي تعاملت الشركة عبرها مع احتجاج عضو في مجلسهم على الحادثة، حيث سجلت ضده قضية تتهمه فيها ب"سب وشتم والإساءة بألفاظ بذيئة والإساءة لشركة المتكاملة، وتحريض والد الفتاة" المصابة.

ونتيجة للقضية المسجلة، جرى استدعاء الطالب، وهو ابراهيم عبيدات، الى مبنى المحافظة وتنقل لخمس ساعات بين اربعة مراكز امنية في الهاشمية والرصيفة وياجوز وحي الرشيد قبل ان يخرج بالكفالة على ان يمثل في اليوم التالي امام المحكمة.

وفي ما بدا محاولة لامتصاص ردود الافعال المستهجنة، وكذلك تداعيات الضجة الاعلامية الكبيرة التي احدثتها الشكوى خصوصا بعد حادثة الباص، فقد سارعت الشركة الى التبرؤ منها قائلة ان موظفا قدمها بصفته الشخصية.

لكن ذلك لم يفلح، حيث ان الطلبة كانوا قد قرروا الانتقال من مربع الشكاوى عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، الى تنفيذ خطوات ملموسة على الارض، وكانت اولاها مقاطعة حافلات الشركة، والعودة من الجامعة الى عمان سيرا على الاقدام.

وبعد المسيرة التي شارك فيها العديد من الطلبة يوم الخميس 17 نيسان، واستغرقتهم نحو عشر ساعات حتى بلغوا مجمع رغدان، جرى الاعلان عبر مجلسهم عن برنامج تصعيدي على مدى اسبوع بهدف الضغط من اجل تحقيق مطالبهم.

وتضمن البرنامج وقفة احتجاجية في الجامعة يوم الاحد 19 نيسان، ثم المبيت داخل حرمها يوم الثلاثاء، وصولا الى تنفيذ اعتصام امام وزارة النقل يوم الخميس التالي.

وكانت فعالية المبيت قد نفذت على مرحلتين، اشتملت الاولى على تاخر الطلبة الذكور حتى التاسعة ليلا، على ان توفر لهم الجامعة باصات لاعادتهم الى عمان، والثانية، وهي النوم، واقتصرت على الاعضاء في الهيئة الادارية لمجلس الطلبة.

وفي بادرة مؤازرة، اطلقت مجموعة من الطالبات مبادرة "اكلكم علينا"، حيث قمن خلالها بتقديم الطعام للمشاركين في الفعالية.

جذر المشكلة
رئيس مجلس الطلبة قصي الخوالدة، يصف المشكلة في تصريحات صحفية بانها "مزمنة ومنذ سنوات بلا أي حل"، مبينا ان التصعيد الذي اعلنه المجلس ياتي لتاكيد المطالب السابقة بتوفير خدمة نقل آمنة ومريحة وتلتزم بالأوقات التي تناسب الطلبة.

وقال الخوالدة لصحيفة "الغد" إن المشكلة الأساسية تكمن في عدم قيام الشركة بإجراء الصيانة اللازمة لحافلاتها، إضافة إلى عدم تعزيز اسطولها بحافلات حديثة وزيادة عددها لخدمة أوقات الذروة الصباحية والمسائية، فضلا عن عدم وجود مواقف مناسبة.

وبين أن الطلبة يمضون 3 ساعات في رحلة الذهاب إلى الجامعة في حين أن الوقت الفعلي لا يتجاوز الساعة الواحدة بما فيه وقت الانتظار، لافتا أن الشركة مسؤولة عن نقل خدمات العاصمة والجامعة الهاشمية، منحيا باللوم على هيئة تنظيم قطاع النقل في أماكن انطلاق الحافلات وأن الهيئة تعتمد على موظفي الشركة في حصر الأعداد.

ومن جانبها، تؤكد شركة المتكاملة بحسب مديرها مؤيد أبو فردة، التزامها بما تم الاتفاق عليه مع الجهات المعنية بقضايا النقل في الجامعة في اجتماع سابق، حيث قامت برفع عدد الحافلات إلى 110 خاصة في أيام الأحد والثلاثاء والخميس، رغم أن تعاقدها مع هيئة تنظيم قطاع النقل البري ينص على تشغيل 68 حافلة، كما قامت بتشغيل ثلاثة مواقع جديدة في دوار الجمرك، وسحاب، ووادي السير لنقل الطلبة بشكل مباشر من وإلى الجامعة دون الحاجة للوصول للمجمعات الرئيسية.

وأضاف أبو فردة لصحيفة "الغد" إن حافلات الشركة تعمل بنظام التردد كل ثلاث دقائق حيث تنقل يوميا بمعدل 7 آلاف طالب من وإلى "الهاشمية"، وهو ما يمثل 25 % من مجموع طلبتها، مبينا أن الجامعة تعهدت بإعادة هيكلة برامج المحاضرات بحيث تسمح بمرونة أكثر للطلبة خاصة في أوقات الذروة بين الثامنة والتاسعة صباحا.

وقال أبو فردة إن "بعض شكاوى الطلاب غير منطقية ولا علاقة للشركة بها بل تسهم في تأجيجها أحيانا شركات نقل منافسة"، موضحا أن الشركة غير مسؤولة عن تأمين مواقف لتحميل وتنزيل أو تردي أوضاع مجمعات السفريات.

وبخصوص مدى مأمونية حافلات الشركة قال أبو فردة إن جميع الحافلات خضعت للفحص الفني في دائرة الترخيص، وهي مؤمنة تأمينا شاملا وهي ضمن العمر المحدد قانونا للتشغيل، موضحا أن الحادثة التي وقعت الشهر الماضي في إحدى حافلات الشركة كانت بسبب تعطل نظام التدفئة الموجود في أسفل المقاعد في هذا النوع من الحافلات والذي لا يشكل جزءا يسيرا من أنواع الحافلات التي تستخدمها الشركة.

اجتماعات ماراثونية
وبالتوازي مع التصعيد الاخير للطلبة، فقد جرى عقد سلسلة لقاءات ماراثونية بمشاركة وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل البري ومجلس النواب وادارة الجامعة ومجلس الطلبة وشركة المتكاملة، ولكنها لم تسفر عن شئ ملموس على صعيد حل المشكلة.

وتوجت هذه اللقاءات باجتماع عقد في مجلس النواب عشية فعالية المبيت في الجامعة، وناقشت خلاله لجنتا التربية والتعليم والثقافة والخدمات العامة والنقل النيابيتان ازمة النقل في الجامعة.

وحضر هذه المناقشات كل من وزيرة النقل لينا شبيب ومدير عام هيئة تنظيم قطاع النقل البري مروان الحمود ورئيس الجامعة الهاشمية كمال بني هاني ومدير ادارة السير العقيد ياسر الحراحشة ومدير عام شركة المتكاملة للنقل ومجلس الطلبة.

وقال النائب بسام البطوش الذي تراس الاجتماع انه تم الاستماع الى المعاناة التى يعاني منها الطلاب جراء ازمة المواصلات في الجامعة من قبل شركة المتكاملة تضمنت وجود نقص في اعداد الحافلات والتى هي بامس الحاجة للصيانة وتحديد مواقف للانطلاق داخل عمان وتوفير كوادر بشرية مؤهلة من قبل الشركة.

واكد البطوش الحرص على حل ازمة النقل للطلاب في اسرع وقت ممكن، متعهدا ان لا يتم طي المشكلة وبالعمل من اجل إيجاد افضل الحلول من خلال التنسيق مع الحكومة، بحسب ما تورده وكالة الانباء الاردنية (بترا).

من جانبة اكد النائب ابراهيم العطيوى ضرورة تكاتف الجهود لايجاد الحلول المناسبة للمشكلة عبر توفير افضل خدمات النقل للطلاب، مشيرا الى انه سيتم زيارة الجامعة للاطلاع على المشكلة على ارض الواقع ومتابعة ايجاد حلول لها مع الحكومة.

وبدوره قال رئيس الجامعة الهاشمية كمال بني هاني ان الجامعة تعمل كل ما بوسعها لايجاد حل لازمة النقل، مشيرا الى انه تم عقد اجتماعات مكثفة بهذا الخصوص مع هيئة تنظيم قطاع النقل وشركة المتكاملة.

اما الوزيرة شبيب، فقد اكدت انه سيتم العمل على ايجاد حلول مستدامة للازمة، مشيرة الى انه سيتم اعطاء مهلة لشركة المتكاملة لزيادة اسطول النقل لدى الجامعة والتنسيق مع هيئة تنظيم قطاع النقل وادارة السير للاشراف على الحافلات التى هي بامس الحاجة للصيانة.

بانتظار التنفيذ
وفي ضوء الوعود الجديدة، اصدر مجلس الطلبة بيانا اعلن فيه تعليق الاعتصام الذي كان مزمعا امام وزارة النقل يوم الخميس، لاعطاء فرصة لتنفيذ الوعود المقدمة من المسؤولين على صعيد حل مشكلتهم مع المواصلات.

وقال المجلس في بيان انه قرر وقف تنفيذ الاعتصام الذي وذلك لانتظار نتائج الاجتماع الذي عقد في مجلس النواب بمشاركة الوزارة والشركة والجامعة ومجلس الطلبة، محذرا من انه سيلجأ الى تنفيذ حزمة اجراءات تصعيدية جديدة في حال لم يتم حل المشكلة.

كما اكد انه لن يعود الى اي طاولة للمفاوضات مع شركة المتكاملة ولن يرضى باي حل غير ملموس وواقعي، مشيرا الى ان مقاطعته لباصات الشركة ستظل قائمة حتى يتم حل المشكلة.

وكرر البيان مطالب المجلس وهي: زيادة عدد الباصات بشكل مستمر يتزامن مع زياده عدد الطلبة، ومراعاة قواعد السلامة العامه واجراء صيانة دورية للباصات، وفتح مجال لشركات منافسة ومنحها خطا من خطوط عمان كي تكون هناك نقلة نوعية في المواصلات.

وكان مدير عام هيئة تنظيم قطاع النقل البري مروان الحمود اعلن عقب زيارته الجامعة يوم الاحد 19 نيسان، إن الهيئة تدرس حاليا خيارين لحل مشكلة النقل من وإلى الجامعة ليس من بينها فسخ العقد مع "المتكاملة".

وقال ان استبعاد فسخ العقد ياتي في ظل ان الفسخ واختيار شركة جديدة يحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن عام في حال وجود أسباب مقنعة.

واضاف ان أن الخيارين يتراوحان بين السماح لشركات النقل وتأجير الحافلات بنقل الطلاب من وإلى الجامعة وهو القرار الذي ستعرضه الهيئة على مجلس إدارتها لاتخاذ قرار بشأنه الأسبوع المقبل، أو السماح للشركة بشراء خدمات من حافلات وشركات أخرى لتعزيز أسطول نقل الطلاب والتأكيد عليها بضرورة توفر عناصر السلامة والصيانة التامة للحافلات.