وفاء ونعمة: عندما تخرجان من عباءة المجتمع
خروجها من دائرتها الانتخابية في محافظة جرش كان خبرا عاديا ودخولها مجلس النواب من اوسع أبوابه كان أيضا خبرا عاديا، لكن وقوفها أمام الجميع في جلسات التعديلات الدستورية أخرجها من عباءة أي عضو عادي.
أنها الثلاثينية وفاء بني مصطفى عضو مجلس النواب السادس عشر، وقفت على أرض غير ثابتة غير متكأة على أحد؛ تقارع أعتى نواب المجلس في لجنة قانونية ذات أهمية، تناقش وتقترح وتبدي ملاحظات وتؤثر على اتجاهات العديد من النواب خلال التعديلات الدستورية ٢٠١١ والتي ينظر لها كأحد أهم انجازات المجلس.
“لم يكن قرار الترشح سهلا في الانتخابات النيابية عام ٢٠١٠، أنا فتاة من مجتمع محافظ طالما أنه لم يكن هناك سابقة في خروج أمراة منه"، تقول وفاء، وتعتبر أن الطريق كان محفوفا بالصعوبات كباقي المحافظات الأردنية "السياسة مقتصرة على الرجال والمنظومة العشائرية والعادات وتقاليد تحول دون وصول المرأة للمواقع السياسية".
وما سهل على وفاء العمل والدخول إلى معترك السياسة هو خلفيتها كمحامية "فقد ساعدني تخصصي على تجاوز العقبات قبل قرار الترشح فقبل قرار الترشح كانت زيادة نسبة الكوتا دافعا أكبر".
تجربة المُماحكة السياسية والمقترحات والنقاشات الشرسة في لجنتها القانونية والتي كانت مقررتها، خلال نقاش التعديلات الدستورية العام الماضي، تذكر تلك الفترة بالقول: "هي وضعتنا على الطريق النيابي الصحيح، هي تجربة لا يمكن نسيانها داخل اللجنة وكم من الخبرة حملتها معي".
لكن صناعة التجربة لم تدم لوفاء أمام سطوة ذكورية أطاحت بها من اللجنة، ورغم ذلك تقول "كان قاسيا بالنسبة لي الخروج منها لكنها تبقى انتخابات وأنا مؤمنة بها ولن اقف عندها”.
تتابع “اكمل دوري في البرلمان بشكل متفاعل فأي قانون يأتي من اللجنة القانونية أقدم عليه ملاحظات بعضها تكسب تصويت زملاء لي وهذا شيء إيجابي".
توصف وفاء بشراشتها في الدفاع عن آرائها ومواقفها من القضايا التي تثار أمام أعضاء مجلس النواب، لكنها ترى في نفسها بالمرنة طالما أنها تقتنع بالآراء الصائبة من زملائها. “لا أشعر باستخفاف ضدي الآن أو نظرة دونية أو تقليل من كوني امراة قادمة من محافظة حرش".
“قد يكون في تجربتي فرصة لبنات محافظتي"، تقول وفاء وباسلوبها المتواضع تصف أنها قد تشكل دفعا آخر لبنات جلدتها في المحافظات والأرياف، "هناك الكثير من الكفاءات الشابة في محافظتي لكن يحتجن إلى الفرصة والمفاجئة ستكون في الفترة القادمة لجيل جديد من الفتيات لم يسبق لها العمل السياسي".
من عالم افتراضي إلى الميدان..فقضيتها لن تنتهي
لم تكتف الخمسينية نعمة الحباشنة بث قضيتها الشخصية في مدونتها التي تحمل اسمها "نعمة" بل جعلتها شعارا لمرحلة وجدت فيه الكثير من النساء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين نموذجا لهن ليكن في الميدان.
فحال نعمة المتشابه مع آلاف النساء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين وما تحمله من معاناة اجتماعية اقتصادية وسياسية، دفعها لتكون امرأة عفوية تدافع عن حالها وحال نساء كثيرات بروية وممحاكة لمن يعارضون منح الجنسية أو على الأقل منح الحقوق المدنية لهن.
“الحقوق لا تجزأ، وقضيتنا لن تحل الآن قد تحتاج إلى عشرين عاما فليكن فتجارب نساء في بلدان عربية مجاورة طويلة وليست سهلة"، تقول نعمة وتدرك ماذا تعني التغيير في القوانين والسياسة والعقلية الذكورية والمجتمع الذي قد يرفضهن.
“اعتبر أن حالة وأد تعيشها الأردنيات كحال وأد البنات في الجاهلية لكنه أكثر تحضرا؛ تهميشا وانتقاصا من واقعها لهذه المتزوجة من غير الأردني لكنه ليس كذلك بالنسبة للرجل الأردني "، تقول نعمة التي تنظر إلى ابنائها وبناتها والذي وجد بعضهم طريق آخر لحياته خارج الأردن.
تعول نعمة على وعي المجتمع وجيل جديد من الشباب الذي خرج من عالم الانترنت إلى الميدان مطالبا بحقوقه، "لم تكتف نساء بعدم اتقانهن الانترنت فكان من خلال أولادهن الاستمرار والتواصل مع المحيط بهن”.
ما قامت به نعمة هو خروجها إلى الشارع تحمل يافطة تطالب بحقوق تلك النساء دون أدنى خوف أو مواربة من أحد، "كنت وحدي بداية"وبعدها وبفترة قليلة كانت نعمة إلى جانب العشرات ثم المئات من الأردنيات اللواتي يشبهنها بالحال بعد خروج أبنائهن بدايةً".
إن تكسر حاجز الخوف، تسقط معه كل المحاذير وكل الأنظمة وهو ما قامت به نعمة التي وقفت في أول اعتصام لها في الشارع من الساعة ٨ صباحا حتى الساعة ١٢ ليلا في اعتصام مفتوح وحدها. “كان لدي هدف واحد وهو ترسيخ وجودنا في الميدان بداية وحدي وحتما سيكون هناك العديد من النساء في المستقبل وهو ما حصل بعد ذلك".
لا ينظر إلى المرأة في الاعتصامات بوصفها مواطنة لها الحق في التعبير عن حقوقها، تقول نعمة وتضيف "تصبح كل العقبات موجودة بمجرد وقوفها في الميدان، بدءا من الأصوات التي تنادي بعودتها إلى منزلها والطبخ لأودلاها وزوجها أو المس بأخلاقها وغيرها الكثير من العقبات".
وترى الحباشنة في نشاطها حافزا ودافعا للنساء وأبنائهن ليتحركن دون كلل أو ملل" فانا لست الدائم معهم لا ادري في المستقبل ماذا سيحصل لي لكن المؤكد أن حملة أمي أردنية جنسيتها حق لي سوف تبقى مستمرة”.
“المرأة هي نصف المجتمع، ما دمنا مقتنعات أن لنا حق فلن نقف مكتوفات الأيدي، قضيتنا سياسية أم غير سياسية هي حق لن نتنازل عنه أبدا"، تقول نعمة التي بدت تلمس نتائج إيجابية لحملتها من خلال تفاعل أعلى المستويات معهن.
إستمع الآن