خصل شعر صغيرة... تدخل السرور إلى نفوس مرضى السرطان في الأردن

خصل شعر صغيرة... تدخل السرور إلى نفوس مرضى السرطان في الأردن
الرابط المختصر

كانت كفيلة بإدخال الفرحة إلى نفوس مصابين بمرض السرطان من أطفال ونساء، بعد أن أطاح العلاج الكيماويّ بشعرهم، الأمر الذي دفع بمتطوّعين أردنيّين إلى جمع خصل الشعر وحياكتها على شكل "" لتكون جزءاً من علاج المرضى النفسيّ. من أحد صالونات تزيين الشعر، أطلق المزيّن الأردنيّ نهاد الدبّاس مبادرة عام 2017 تحت اسم "حرير" لزرع الأمل في نفوس أطفال مرضى فقدوا شعرهم في مراحل العلاج، وبدأت الفكرة عندما دخل طفل مصاب بمرض السرطان إلى صالون نهاد الدبّاس، الأمر الذي دفعه إلى التساؤل: كيف يمكنه تقديم المساعدة إلى الأطفال المصابين بمرض السرطان؟ وكيف نرسم البسمة على وجوههم من جديد؟

 

وأشار في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّه، وبحكم عمله في تزيين شعر الأطفال، حاك "باروكة" من خصل شعر جمعها من ، وقدّمها إلى الطفل المريض لتولد مبادرة "حرير"، التي توسّعت لتشمل أنشطة توعية في الجامعات الأردنيّة والمراكز التجاريّة الكبيرة، وتطرّق إلى كيفيّة التعاطي مع مرضى السرطان من الأطفال.

 

يعاين الدبّاس صور الطفل المريض قبل أن يتساقط شعره، ثمّ يبدأ بحياكة الـ"باروكة" لتتناسب مع ما كان عليه قدر الإمكان، بعد جمع خصل الشعر المناسبة من المتبرّعين في أماكن عامّة.

 

قال الدباس: "إن المبادرة تقوم على مساعدة الأهل والمجتمع من خلال التوعية في كيفية التعامل مع الأطفال المصابين بمرض السرطان، في المنزل والمدرس، وتقديم الدعم النفسي للأطفال من خلال تقديم هدايا وتنظيم زيارات للمرضى ورسم على الوجوه".

 

وأضاف الدبّاس: "لقد كانت البداية مع حرير لصنع البواريك لأطفال مرضى السرطان. أمّا الخطط المستقبليّة فهي انبثاق عدد من المبادرات المجتمعيّة الأهداف والإنسانية البحتة. ولذلك، ستقوم مبادرة حرير بالعمل، جنباً إلى جنب، مع فئات مختلفة مثل الأيتام والمسنّين واللّاجئين، كلّ بحسب حاجته".

 

ينتظر الطفل وسام (سبعة سنوات) المصاب بمرض سرطان الدم بفارغ الصبر عيد الفطر وهو الموعد الذي حدد له الكوافير دباس للانتهاء من انجاز باروكة الشعر له، يحلم وسام أن يرى البسمة على شفاه أصدقاءه ايضا في مركز الحسين للسرطان المصابين بالمرض، مما دفعه لكتابة قائمة باسماء بعض الاطفال سلمها للدباس على امل انجازها قبل العيد.

 

ويبلغ عدد الأردنيّين المصابين بمرض السرطان، كما قال رئيس جمعيّة "أصدقاء مرضى السرطان" الدكتور موسى رياشات (مريض سرطان) 15 ألف مريض، 50 في المئة منهم فوق الـ60 عاماً.

 

ويعتبر مرض السرطان السبب الثاني للوفيات في الأردن وتسجّل المملكة الأردنيّة سنويّاً ما يقارب الـ5 آلاف حالة إصابة جديدة بالسرطان، وتوقّع موسى الرياشات في حديث لـ"المونيتور" أن يرتفع هذا الرقم إلى 6 و7 آلاف إصابة بسبب ارتفاع عدد سكّان المملكة، نتيجة موجات اللجوء من الدول المجاورة. وإن ّهذه الإصابات بغالبيّتها تقع بين السيّدات، إذ يحتلّ سرطان الثديّ النسبة الكبرى بين أنواع الإصابات. وبحسب مؤسّسة "الحسين للسرطان"، فإنّ أمراض السرطان"، الأكثر شيوعاً بين الأردنيّين، هي: سرطان الرئة، القولون والمستقيم، والمثانة بين الذكور. أمّا أمراض السرطان الـ3 الأكثر شيوعاً بين الإناث في الأردن، هي: سرطان الثديّ، القولون والمستقيم، والغدّة الدرقيّة، في حين ينتشر بين الأطفال سرطان الدمّ (لوكيميا)، الدماغ، الجهاز العصبيّ المركزيّ والغدد الليمفاويّة.

 

وفي محاولة لتقديم الدعم النفسيّ إلى السيّدات، برزت في الأردن أيضاً مبادرة "" في عام 2017، أطلقتها 3 طالبات أردنيّات على مقاعد الدراسة في الجامعة الأردنيّة، هنّ: سخاء الزعاترة، هبه حميدان، ورند مقداد، اللواتي يعملن على توفير الشعر المستعار للنساء المصابات بالسرطان من خصل شعر طبيعيّة يحصلن عليها من المتبرّعات.

 

وكانت فكرة المبادرة قد بدأت مع الطالبة في الجامعة الأردنيّة هبة حميدان، عندما شاهدت "بوستاً" على موقع "فيسبوك" لفتاة تريد التبرّع بشعرها لمرضى السرطان، لكنّها لا تعرف إلى أين تذهب. ومن هنا، لمعت برأسها فكرة جمع خصل الشعر وحياكتها لمريضات السرطان في الأردن، لتنضمّ إليها بعد بضعة أسابيع سخاء الزعاترة ورند مقداد.

 

وفي هذا الإطار، قالت مقداد، وهي إحدى القائمات على المبادرة، لـ"المونيتور": "بدأنا بالحملة، بالتعاون مع عائلاتنا وأصدقائنا، لتمتدّ لاحقاً إلى المدارس وصالونات تزيين الشعر، ثمّ المجتمع من خلال فعاليّات تبرّع أقيمت في المحلاّت التجاريّة الكبيرة".

 

أضافت: "إنّ المبادرة غير ربحيّة، فيقدّم الشعر المستعار مجّاناً إلى المرضى الذين يتواصلون معنا عبر صفحة المبادرة على موقع فيسبوك، ونقوم بالاطلاع على سيرتهم المرضيّة، ثمّ بجمع الشعر وحياكة الباروكة".

 

وتبلغ كلفة الباروكة الواحدة ما يقارب الـ70 دولاراً تتمّ حياكتها من شعر المتبرّعين، وتتحمّل الفتيات الـ3، مؤسّسات المبادرة، هذه الكلفة الماديّة من خلال التبرّعات والنقود التي يجمعنها من أقاربهنّ وأصدقائهنّ.

ورأت مقداد أنّ التحدّي الكبير أمام المبادرة هو الدعم الماليّ، وقالت: "لم نحصل على دعم ماليّ رسميّ خلال عملنا في المبادرة، فما يتمّ إنفاقه على حياكة الشعر المستعار هو فقط من مصروفنا الشخصيّ كطالبات جامعة وما نحصل عليه من تبرّعات من عائلاتنا والأصدقاء وبعض فئات من المجتمع، لكنّ المبلغ لا يكاد يكفي".

 

وقدّمت "خصل" منذ انطلاقها في عام 2017 حتّى اليوم أكثر من 200 باروكة إلى 200 مريضة تحت شعار "بكرة بيطلع أحلى"، ويستهدف هذا الشعار، بحسب مقداد، المتبرّع كون شعره سينمو مع الوقت أجمل من ذي قبل . كما يستهدف المريضة لأنّ الباروكة شيء موقّت. ومع انتهاء فترة العلاج، ستستغني عن الشعر المستعار، وينبت شعرها بشكل أجمل.

 

  • المونيتور
أضف تعليقك