الغلاء يحجب هلال رمضان عن منازل أردنيين
تنتظر ربة المنزل رهف عبد الرحمن شهر رمضان بفارغ الصبر، لتعلق حبلا مضيئا من النجوم والأهلة على شرفة منزلها في مدينة إربد (100 شمال عمان)؛ ابتهاجا بالشهر، ولإحياء طقوس الصوم بنفوس طفليها "هاشم" و"سلمى" اللذان تبهرهما الأضوية بألوانها المختلفة.
خصصت رهف (30 عاما)، ما يقارب 15 دولارا، لشراء حبل الزينة، من محل كهربائيات، استوردها خصيصا من الصين لهذه الغاية، لتشارك الأسرة كلها في تعليق حبل الزينة.
بينما لم يكن ذلك حال سائق سيارة الأجرة، أبو سيف، من سكان العاصمة، فبعد أن أعاد ترتيب أولوياته المادية، التي لم يكن من ضمنها شراء زينة رمضان، بسبب "الإنفاق على المواد الأساسية، التي ارتفعت سعرها بسبب الضرائب والرسوم الحكومية"، كما يقول.
غلاء طال قائمة طويلة من سلع وخدمات في موازنة 2018، شملت مواد غذائية أساسية؛ بغية توفير إيرادات لخزينة الدولة بما يقارب مليار دينار أردني، موزعة على 540 مليون دينار من ضريبة مبيعات، و376 مليون دينار ضرائب ورسوم أخرى، إلى جانب رفع الدعم عن مادة الخبز.
لينعكس الغلاء ركودا على الأسواق الأردنية، ومن بينها الكهربائيات، وزينة رمضان، فحسب نقيب تجار الكھرباء والإلكترونيات، رياض القيسي، "تراجعت نسبة إقبال الأردنيين على شراء زينة رمضان بما نسبته 50% مقارنة بالعام الماضي، بسبب الركود وارتفاع الأسعار، وفرض الضرائب، مما دفع الأردنيين، لوضع أولويات كتوفير الخبز، على شراء الزينة".
يقول القيسي، إن "نسبة الربح انخفضت إلى 10%، رغم توفر زينة رمضان بأسعار في متناول الجميع، إذ تبدأ من 2 دولار حتى 100 دولار، ومع ذلك شهدت الأسواق إقبالا ضعيفا، بسبب الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، وقدوم رمضان في منتصف الشهر، وعدم صرف الرواتب".
زينة صينية
وحسب، القيسي، تتنوع مصادر زينة رمضان، إلا أن بلد المنشأ في الغالب هي الصين، التي تنتج الزينة، بأسعار ومواصفات مختلفة.
وتزين الحبال المضيئة محلات وشوارع العاصمة عمان، بعد أن أصبحت طقسا أساسيا في شهر رمضان، يقول هشام صاحب بسطة في وسط البلد بعمان، إن "أسعار زينة رمضان تختلف باختلاف الأحجام والدول المنتجة لها، إذ تصل أسعار الفوانيس الخشبية المستوردة من مصر إلى 30 دولارا كونها تصنع يدويا، أما الفوانيس الصينية فهي لا تعدو كونها ألعابا بلاستيكية تختلف أسعارها باختلاف أحجامها أيضا، وتتراوح أسعارها من 2 دولار إلى 10 دولارات".
وتطورت تجارة بيع زينة رمضان، لتمتد إلى شبكات التواصل الاجتماعي، بعد أن عرضت صفحات تجاربة على موقع فيسبوك، أصنافا جديدة للزينة، منها ما هو مصنوع يدويا من الخشب على شكل فوانيس، وأخرى بلاستيكية مستوردة، بأسعار متنوعة، حسب نوع وحجم المنتج.
ولم يقتصر تعليق زينة رمضان على شرفات الأردنيين، إذ قامت أمانة عمان الكبرى، والبلديات في المحافظات بالتعاون مع غرف التجارة، بتزيين الشوارع بحبال وأهلة مضيئة، مع بداية شهر رمضان.
ظروف اقتصادية صعبة
الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، يرى أن سبب ضعف الإقبال لا يعود فقط إلى ضعف القوة الشرائية للمواطن الأردني، بل يضاف إليها "ارتفاع تعرفة الكهرباء، مما دفع العديد من الأسر لعدم تعليق الزينة، حتى لو توفرت لديهم من العام الماضي".
يقول مرجي " إن "ضعف إقبال الأردنيين على شراء الزينة وأمور ليست أساسية؛ بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأردنيون، إلى جانب ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء بنسب تصل إلى 10%-20%، هذا كله أدى إلى تراجع إنفاق الأردنيين بشكل عام، ووصل التراجع إلى المواد الغذائية التي تراجع الإنفاق عليها بنسبة 30%".
يجوز شرعا
بدورها اعتبرت دائرة الإفتاء الأردنية، تعليق زينة رمضان، جائزة شرعا، كتعبير عن الفرح والابتهاج باستقبال الشهر الفضيل، وتعظيم شعائره.
يقول مدير العلاقات العامة والتعاون الدولي في دائرة الإفتاء العام د.حسان أبوعرقوب لـ"": "يجوز تعليق الزينة ابتهاجا بشهر رمضان، حيث يعبّر المؤمنون عن فرحهم بدخول هذا الشهر المبارك، الذي تكثر فيه العبادات والصدقات، ويتجه المؤمنون لطاعة ربهم، فهم في الحقيقة يعبرون عن فرحهم بطاعة الله وفضله ورضوانه".
واستشهد أبو عرقوب بالآية القرآنية الكريمة {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.(سورة يونس 58).. عربي 21