هل يخشى الإسلاميون الدخول في الحكومة؟ *

هل يخشى الإسلاميون الدخول في الحكومة؟ *
الرابط المختصر

انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية في الأيام الماضية بردود فعل مختلفة صدرت عن جبهة العمل الإسلامي حول إمكانية مشاركتها في الحكومة سواء عبر تشكيل الحكومة (وهذا أمر شبه مستحيل لأن أحدا من الكتل البرلمانية لن يطرح ذلك) أو عبر وزراء في الحكومة القادمة.

المراقب العام للإخوان المسلمين أنهى النقاش قبل ايام عبر بيان أكد بأن الإخوان (وبالتالي الحزب) لن تشارك في الحكومة لأنها ليست ضمن سياق الإصلاحات التي تريدها الجبهة ولأن المشاركة في الحكومة لا تتناسب مع أولويات الحزب/ الجماعة.

هل السبب الحقيقي هو عدم قناعة الحزب/ الجماعة بالشروط الحالية للمشاركة أم لأنها تفضل البقاء في المكان الأسهل والأنسب والأسلم لها وهو موقع المعارضة والنقد؟ لقد أثبتت التجربة في تونس ومصر أن الكلام ليس مثل الفعل. بإمكان الجماعة/ الحزب الحديث لأشهر وسنوات حول أهمية الإصلاح والديمقراطية ولكن الأمر يتغير تماما عند استلام المسؤولية والتحول من رفع الشعارات الحماسية إلى رفع الأسعار وتأمين الوظائف وإدارة الدولة.

لدى الحزب/ الجماعة واستراتيجيتها الإعلامية قدرة كبيرة على تشخيص مساوئ الوضع الراهن، وإذا ما قرأ أي شخص غير متدين بالضرورة ما تقوله حول تراجع الديمقراطية، وحول الفساد، وحول ضرورة التحول نحو سلطة الشعب وحول المتاعب الاقتصادية وحول تراجع العدالة الاجتماعية وحول انتشار الفقر والبطالة وكل ذلك من مشاكل الوطن، فلن يجد أي خلاف مع هذا التشخيص، وهذا ما يمنح الحزب/ الجماعة ميزة إضافية مهمة فهي التنظيم السياسي الأكثر قدرة على تشخيص المساوئ وتحديدها وجذب الاستقطاب حول محاربتها.

ولكن مشكلة الحزب/ الجماعة هي في الحلول البديلة، لأن شعارها “الإسلام هو الحل” يلقى قبولا عاطفيا كبيرا ولكنه لا يحمل برامج وحلولا واقعية لهذه الأزمات، بل إن الحزب/ الجماعة يمكن أن تتسبب بخلق أزمات جديدة في حال أصرت على تطبيق برنامجها السياسي والاجتماعي الذي لا يحظى بقبول غالبية الناس، وعلى الأخص النسبة الكبيرة التي يعجبها “تشخيص الحزب/ الجماعة” ونقدها للواقع، ولكنها لا تؤمن بطروحاتها البديلة.

لم تطرح الجماعة/ الحزب حتى هذه اللحظة أي تصور واضح لها حول قانون الانتخابات الذي تعتقد أنه مناسب، وعن الإصلاحات الدستورية المطلوبة، وعن الطريقة التي سوف تواجه بها التحديات الاقتصادية وخاصة الطاقة والمياه والوظائف ومكافحة الفقر والتنمية المحلية، ولا توجد لدى الجماعة/ الحزب أية تصورات واضحة عن أية قضية باستثناء الشعارات السبعة التي رفعتها والتي لا تغني ولا تسمن من جوع، ثم دشنها المراقب العام بدعوته للخلافة الإسلامية من دوار فراس.

لو كنت مكان صاحب القرار في الأردن، ولحسن الحظ انني لست كذلك لأن هذه مسؤولية في غاية الصعوبة، لكلفت الجماعة/ الحزب بتشكيل الحكومة وقيادة الدولة والاقتصاد وتحقيق الإصلاح السياسي. ستكون بضعة اشهر مريرة ولكنها بالتأكيد ستنهي تماما أية مصداقية للجماعة/ الحزب. هم ايضا يعرفون ذلك، ولهذا فإن الخروج في كل يوم جمعة للهتاف ولعب دور الضحية أفضل بكثير من مسؤولية الحكم. بالطبع لن يشكلوا الحكومة ولن يساهموا فيها إلا في حال توفرت الشروط المطلوبة وهي سيطرة إخوانية مباشرة على مصر وسوريا يمكن من خلالها الضغط على الأردن.

الدستور