هل سنرى اثرياء عرباً ؟

هل سنرى اثرياء عرباً ؟
الرابط المختصر

يتصادف حلول شهر رمضان هذا العام مع اكبر كارثة انسانية تشهدها باكستان, الدولة المسلمة, حيث دفعت الفيضانات 14 مليون باكستاني الى العراء بعد ان دمرت منازلهم وحقولهم ومصادر المياه والكهرباء, انها مأساة هائلة لا يقلل من شأنها وجود الرئيس الباكستاني زارداري في جولة اوروبية تاركا خلفه الملايين في معاناة حقيقية.

في العالم العربي والاسلامي حيث تتراكم الثروات في خزائن الدول وفي أيدي مئات الالاف من الاثرياء, لم نسمع عن تحرك ملموس للمساهمة في انقاذ الملايين من الفقراء في باكستان. تبرّعات قرأناها في بعض الصحف لا تتجاوز قيمتها عدد اليد الواحدة من ملايين الدولارات.

لقد دعا الله سبحانه وتعالى ورسوله الامين الى تحويل شهر رمضان الى حالة من التعاطف مع الفقراء, ولهذا الشهر (زكاة الفطر الخاصة) التي تدل على ان الصيام يقترن بمساعدة المحتاجين. لكن ورغم هذه المبادئ الانسانية الراسخة في تعاليم الدين الاسلامي منذ اكثر من 14 قرنا, الا ان ذلك لا يبدو له تأثير ملموس على اصحاب الثروات الطائلة المكنوزة في البنوك من اثرياء المسلمين.

لم نسمع ابدا عن ثري عربي او مسلم انه فعل شيئا ولو محدودا, مقارنة بما يفعله اثرياء آخرون من غير المسلمين. فالامريكي وارن بافيت, الذي يعتبر من اغنى اغنياء العالم. سبق وان تبرع قبل 3 سنوات بكامل ثروته المقدرة بـ 44 مليار دولار لصالح الاعمال الخيرية, التي لا تستهدف الفقراء الامريكيين فقط انما مأساة الفقر والمرض والملاريا في افريقيا وآسيا.

بافيت حول ثروته هذه الى مؤسسة صديقه بيل غيتس الخيرية, مالك شركة سوفت, ويديرها غيتس مع زوجته بعد ان تبرع لها بمبلغ 20 مليار دولار.

في العالم العربي والاسلامي هناك صفوف طويلة يملكون من الاموال المكنوزة اكثر مما يملك وارن بافيت وبيل غيتس, ومع ذلك لم نر من يوظف جزءا من كنوزه لخير البشرية ومساعدة ملايين العائلات الفقيرة, كل ما نراه تبرعات وحملات خيرية محدودة تنشأ في شهر رمضان فقط, وتظهر من خلال ما يُصرف عليها من دعاية اعلامية بأن المقصود هو حب الظهور, عدا عن الجانب الآخر حيث يستفيد الاثرياء في تقليص الضريبة على اموالهم من خلال القوانين التي تساعدهم على ذلك عند القيام بالتبرع.

من الافضل للاثرياء العرب والمسلمين التنازل عن جزء من اموالهم المكدسة لوضع حد لهذا التصاعد المأساوي في مستويات الفقر وانتشار المرض والاوبئة. والاعلان عن قيام مؤسسات حقيقية بمليارات الدولارات لهذه المهمة الانسانية والدينية معا.

حان الوقت لوضع حد للعقلية التي تعشعش في رؤوس الاثرياء التي تلقي بالمسؤولية في مواجهة الفقر والمرض على الدولة والحكومات, فمعظم الدول تعيش تحت ضغوط هائلة من النفقات والازمات الاقتصادية والمالية, فيما لم تتأثر كثيرا الشركات الضخمة للاثرياء, ولا تأثرت ودائعهم. فالواقع ان شهر رمضان المبارك يتناول هذا الجانب بالتركيز على دور المجتمع والفرد في مساعدة الفقراء, وهنا على الاثرياء ان يتخلوا عن بعض امتيازاتهم الخيالية من اجل ان يفعلوا شيئا للانسانية, وللمسلمين بشكل خاص الذي اصبحوا موضوع كل كارثة على وجه الكرة الارضية. فهل سنرى يوما في الشرق الاوسط اثرياء من امثال بافيت وغيتس , لكن باسماء عربية.

أضف تعليقك