هل انتهت الاستراتيجية الإعلامية مع استقالة العدوان؟

هل انتهت الاستراتيجية الإعلامية مع استقالة العدوان؟
الرابط المختصر

عندما جاءت المكالمة من مكتب رئاسة الوزراء للدعوة للقاء اللجنة الحكومية  لوضع استراتيجية إعلامية  كان لي فكران، فمن جهة، فوجئت باهتمام اللجنة بالعمل الإعلامي المجتمعي ودور المؤسسات الإعلامية غير الربحية، ومن جهة أخرى، تشككت من إمكانية خروج لجنة حكومية صرفة -رغم ترأس إعلامي مخضرم ومستقل لها- بقرارات جريئة تدفع العملية الإعلامية في الأردن إلى الأمام.

التقيت أنا والزملاء نضال منصور، من مركز حماية وحرية الصحفيين، ورنا الصباغ، من شبكة أريج  للتحقيقات الاستقصائية، مع أعضاء اللجنة الموسعة ثلاث مرات، وتم طرح ما اعتبرناه ضرورياً لتقدم الإعلام الأردني على كافة المستويات بكل شفافية ووضوح.

كما والتقى أعضاء اللجنة الحكومية المكلفة بتقديم الاستراتيجية الإعلامية مع كافة مكونات المجتمع الإعلامي في الأردن من صحفيين وأصحاب مواقع وإذاعات وتلفزيونات إضافة إلى المكونات المساندة من شركات إعلانات وتوزيع وأكاديميين وقضاة مهتمين في موضوع اﻹعلام والقانون.

في نهاية اللقاءات الماراثونية كان من الواضح أن أعضاء اللجنة اتفقوا مع العديد من اقتراحاتنا، في حين بقيت بعض الأمور غير محلولة خاصة في مجال الإعلام الإلكتروني وكيفية السيطرة عليه خارج فكرة التنظيم الذاتي، كما كان واضحا أن اللجنة لن تمس موضوع إلزامية العضوية في نقابة الصحفيين.

لقد اقترح الزميل نضال منصور فكرة لجنة شكاوى وتمت مراجعة العديد من النماذج العالمية من بريطانيا إلى جنوب أفريقيا مرورا بالهند.

ورغم بقاء الخطة الاستراتيجية التي اتفقت اللجنة الحكومية عليها في أدراج مكتب رئيس الوزراء لعدة أسابيع إلا أنه تم التصديق عليها في مجلس الوزراء في نهاية الأمر، وتنفسنا الصعداء مستبشرين بعهد إعلامي جديد.

إلا أن الفرحة لم تدم طويلا، فقد أصبح واضحا الآن وبعد استقالة الوزير طاهر العدوان المشرفة أن مستقبل الاستراتيجية الإعلامية لن يكون أفضل من مستقبل الخطوات التسع عشرة التي تم الاتفاق عليها في هيئة الأجندة الوطنية، خطة الهيئة التي ترأسها آنذاك نائب رئيس الوزراء مروان المعشر في أواخر القرن الماضي والتي تضمنها خطاب التكليف السامي لحكومة البخيت الأولى، تحولت إلى أرشيف تاريخي ليس أكثر.

كيف يشبه اليوم الأمس! فنفس رئيس الوزراء الذي نجح بقتل خطة الأجندة الوطنية تحت حجة عدم استعداد الشعب الأردني للديمقراطية، يقوم الآن بنسف استراتيجية الإعلام المقرة من قبل حكومته من خلال إدراج تعديلات على عدة قوانين تتنافى مع رؤية الاستراتيجية الإعلامية.

 لقد انسجم الوزير-الصحفي طاهر العدوان مع نفسه ومع تعهداته للأسرة الإعلامية بعدم الدفاع عن إجراءات وقوانين مقيدة لحرية الصحافة والإعلام.

قد يكون هناك أسباب منطقية في الرغبة الحكومية بالبحث عن حلول لمشكلة اغتيال الشخصية والمهنية الإعلامية غير الموضوعية في العديد من المواقع والتعليقات التي تنشر عليها،  وتلك المواضيع لن يتم حلها بتعديل قانوني بل بمجموعة إجراءات منها تشكيل مجلس الشكاوى كما جاء في الاستراتيجية الإعلامية ولكنه لا يمكن العودة إلى الوراء خاصة في مجال الإعلام الذي أصبح مفتوحا بفضل الثورة الإلكترونية.

لقد عكست استقالة طاهر العدوان تراجعا واضحا للحكومة الأردنية عن مطالب الشارع والمعارضة إضافة إلى مطالب الأسرة الإعلامية.

عند تشكيل اللجنة الحكومية لوضع استراتيجية إعلامية شكا العديد من عدم قدرتها على تقديم المطلوب  لغياب أي عنصر في اللجنة من القطاع الخاص.

إذا كانت توصيات لجنة حكومية صرفة غير مقبولة فكيف يمكن أن نأمل يوما ما أن يتم الوصول إلى إعلام حر وتقدمي يلبي رغبات الشعب ويحقق الرؤية الملكية بحرية إعلامية سقفها السماء؟

*مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي وراديو البلد وموقع عمان نت

أضف تعليقك