نعم للوطن البديل ..في غير الاحتلال..!

نعم للوطن البديل ..في  غير الاحتلال..!

في السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية خرج الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) تحت ضغط قريش سكان مكة الاصليين وهو منهم ، مهاجرا الى وطن بديل اسمه يثرب ، التي صارت حتى خلافة امير المؤمنين علي ، عاصمة الدولة الاسلامية ، ولم يكن فتح مكة كافيا لتغير مسار الوطن البديل لعاصمة الدولة الاسلامية التي كان يفترض بها ان تكون مكة ، بل ظلت على حالها ، كان ذلك حاصلا ومكة قبل الهجرة وبعد الهجرة هي مدينة قريش ، التي خرج منها النبي الكريم قاصدا وطنا بديلا مناسبا لاقامة الدولة الاسلامية ومكة احب ارض الله اليه والى رسوله ، كان هذا حاصلا دون ان تخضع مكة في كلا الحالتين قبل الهجرة وبعدها الى عدو خارجي ، وكان رسول ابرهة الحبشي الى عبدالمطلب القرشي بن هاشم المتوفى في غزة ، انه لم يأتي غازيا وانما جاء لهدم البيت فقال له ابن هاشم : "البيت له رب يحميه " ،قال له ابرهة :" ما كان ليمتنع مني "، قال له ابن هاشم :"أنت وذاك !"، كانت دولة المدينة المنورة دولة اسلامية سادها القرشيون ابناء اسماعيل ممن يعرفون بالتاريخ بالعرب المستعربة في مدينة يمتلكها الاوس والخزرج ممن يعرفون بالعرب العاربة ، وكانت الدولة باركانها قائمة لانها لم تبنى على احتلال قرشي للمدينة ولم تكن في سياق احتلال خارجي لمكة فرض على المسلمين ذلك..!

وفي التجربة العربية ، وصل مئات الالوف من الشراكسة منذ القرن التاسع عشر الى البلاد العربية ابان وعقب سقوط شركيسيا من بلاد القوقاز بيد روسيا القيصرية ، وبعد مئات السنين ظلت الدولة القوقازية لاهلها ، وكان من شعب دولة كشيشان انجوش ، في عهد الرئيس جورباتشوف ان وقعوا عريضة تطالب بتسليم النائب الاخواني السابق والوزير الاردني عبد الباقي جمو رئاسة الدولة بعد نحو تسعة عقود من اخر خروج للشيشان الى البلاد الاسلامية هروبا بدينهم من الاحتلال الروسي الدموي والثورة البلشفية التي اتت بعد ذلك وفشلت على مدار هذه العقود بمسح هويتهم ، وظلت الارض لاهل الارض..!

في ظروف طبيعية تتعلق بملائمة الارض للعيش ، خرجت شعوب باكملها تبحث عن مواطن اخرى ، وتوطنت بفعل التضاريس بمناطق لم تكن هي موطنها ، واليوم تبحث جزر عالقة في مهب الكوارث الطبيعية عن مواطن بديلة كما في اندونيسا وجزر المالديف وجزيرة هايتي المنكوبة ، وليس هذا محل ذكر الطبيعة ودورها في توطين الانسان ، او التوطين بالتجارة كحال اكثر الهجرات العربية المعروفة اليوم هجرة الحضارمة الى اسيا والخليج العربي التي اوصلت ثلاث شخصيات حضرمية الى اعلى هرم قيادي في دول اخرى ، واوصلت ثلاثة عرب لبنانيين وسوريين الى هرم السلطة في دول امريكا اللاتينية والجنوبية، لكن الواقع الذي ينشأ تحت الاحتلال ، سطوة دولة على اخرى ، او شعب على غيره ، تظل حالة مرفوضة ، وتتوارثها الاجيال ، الى ان يعود الواقع الى حاله ، وليس ثمة احتلال قائم الى اليوم في منطقة في العالم الا فلسطين التي وقعت تحت احتلالات كثيرة ، تحت اطماع احتلالية واستعمارية اخذت مسمى صوري بالحملات الصليبية ، و دامت اكثر مما دام عليه الاحتلال الصهيوني القائم اليوم..!

في متواليات التاريخ ، تجارب كثيفة من التهجير والتنكيل والاحتلال ، سياقها واحد ، يظل ابن الوطن ابن الوطن ، لا ينفك عن ذلك حتى يعود ، او يظل مهاجرا ما بقيت الظروف ، اما ان يستبدل وطنه باخر ، فهذه كانت لفلسطين ليس الا حيث جاء اليهود من العالم ومن المجهول ، فكان الوطن البديل لهم هو فلسطين في ظروف كان العالم كله يحاول ان يلفظهم باتجاه اخر ، فكانت دولة اسرائيل "!!" التي هي الوطن البديل ليهود العالم ، فيما كانت الاردن هي شرق النهر وظلت الى اليوم شرق النهر ، تحملت كارثة ان تكون فلسطين هي الوطن البديل لليهود ، ليصير اخر المطاف ان الاردن هي الوطن البديل للفلسطينيين ، حيث يدق منظرو اليمين المسيحي في العالم مع قادة الدولة الصهيونية ، استحالة قيام دولة فلسطينية يهودية واحدة داخل ارض واحدة ، فكانت الاردن البلد الملتصق بفلسطين والتي تضم اكثر الاصول الفلسطينية خارج فلسطين ، كشعار الوطن البديل في ظرف لم يتغير فيه شيئ على الارض بخصوص القضية الفلسطينية ، غير الانشطار القائم بين الاشقاء الفرقاء على بعض اجزاء من الارض التي كانت ارضهم وصارت الارض البديل لليهود حيثما كانوا..!

في مسلمات التاريخ الذي يتخوف منه الاردنيون كما الفلسطينيون ، لا يوجد وطن بديل بالاحتلال ، ولا يوجد

شعوب تُحصد باكملها او تزرع في غير ارضها ، هناك ارض بديلة تفرضها المصالح وتفرضها الطبيعة على الانسان ، لكن الاحتلال والحرب وحدها التي ترفض فكرة الوطن البديل ، وتولد جيلا بعد جيل يقتضى اخر الامر ان

الارض لاهل الارض ولو اقتضى ذلك خمسة قرون كحال بيت المقدس ذات تاريخ..!

أضف تعليقك