نتائج التوجيهي: نقطة انطلاق جديدة

نتائج التوجيهي: نقطة انطلاق جديدة
الرابط المختصر

في البداية أعتذر من كافة الطلبة الذين لم يحالفهم الحظ بالنجاح في امتحان الثانوية العامة لهذا العام، أو أولئك الذين حصلوا على معدلات منخفضة، وكذلك يمتد الاعتذار من ذويهم الذين لا شك أنهم أرهقوا نفسيا في متابعة أصعب سنة يمكن أن تمر على اي طالب في المدارس على امتداد العالم كله!

سبب الاعتذار هو حقيقة غير مريحة مفادها أن نتائج التوجيهي لهذه السنة، والطريقة التي تم ضبط الامتحان فيها ومحاربة الغش، والعمل على إدخال اسئلة مختلفة عن تلك الموجودة في الكراسات التعليمية التي يقوم بإعدادها المدرسون الخصوصيون تشكل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من امتحان الثانوية العامة قد يعيد لهذا الامتحان هيبته ومكانته التاريخية كمؤشر منصف وعادل لحالة التعليم في الأردن ويضع شروطا حقيقية لدخول الجامعات.

في المقابل فإن وجود حوالي 300 مدرسة حكومية وخاصة في الأردن لم ينجح منها أحد في امتحان وزارة التربية والتعليم بعد نجاحهم في كافة الامتحانات المدرسية مؤشر خطير على الحاجة إلى إحداث تغيير وتطوير جذري في التعليم في الأردن خاصة في المدارس الحكومية في المحافظات. هذه المدارس تعاني من انعدام الظروف الملائمة للتعليم سواء الموارد المالية أو المعلمين الأكفياء أو الظروف الاجتماعية المناسبة. ليس من المنطقي أن يتم معاقبة هذه المدارس سنويا من خلال رفع مستويات الأسئلة والتي يمكن أن يستفيد منها بشكل أساسي طلبة المدارس الخاصة غير المعتمدين على الغش. الطلبة في المحافظات المختلفة بحاجة إلى دعم وتحسين في نوعية الخدمات التعليمية المقدمة لهم مع الحرص التام على الاستمرار في منع الغش والتجاوزات لأن العدالة هي عنصر اساسي في تطوير التعليم والتنمية في اي بلد.

نجاح وزارة التربية والتعليم والأجهزة الأمنية في ضبط امتحان التوجيهي في العام الحالي يواجه تهديدا من مصدرين رئيسيين هما حدوث تغيير ممكن في هذه السياسة في المستقبل استجابة لضغوطات اجتماعية أو عدم تحقيق العدالة المطلوبة في القبول الجامعي نتيجة استمرار نظام الاستثناءات ودعم سياسة البزنس في التعليم الجامعي. نعرف تماما بأن سياسة الضبط التي تم تطبيقها هذه السنة هي بفضل وزير التربية الحالي مع دعم لا يمكن تجاهله من رئيس الوزراء. في حال تغيرت المعادلة في السنة الدراسية القادمة وعاد الإخلال بقيم الامتحان إلى الظهور وخاصة التسامح مع الغش والاستمرار في إعداد الأسئلة التقليدية التي تخدم بزنس كراسات التوجيهي فإن كل هذا النجاح سينتهي. الخطر الآخر هو في استمرار سياسات الاستثناءات وقيام الجامعات بتقليل عدد المقاعد المتاحة للتنافس العادي مع زيادة تلك المخصصة للتعليم الموازي والأجنبي والتي تعتمد على أسعار باهظة للساعات المعتمدة مما سيعني أن نسبة كبيرة من الطلبة المجتهدين لن يحصلوا على مقاعد يستحقونها تنافسيا وسيضطرون لدفع اسعار مضاعفة في البرامج الموازية.

ما حدث في امتحان الثانوية العامة لهذه السنة نجاح مهم في تأسيس قاعدة انطلاق جديدة نتمنى أن لا يتم تدميرها مع تغيير الوزير والذي هو أمر حتمي في نهاية المطاف.

الدستور

أضف تعليقك