من أيقظ وحش الطائفية ومن يغذّيه؟ *

من أيقظ وحش الطائفية ومن يغذّيه؟ *
الرابط المختصر

قبل يومين في مصر قامت مجموعة من المواطنين البسطاء بالهجوم على منزل قيادي شيعي محلي وقتله مع ثلاثة من أنصاره وذلك في حالة من العنف الديني المثيرة للرعب، خاصة في وجود أطفال ضمن الفئة التي قامت بالهجوم وقيام سكان القرية بالمفاخرة بهذا الإنجاز. اليوم في لبنان عدة حالات من إطلاق النار والعنف المتبادل بين السلفيين السنة والجماعات الشيعية. في العراق تنهض الأحقاد بعد بضع سنوات من اخمادها تحت الرماد وفي عمّان يخرج الإخوان المسلمون في مسيرة تتضمن شعارات طائفية تحريضية غير مسبوقة في هذا البلد. ايها السادة فلنعلم أنه في كافة بقاع العالم العربي والإسلامي تم إيقاظ وحش الطائفية من جديد.

حتى لا يكون هنالك شك ولا فلسفة ولا عملية توجيه لأصابع الاتهام للآخر وافتراض حسن النوايا الذاتية يجب أن نقول ان وحش الطائفية في العالم العربي تم ايقاظه قبل سنتين من قبل النظام السوري والجرائم التي ارتكبها بحق شعبه والتي حملت بعدا طائفيا لم يكن واضحا إلى حين اشتراك مقاتلي حزب الله في الهجوم الذي شنته القوات السورية الرسمية على بلدة القصير. وحش الطائفية يحتاج إلى ان يتغذى حتى يبقى على قيد الحياة وقد وجد الكثير من الغذاء من قبل متطرفين من السلفيين السنة وبعض قيادات الجهاد التكفيري والقيادات الدينية السنية التي أرادت حشد الناس ضد النظام السوري كما حظي هذا التحشيد برعاية رسمية واضحة في بعض الحالات كما في احتفال ستاد القاهرة لدعم الثورة السورية.

ما يسود الآن هو ثقافة القطيع. مجاميع من الناس تتحرك معا بدافع غريزي وبدون تفكير تحت تاثير “قائد واحد” أو خطاب واحد لتمارس الفتك باشخاص آخرين يختلفون معهم في الطائفة أو المعتقد أو العرق أو الفكر أو حتى موقع الولادة. هذا مسار نحو الخراب والدمار النهائي لأن ثقافة الكراهية لا تتوقف عند أحد. سيصفق البعض لقتل الشيعة، كما صفق البعض لقتل السنة وصفق الأخرون لقتل العلمانيين والمسيحيين وغيرهم من اصحاب المعتقد المختلف ولكن نفس الذين صفقوا سيدفعون الثمن يوما ما لأن دائرة الكراهية لا تتوقف في مكان ما ويمكن لها أن تدهس الجميع.

رؤساء دول، مراجع دينية، اصحاب فتاوى، خطباء مساجد، قنوات فضائية وغيرهم من اصحاب التأثير يمارسون التحريض يوميا لجعل فئة من المجتمع تكره الأخرى وتخطط لفنائها والقضاء عليها. لا يوجد شعور لا بمسؤولية أخلاقية ولا وازع من الدين الحقيقي ولا مسؤولية وطنية يردعهم والنتجية ستكون فاجعة لجميع العرب والمسلمين.

يجب أن ترفض المجتمعات العربية بكافة مكوناتها أن يتم اقتيادها مثل القطيع في ساحة حرب مدمرة يصنعها متطرفو الطائفية واصحاب المصالح في بث الفتن والكراهية. ربما يعتقد الكثير من الناس الذين هم حاليا بمعزل عن التفكير الديني المتطرف بأن ما يحدث هو في عالم مختلف وبعيد عنهم ولكنه سيقترب تدريجيا وإذا لم نتحرك سريعا لرفع حواجز وموانع اجتماعية وأخلاقية ودينية ضد انتشار خطاب التحريض بكافة اشكاله الطائفية والعرقية والإقليمية فإننا جميعا سنجد أنفسنا في المستنقع.

أرفضوا الكراهية فورا ولا تصفقوا للجناة والمجرمين الذين يعتدون على الحياة الإنسانية وتمسكوا بقيمة الحياة وحق الإنسان في الأمن والطمأنينة لأن مستقبل أبنائكم يعتمد على ذلك.

الدستور

أضف تعليقك