"مملكتنا الصحراوية" في الإعلام الغربي

"مملكتنا الصحراوية" في الإعلام الغربي
الرابط المختصر

من الطبيعي أن تصبح منطقة الشرق الأوسط هدفا مفضلا للإعلام الغربي منذ شهر تقريبا نتيجة الحراك السياسي المتسارع والذي شهدته المنطقة خاصة في تونس ومصر. وبحكم أن الأردن هو الدولة العربية الأكثر انفتاحا على الإعلام العالمي (مع لبنان) في هذه المنطقة فإن نسبة كبيرة من الإعلاميين توافدت إلى الأردن لمتابعة الوضع الداخلي في الأردن والتنقل إلى ومن مصر ، ومن المؤكد أن هؤلاء الإعلاميين كانوا بحاجة ماسة إلى قصص تستحق الكتابة والبث والنشر في وسائل الإعلام المختلفة تبريرا للكلفة المالية والجهد في إرسالهم إلى الأردن. وعندما نتحدث عن الأردن هنالك ثلاثة أمور تثير اهتمام الرأي العام العالمي وهي دور الإسلاميين في المعارضة والعلاقة الأردنية - الفلسطينية داخليا وكذلك الجرائم المرتكبة باسم الشرف.

الوضع الحالي في العالم العربي والإغراء الواضح للتساؤلات حول الدولة التي يمكن أن تكون التالية في مسلسل التغيير ساهم ايضا في زيادة مستويات الإثارة والبحث عن القصص التي يمكن أن تحتل مكانا متقدما في الإعلام العالمي ، خاصة في ظل وجود الانفتاح الإعلامي في الأردن والذي يسمح لجميع النشطاء السياسيين والإعلاميين والمواطنين بالتحدث مع وسائل الإعلام الأجنبية. عشرات وربما مئات الإعلاميين الأجانب التقوا مع سياسيين وإعلاميين أردنيين بهدف واحد فقط وهو التساؤل فيما إذا كان الأردن ، وهو "المملكة الصحراوية" Desert Kingdom كما يتم وصفها من قبل غالبية مراسلي وكالات الانباء الأجنبية ومراسلي الإعلام الغربي ، سيشهد حدثا مماثلا لتونس ومصر.

وبما أن الإجابة المنطقية عن ذلك هي أن نوعية الحراك السياسي الشعبي المعارض في الأردن تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية ضمن إطار النظام الملكي الهاشمي وبدون اي تفكير بالخروج على هذا النظام ، لم يكن هنالك الكثير ممن يمكن لهؤلاء المراسلين والصحافيين الكتابة بشأنه. فبدأت محاولات الحصول على تصريحات من أفراد بأسماء مجهولة أو حتى باسماء وهمية كما فعلت صحيفة كندية ، أو انتفاء 3 - 4 شخصيات معارضة تهدف إلى الزج بطروحات سياسية خاصة بها تستهوي رغبات الإعلام العربي في الحديث عن تغيير في هرمية النظام السياسي. أما بعض الإعلاميين الآخرين فقد قاموا بتحريف أو على الأقل اساؤوا فهم بعض التصريحات الصادرة عن زملاء ونشطاء سياسيين ووضعوها في سياق مختلف عن الحقيقة.

بالطبع لم تكن الصحافة الإسرائيلية بالذات لتترك هذه الفرصة لتنبش في جدلية العلاقة الأردنية الفلسطينية وخيارات الوطن البديل ونشر الآراء السلبية المحدودة التي تحملها بعض الأطراف ، وبالتالي قرأنا في الصحف الإسرائيلية الكثير من التحليلات التي تصب في هدف رئيسي وهو شرخ الوحدة الوطنية في الأردن والإيحاء بوجود انقسامات سياسية وإقليمية قد تجعل الأردن مهيئا لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه.

وإذا كان من الممكن "تفهم" الرغبة العارمة لدى الصحافة الإسرائيلية وبعض الإعلاميين الغربيين في كتابة تقارير مثيرة وغير مستندة إلى صورة شمولية فإن هنالك شعورا بالدهشة من اندفاع مراسلي ثلاث وكالات أنباء عالمية على الأقل يعيشون في الأردن ويعرفونها تماما لنشر تقارير مبالغ بها عن بعض البيانات التي صدرت في الأيام الماضية ووضعها في خارج سياقها وحجمها الطبيعي ، وإذا كنا لا نملك ابدا أن نحاكم النوايا فإن المهنية تقتضي توضيح الأبعاد الحقيقية للأحداث وعدم المبالغة.

مملكتنا الصحراوية ، كما توصف قد تكون مفتقرة للموارد الطبيعية والمالية ولكنها دولة فخورة بالعقد الاجتماعي بين القيادة والشعب ، والمجتمع الأردني مثل كافة المجتمعات في العالم يرنو إلى المزيد من التطور والتقدم وتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية المنشودة وهو يشهد حراكا سياسيا نشطا في هذا السياق وأحيانا تظهر بعض الحالات غير المألوفة في النقد السياسي ولكن المسار يبقى واضحا أمام الجميع وهو التكاتف في حماية الدولة والالتزام بالنظام الملكي الهاشمي الذي يمثل ضمانة الأمن والاستقرار والتقدم والعمل معا من أجل مستقبل أفضل. لا يبدو الأمر مثيرا للإعلام الخارجي ، ولكن هذه هي الحقيقة التي لا يجب التغاضي عنها من أجل تلبية نهم الإعلام الدولي للأحداث.

حمى الله "مملكتنا الصحراوية" الجميلة الفخورة ودعونا نعمل من أجل البناء لا الهدم.

الدستور

أضف تعليقك