ملف الانتخابات تحت سيطرة الرفاعي
تشكيل لجنة توجيهية عليا موازية للجنة »الداخلية« وربط إعلام الانتخابات بالرئاسة
في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء أُعلن عن تشكيل »لجنة توجيهية عليا للإشراف على الإنتخابات« يرئسها رئيس الوزراء سمير الرفاعي وتضم في عضويتها ستة وزراء بينهم نائبا الرئيس د. رجائي المعشر ووزير الداخلية نايف القاضي. وحسب البيان الصحافي لمجلس الوزراء ستتولى اللجنة الإشراف على الإنتخابات ومتابعة الإجراءات المتعلقة بها.
بهذا المعنى فإن اللجنة ستكون المرجعية الأولى لكل ما يتصل بالشأن الإنتخابي.
قانون الانتخاب المؤقت لا يتضمن اشارة الى لجنة كهذه, ففي المادة 23 ينص القانون على »تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية للإشراف على الإنتخابات والبت في جميع الأمور التي تعرضها عليها اللجان المركزية« وتضم في عضويتها قاضيا من الدرجة العليا ويكون نائبا لرئيس اللجنة إضافة الى اربعة من كبار موظفي وزارتي الداخلية والتنمية السياسية.
لم يغب هذا النص القانوني عن بال رئيس الوزراء وهو يبلغ مجلس الوزراء عن قراره بتشكيل لجنة »موازية« ستتولى عمليا الإشراف الكامل على ملف الإنتخابات, لكنه إزاء التحدي الذي تواجهه الحكومة المتمثل بانجاز انتخابات حرة ونزيهة لم يجد آلية تضمن تحقيق هذا الهدف لا يكون هو شخصياً على رأسها, وفي ذاكرته تجربة رؤساء حكومات سابقين اطلقوا الوعود »صادقين« باجراء انتخابات نزيهة واكتشفوا لاحقا ان المياه كانت تجري من تحت اقدامهم وتحملوا وحدهم وزر الإتهامات بالتزوير.
الرفاعي وكما يبدو لغاية الآن لا يريد ان يكون الزوج المخدوع في العرس الإنتخابي وهو مصمم على تحصين نفسه بطريقة مؤسسية تضمن متابعة كل التفاصيل المتعلقة بالعملية الإنتخابية والإشراف على الترتيبات الفنية والسياسية الخاصة بالملف الإنتخابي.
ووفق الصيغة الجديدة ستكون »اللجنة العليا« في وزارة الداخلية خاضعة في اعمالها لتوجيهات وقرارات »اللجنة العليا« في رئاسة الوزراء كما ان التنسيق والتعاون بين الأجهزة الحكومية والأمنية بشأن الإنتخابات سيمر عبر اللجنة التوجيهية العليا, ولن يكون بمقدور طرف ان يتصرف في شأن انتخابي وفق حساباته الخاصة.
لكن اللجنة التوجيهية لا تستطيع ان تعمل بمعزل عن اللجنة العليا في وزارة الداخلية فالثانية هي المرتبطة ميدانيا مع اللجان المركزية والإنتخابية في المحافظات والدوائر الإنتخابية واليها تتبع كل الحلقات الإدارية, ومعها يرتبط المحافظون والحكام الإداريون ورؤساء اللجان.
المؤكد ان رئيس الوزراء يريد دورا مباشرا في الإشراف على الإنتخابات ليفي بوعود قطعها على نفسه امام جلالة الملك والرأي العام والقوى الدولية بان تكون الإنتخابات المقبلة »مثالا« في النزاهة كما قال.
ولضمان سيطرته الكاملة على الملف الإنتخابي اختار رئيس الوزراء مستشاره السياسي الزميل سميح المعايطة ليكون ناطقا اعلاميا لشؤون الانتخابات لما يتمتع به المعايطة من خبرة في العمل الإعلامي وَصِلات قوية مع الأوساط الإعلامية الأردنية ومصداقية في الأداء الحكومة في امسّ الحاجة اليها في موسم الإنتخابات المقبلة.
قانون الانتخاب المؤقت سيئ ورجعي, لكن العملية الإنتخابية تنطوي على بعد أخلاقي يتصل بثقة الناس بالنظام السياسي ونزاهته فلعلنا نستعيد في الانتخابات المقبلة شيئاً من القيم التي اهدرناها في الماضي.