مع الحوار وضد الصفقات لحل الأزمات العالقة

مع الحوار وضد الصفقات لحل الأزمات العالقة
الرابط المختصر

هنالك ارتياح عام في الوسط الإعلامي وبين النخبة السياسية في الأردن - باستثناء تلك التي تضع مناكفة الحكومة هدفا بحد ذاته - بتفاصيل التعديلات التي تم إجراؤها على قانون جرائم المعلومات والتي استجابت للآراء الناقدة التي أطلقتها عدة وسائل إعلام أردنية إضافة إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان وبعض المنظمات المحلية والدولية المعنية بحرية الإعلام. عملية التفاهم والحوار بين الحكومة وأصحاب الشأن ربما كانت متأخرة ، ولكن في المحصلة تمثل جهدا مطلوبا في حل النزاعات والاحتقانات التي لا تخدم المصلحة العامة للدولة.

هنالك الكثير من الدروس المستفادة التي يمكن استقراؤها من التطور الأخير وأهمها أن اي تشريع يستحسن أن يمر في عملية تشاورية قبل إقراره. وحتى في غياب مجلس النواب حاليا فإن مشروع اي قانون يمكن أن يطرح لنقاش علني مفتوح مع المؤسسات الشريكة والحصول على الآراء المختلفة والوصول إلى قانون متوافق مع مصلحة الدولة ويعكس آراء الخبراء والعاملين في المجال الذي ينظمه القانون. الدرس الثاني هو أن الحوار الحقيقي المنهجي يساهم دائما في تخفيف أجواء التوتر ويوصل السياسة العامة إلى بر الأمان ولا يمكن لوحدانية الرأي أن تحقق تقدما في مسار الديمقراطية.

هذه مناسبة ممتازة لإعادة النظر في بعض التوجهات والقرارات التي كان يمكن تجنبها وساهمت في توتر الرأي العام .

بعض الأصوات تنادي ايضا بفتح باب الحوار مع القوى التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات ، وهي مطالبة تحمل الكثير من المنطق ولكن يجب أن تكون الحدود واضحة فيها. يمكن أن تدخل الحكومة في حوار لعرض ضمانات النزاهة في الانتخابات ولكن من الصعب ، بل من المرفوض أن نقوم بدعوة الحكومة لعقد صفقات مع أحزاب وتيارات تعلن مقاطعتها للانتخابات لأن تلك ستكون سابقة غير محمودة وستفتح الباب أمام الكثير من المشاكل.

ما يمكن للحكومة أن تقوم به هو عرض صادق لنوايا النزاهة مع ضمانات إجرائية تقدم لكافة القوى السياسية وليس لواحدة أو اثنتين بدون أن يتضمن ذلك اي نوع من الصفقات المرتبطة بمصالح تلك الجهات. الانتخابات استحقاق سياسي تكون فيه الدولة على مسافة واحدة من الجميع ، ومن يريد أن يبتعد فهو حر ، ولكن لا يستطيع أن يفرض شروطه الخاصة للمشاركة في استحقاق الانتخابات لأن ذلك يشكل خرقا لمبادئ النزاهة والشفافية التي يطالب بها الجميع.

من المهم أن ندخل في جو الانتخابات بالقدر الأدنى من التوتر السياسي والاجتماعي حتى لا يتم تسميم الجو العام للانتخابات. ومع القناعة التي لا يمكن نكرانها بأن هنالك هجوما منظما من بعض مراكز القوى وارتباطاتها المختلفة على الحكومة بهدف مناكفة أية حكومة لا تشترك فيها مراكز القوى هذه ، فإنه من الضروري أن تمتلك الحكومة القدرة على استشعار المظالم الحقيقية التي تنبع من حرص صادق على المصلحة العامة وهذا ما سيجعلها قادرة على الدخول في حوار مع الجهات التي تمتلك وجهات نظر ورؤى مدروسة لإيجاد الحلول البديلة ، وهي أهم قيم الحكم الرشيد.