مصير المعاهدات مع اسرائيل

مصير المعاهدات مع اسرائيل
الرابط المختصر

اقصد معاهدتي كامب دي يد مع مصر ووادي عربة مع الاردن, على ضوء ما يجري في القاهرة وقبل ذلك في سيناء من تدهور كبير في العلاقات المصرية- الاسرائيلية. وتطورات مثل هذا الحدث في ظل ثورات وحركات الربيع العربي لا بد ان تأتي بغيومها الملبدة الى سماء العلاقات الاردنية- الاسرائيلية.

في نهاية الأمر ستؤول الاوضاع في الشرق الاوسط الى بحث مصير »السلام« بين العرب والمسلمين من جهة, وبين اسرائيل من جهة اخرى. فهناك ايضا تطور آخر في أنقرة لا يقل اهمية عما يجري في القاهرة. فبعد ان قام الطيب أردوغان بطرد السفير الاسرائيلي على خلفية القرصنة ضد اسطول الحرية وقتل أتراك. فقد حركت تركيا بعض قطعها الحربية الى البحر المتوسط. وهو ما فهم في تل ابيب بان مسألة قيام البحرية الاسرائيلية في المستقبل باعتراض سفن تركية تحمل نشطاء لفك الحصار على قطاع غزة قد يجر الى مواجهة بحرية بين البلدين.

في الواقع, نحن امام بداية فصل جديد في التعامل العربي والاسلامي مع اسرائيل وهو يشبه الى حد بعيد انتفاضة الشوارع العربية ضد الاستبداد والحكم المطلق.

لقد قامت عملية السلام بين العرب واسرائيل, منذ كامب دي يد وحتى اليوم على قاعدة شاذة, وهي فرضية اقامة سلام دائم وعادل على اساس ايجاد خلل كبير في توازن القوى بالمنطقة ولصالح اسرائيل وتفوقها الكبير على جميع العرب.

هذه القاعدة, التي قادت اسرائيل الى الغطرسة وانكار حقوق الشعب الفلسطيني وتهويد القدس هي المسؤولة عن المصير البائس لعملية السلام في الشرق الاوسط, وقد تكون مسؤولة عن الوصول الى مرحلة تطالب فيها الشعوب باعادة النظر في معاهدتي كامب دي يد ووادي عربة.

يعتقد كثير من المؤرخين ان الحروب تنشأ عندما يتم الإخلال بموازين القوى, حدث هذا في اوروبا, خاصة بعد الحرب العالمية الاولى, فلولا المعاهدة المذلة لالمانيا لما نشبت الحرب العالمية الثانية. وقد كانت المعادلة التي منعت حدوث حرب كونية خلال الحرب الباردة هي توازن القوى بين حلفي وارسو والاطلسي.

لقد فرضت اسرائيل وبدعم من الولايات المتحدة شروطا مجحفة على مصر والاردن في معاهدتي السلام. اولها التطبيع, اضافة الى وضع سيناء الذي يفرض على القاهرة طلب إذن من تل ابيب اذا ارادت ارسال جندي واحد عبر قناة السويس الى سيناء. والمحصلة عربدة اسرائيلية وقحة في رفح المصرية وقتل جنود مصريين اضافة الى جريمة فرض حصار خانق على القطاع الذي أحتل عندما كان في عهدة الادارة المصرية.

ولقد كان شرط السلام الاردني مع اسرائيل ان تكون المعاهدة جزءا من عملية السلام الشامل, وفي مقدمتها اعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. لكن منذ عام ,93 يحدث العكس, فاتفاقية أوسلو اصبحت احتلالا من نوع آخر, وتحولت الطروحات الاسرائيلية عن كل مسعى جدّي لحل قضايا المياه واللاجئين والحدود الى طروحات مثل تهويد القدس وضم الضفة الغربية, والاستمرار في تداول مؤامرة الوطن البديل.

وبينما قدمت المبادرة العربية فرصة لاسرائيل لكي تعترف بها 59 دولة اسلامية لجأ قادة تل ابيب الى الاتجاه المعاكس في الانشغال بخطط محمومة لتهويد القدس في تحد واضح للمشاعر الاسلامية. وهو ما سيحول اي تصعيد تركي ضد اسرائيل الى حرب مقدسة في نظر العالم الاسلامي.

مصير المعاهدات مع اسرائيل وكذلك عملية السلام الشامل في مهب الريح لان قواعد الموقف العربي والاسلامي ستتغير بشكل تدريجي تجاه شروط السلام ومحتواه. وبالاخص ضرورة ان يقوم السلام على العدل والحق المرتبط بتوازن القوى, على الاقل, وليس بفرض اسرائيل كقوة مسيطرة فيما هي قوة احتلال عنصرية ومعتدية.

العرب اليوم