مسؤولية أردنية

مسؤولية أردنية

 

 

في اللغط الحاصل بعد "وادي عربة"، الذي جاء نتيجة لـ"اتفاق أوسلو"، لا يزال الوضع القانوني والأخلاقي في مكانه؛ الضفة الغربية تمّ احتلالها وهي في عهدة الدولة الأردنية، وتشكّل جزءاً من مملكتها..

 

يشكّك فلسطينيون بذلك باعتبار أن غداء المنسف الكبير الذي توّجه إليه بعض "وجهاء" المدن الفلسطينية لإعلان الانضمام إلى المملكة الأردنية الهاشمية لا يمثّل عموم شعب الضفة الفلسطينية، الذي كان عبّر عن نفسه قبل ذلك بخوض ثورة وعصيان 1936، وما تبعهما..

 

وبين الأردنيين، هناك من لا يعترف بهذه الوحدة كإجراء سياسي ثبت فشله، وبانت عواقبه الوخيمة، ويرون في ذلك "احتيالاً سياسياً، اقتضته ضرورات الاحتيال الاستعماري للاستيلاء على فلسطين وإنكار شعب الأردن القبلي، وخطوة لا تتمتع بسلطة القانون، ولا بالشعبية اللازمة..".

لأن اجماع الوجهاء المنتقين في فلسطين لم يجبه إجماع وطني مماثل في الأردن!

 

وهذه حقيقة تاريخية لاحقت الملك المؤسس إلى أن أنهت حياته من قِبل الجانب  الفلسطيني الرافض لكل ذلك..

 

ويقول بعض الأردنيين إن هذا كان اتفاقاً منعزلاً بين الملك وبين قسم من وجهاء شعب آخر، لا يمثّلون شعبهم ديمقراطياً، ولم يكن مقابلهم أردنيون من أصحاب الأرض والدولة، قديمي العلاقة بهم..

 

وكان الملك، نفسه، مستجد الإقامة بين الأردنيين، وحديث العلاقة بهم، يعرف فلسطين سياسياً، لكنه لا يعرفها فعلاً ولا يعرف شعبها، ولم يحتك بقضيتها. وكان مجرد حجازي لم يعرف معنى الاحتلال!

 

ولكن تمّ الأمر، وأعلنت وحدة الضفتين. وتواصلت الولاية الأردنية على الضفة الغربية حتى أوسلو ووادي عربة..

 

إذا اعتبرنا أن الملك المؤسس كان حكيماً، وأن الوحدة بين الضفتين قانونية من وجهة نظر القانون الدولي، فهذا يعني أن كل شهيد، وكل بيت يهدم، وكل فلسطيني يعتقل هو أردني، وتقع مسؤوليته تقع على عاتق الدولة الأردنية، ما لم تقم "إسرائيل" بإخلاء هذه الأراضي وتسليمها للفلسطينيين. ولا تقلّل من هذه المسؤولية الأردنية جميع الاتفاقيات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

 

ما زلنا من وجهة نظر القانون الدولي، والأعراف الأخلاقية، مسؤولين عن الغطرسة الإسرائيلية التي نجاملها. ولا تزال الضفة الأردنية أرضاً أردنية، ومواطنوها أردنيين، ورغم التنازلات الكبيرة المقدّمة في اتفاقيتي "أوسلو" و"وادي عربة"، اللذين وقّعهما الراحلين ياسر عرفات والملك حسين، إلاّ أن ذلك لم يرض "إسرائيل"، ولم تقبل به واقعاً سياسياً، وهو ما يعني أننا لم نغادر بعد مرحلة التحرر الوطني المليئة بالثورات.

 

وعلينا أن نتذكر أن هناك مسؤولية أردنية كبيرة.

 

ياسر قبيلات: روائي وقاص وسيناريست. عمِل مديراً للنصوص وتطوير الأفكار في المركز العربي للخدمات السمعية والبصرية، ونال جائزة النص المتميز في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس عام 2005.

أضف تعليقك