مع انقضاء شهر آذار ودخول نيسان يعود الحديث عن اتخاذ قرارات غير شعبية تقضي بفرض ضريبة على البنزين ورفع الدعم عن اسطوانة الغاز، وسط مخاوف شعبية من استنزاف مداخيلهم التي تعاني من ضعف وتدن كبيرين.
هذه المخاوف تتعاظم لدى شرائح واسعة من المجتمع لا سيما وأن 75 % من القوى العاملة دخلهم الشهري أقل من 200 دينار، ومثلهم من مشتركي الضمان تقل أجورهم عن 500 دينار شهريا.
وفق هذه المعطيات لا بد من طرح سؤال مهم حول البدائل التي تعدها الحكومة للتعاطي مع الحالة الاقتصادية المعقدة التي وصلنا إليها.
الحكومة من جانبها، اتخذت عدة خطوات تحاكي الحالة الاقتصادية، وتعكس إدراكا منها لحجم المشكلة وسعيها لحلها وتحمل جزء منها.
أبرز هذه القرارات تخفيض النفقات التشغيلية بمقدار 20 %، وثانيها تخفيض رواتب الوزراء طوعا بنفس المقدار، إلى جانب تقليص حجم النفقات الحكومية والتي أعلن وزير المالية أنها تراجعت بمقدار 160 مليون دينار من دون توضيح كيف تم ذلك.
بهذه القرارات غطت الحكومة نفسها تماما، وقدمت دلالات على أنها قامت بدورها، والآن جاء الدور على المواطن الذي يفترض أن يقدم ما عليه من ضرائب جديدة، ويتحمل جزءا من كلفة المرحلة الصعبة.
الخطوات الحكومية إلى الآن جيدة لكنها غير كافية، فالعديد من الحلول لم يتم التطرق إليها، فمثلا مكافحة التهرب الضريبي لشرائح المهنيين وتحديدا الأطباء، والمهندسين، والمحامين ومهنا أخرى كثيرة لم تتخذ أي خطوات إزاءها.
قد لا يكون الكلام عن التخلص من جزء من دعم الغاز أو فرض ضرائب خاصة على البنزين، كذبة نيسان، فما وراء كلام المسؤولين يشي بأن الحكومة ما تزال تدرس السيناريوهات وتفاضل بينها، ويبدو أن وقت الفصل قد اقترب.
وحتى اللحظة تبث الحكومة رسائل تطمين على لسان وزير ماليتها، مفادها أن الشهر الحالي لن يتضمن أية قرارات تمس حياة المواطنين من ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة حماية لسلامة الأمن الاجتماعي.
بيد أن الوزير ترك الباب مفتوحا لقرارات أخرى لم يكشف النقاب عنها، ومبقيا البدائل الأخرى مطروحة، ما يرشح عنه استنتاجات بأن الحكومة بصدد اتخاذ قرارات تسهم في تعويض الفاقد من إيراداتها وتزايد نفقاتها خلال العام الحالي.
ما تدرسه الحكومة إلى اليوم أمر مجهول، وكلام المسؤولين حوله عام ومن دون تفاصيل، والأمر الأكيد أن الحكومة تخبئ شيئا لا ندري ما هو، وما مدى تأثيره على المجتمع؟
البدائل المتاحة أمام الحكومة أحلاها مر، الاختيار بينها أمر حتمي، والحسم باتجاه أي من هذه القرارات يتطلب الموازنة بشكل دقيق بين آثارها الاجتماعية وحجم العبء الذي يتحمله دخل رب الأسرة، والتأثير الذي سيطاول الشرائح الفقيرة ومحدودة الدخل.