لغز المطعوم الثلاثي!
بعد حوالي 6 سنوات يتكشف للرأي العام الأردني بخاصة الآباء والأمهات أن المطعوم الثلاثي الذي تم استخدامه من قبل وزارة الصحة على حوالي 108 آلاف طفل في الأردن في نهاية العام 2005 وبداية 2006 تم سحبه من الأسواق العالمية، من قبل الشركة المصنعة له بسبب وجود آثار جانبية.
من يهتم بإعلام الرأي العام الأردني بمثل هذا الخبر غير المهم والذي لا يؤثر إلا على صحة 108 آلاف طفل وعائلاتهم؟!
يبدو أنه لا الحكومات قادرة على الارتقاء إلى المرحلة المطلوبة من المكاشفة والصراحة ولا وسائل الاعلام تهتم بمتابعة مثل هذه الموضوعات غير السياسية والتي تتعلق بصحة المواطنين. لا نريد ان نميل نحو المبالغة والتشكيك ولكن هذه مسألة يجب أن تدرس بعناية حتى لا تتكرر من جديد وكذلك من اجل حماية الاطفال من اية اعراض قد تظهر عليهم في المستقبل.
نقطة البداية هي اخبار المواطنين والعائلات بالحقيقة وعدم التذاكي في بعض التصريحات كما قال مسؤول رفيع المستوى قبل ايام بأن وزارة الصحة تتابع حالة الاطفال ولم تظهر عليهم اية اعراض ومشاكل.
ولكن في حال كان العقم هو احد اهم النتائج المترتبة على المطعوم الفاسد فكيف لنا ان نقيّم مدى امكانية حدوث العقم لدى الاطفال حاليا؟!
كان يمكن وببساطة القول إن الوزارة “تعتذر” عن استخدام المطعوم وتشرح اين وكيف وقع الخطأ في اختياره وما الذي سيتم تنفيذه لمحاصرة النتائج وبشكل علمي مقنع للجميع.
بحسب المعلومات المتاحة فإن وزارة الصحة استوردت المطعوم في العام 2005 وقامت بتطعيم حوالي 108 آلاف طفل في المدارس الحكومية والخاصة.
وفي شهر آذار من العام 2006 قامت شركة Chiron الأميركية مصنعة المطعوم Morupar بسحب كافة المنتجات من الأسواق التي تم استخدامها بخاصة إيطاليا والأردن وسوريا ومصر والإرجنتين وبعض الدول النامية الاخرى بسبب ظهور “نسبة أعلى من الأعراض السلبية بخاصة الإصابة بالنكاف، من النسب التي تظهرها المنتجات الأخرى من المطاعيم”.
في ذلك الوقت، وبعد سحب المنتج لم يفكر أحد من المسؤولين في بلدنا الحبيب أن هنالك عائلات ومواطنين يستحقون أن يتم إبلاغهم بهذا الأمر من أجل اتخاذ الاحتياطات المناسبة وتدقيق الملاحظات الصحية حول أطفالهم والتعامل السريع مع اية أعراض جانبية.
هذا النمط من الإدارة التكتمية هو من أهم اسباب تراجع ثقة المواطنين الأردنيين بحكوماتهم بشكل كبير في السنوات الماضية حيث يتم إخفاء الحقائق والتطورات التي تمس نوعية حياتهم وتركهم غافلين عما يجري حولهم.
من المهم أن يتم التحقيق والتعليق على هذه القضية بالطرق العلمية وعدم تحويلها إلى مؤامرة أو شبهة فساد، فهي في الغالب مثال على إدارة مستهترة وعدم شجاعة بالاعتراف بالخطأ وهو أحد أهم سلبيات الإدارة العامة في الأردن والتي نتمنى أن تتم معالجتها جذريا في مرحلة الإصلاح الحالية.
ونقطة البداية كما قلنا احترام ذكاء الناس وعدم الإدلاء بتصريحات تقلل من شأن المشكلة من قبل الحكومة أو المبالغة بوصف تداعيات القضية من قبل وسائل إعلام أو قوى سياسية.
الأولوية الآن هي لمتابعة الأطفال بشكل هادئ ومنظم والاستدلال السريع على اية مضاعفات ووجود خطة واضحة للتعامل معها في حال وجدت وعدم قبول استخدام أي مطعوم إلا بعد مروره في مراحل عديدة من التجربة والدراسات المخبرية والصيدلانية.
الدستور