كي لا نكتفي بفزعة مؤقتة للقدس وللاقصى

كي لا نكتفي بفزعة مؤقتة للقدس وللاقصى
الرابط المختصر

جميل ومؤثر تصويت  نواب المجلس السابع عشر بالإجماع دفاعا عن القدس والأقصى والمقدسات، ولكننا يجب ألا نكتفي بهذه "الفزعة" المؤقتة بل علينا استغلالها لبناء خطة استرتجية شاملة تجلب نتائج ملموسة ولا تكتفي بالمواقف والعواطف.

تأتي ضرورة وضع خطط مستقبلية وعدم الاكتفاء بفزعة مؤقتة بسبب معرفتنا ان الطرف الآخر دارس بعمق العقلية العربية والإسلامية ويعرف أن الفزعات تستمر لمدة قصيرة وتنتهي غالبا بدون تغيير جذري على الواقع المحسوس.

علينا قبل الخوض بتفاصيل أي إستراتجية أن نعرف بالتفصيل ما حدث وما هو المطلوب تحقيقه، فما حدث هو مخالف للوضع القائم منذ عام 1967 وخاصة منذ ما قبل انطلاق انتفاضة الاقصى عام 2000 والذي شمل تنظيم موضوع زيارة ساحة المسجد الأقصى والمعني هنا الساحة بأكملها بمساجدها (الأقصى قبة الصخرة) وليس  فقط المسجد الاقصى حيث لا يزال البعض (عربيا واسلاميا) يقع في المطب الاسرائيلي الذي يحاول وضع فصل الساحة عن المسجد وبذلك يمكن ان يتم المطالبة بوضع الساحة تحت سيطرة دائرة المنتزهات والساحات العامة الاسرائيلية لتبرير محاولة سيطرتهم خارج التفاهمات حول الاماكن الدينية.

لقد تم خرق التفاهم من خلال قيام الشرطة الإسرائيلية المشاركة في حراسة كافة مداخل المسجد الأقصى بالتساوي مع حراس المسجد وهم موظفو وزارة الأوقاف الإسلامية الأردنية بمنع دخول المسلمين للمسجد وعدم رفع الأذان في حين تم السماح لليهود بالدخول عبر باب المغاربة المسيطر علية كليا من قبل اسرائيل. التخوف هو ان يصبح المسجد الاقصى مثل الحرم الابراهيمي في الخليل حيث تقرر اسرائيل وقوات الاحتلال متي يصلي المسلمون ومتى اليهود في تقاسم ديني للمكان تم فرضة بقوة السلاح وتحت ضعوط المستوطنين والمتطرفين.

ويعتبر هذا خرق  للبند التاسع لاتفاقية وادي عربة والذي حدد دورا جوهريا للملكة الأردنية الهاشمية في تحديد مستقبل الأماكن المقدسة، وبما أن أي تغيير في الوضع القائم للمسجد الأقصى منذ عام 1967 يعتبر محاولة تأثير على موضوع السيادة وحرية العبادة في كافة الأماكن المقدسة في القدس.

. كما لا بد من الحكومة الاردنية والديوان الملكي في هذا السياق أن يلعبا دورا ايجابيا في اعادة الامور الى ما كانت عليه قبل اندلاع الانتفاضة الثانية حيث استغل الاسرائيليون قرارا عفويا (وغير مدروس)  بمنع ادخال السواح للاقصى وقرروا ادخال السواح (طبعا بما فيهم اليهود) من خلال باب المغاربة الامر الذي افقد دائرة الاوقاف منذ عام 2000 السيطرة على من يدخل  المسجد الاقصى كما ويسبب يوميا خسارة مالية باهضة كون السواح الداخلون من باب المغاربة التي تسيطر عليه اسرائيل كليا لا يدفعون رسوم السياحة ولايلتزمون بقرارت الحشمة في اللباس واوقات الدخول.

 أما في مجال الخطة الاستراتجية فيجب أن تشمل بالإضافة للضغوط السياسية، مطالب عملية ممكن تحقيقها مثل الاصرار على العودة الى ما كان علية قبل عام 2000 وخطة لكسب التأييد المحلي والإقليمي والدولي لتلك الخطة، ولو فكرنا بتفاصيل تلك الخطة فسنرى أنه رغم وجود محاولات كثيرة وأموال كبيرة تصرف على موضوع التثقيف بشأن تاريخ وواقع القدس إلا أننا نلاحظ جهلا كبيرا حتى من قبل الصحفيين والمتابعين لما يجري في القدس.

ولا بد من تلك الخطة أن تشمل توأمة لأشخاص ومؤسسات مقدسية بخواتها في العالم. وهناك من اقترح مثلا أن تتم محاولة ترتيب زيارات رسمية للأقصى من قبل كل طالب مدرسة أردني. فكما يذهب النواب والمسؤولون إلى القدس بزيارت منظمة وبأهداف واضحة ففكرة زيارة طلاب مدارس الأردن ومن خلال وزارة الأوقاف الأردنية للقدس سيشكل نقلة نوعية في فهم ما يجري في القدس ويشكل تضامن حقيقي مع الشعب الصامد تحت الاحتلال ومن خلال مبداء شدو الرحال.

أما في مجال الإعلام فحدث ولا حرج. فهناك معركة شرسة يتم خوضها من قبل إسرائيل والجمعيات اليهودية المؤيدة، ونحن كعرب ومسلمين خارجين عن تلك الحملات رغم أن الحقائق والوقائع لصالحنا. فأين المحاولات العلمية والإعلامية وأين المواقع الالكترونية مثلا الخاصة بالأوقاف الإسلامية وبعدة لغات  التي ترد على أكاذيب الطرف الآخر. وأين نحن من شبكات التواصل الاجتماعي في التعامل مع تلك الأمور؟ الغريب في الامر ان المخصاصات التي لم يفرج عنها في دائرة الاوقاف هي تلك المخصصة للتقيف والاعلام. فمن الضروري ان تلبي الخطة الاستراتجية وضع اشخاص ذو كفائة عالية والتمتع بلغات ومعرفة الثقافات العامة في العمل على التصدى للهجمات الاعلامية الاسرائيلية ومن يدور في فلكهم. قد يكون المفتاح ان يلعب الديوان الملكى الهاشمي دورا اكبر في هذا المضمار لعدة اسباب منها عدم قدرة العاملين في الاوقاف ممن هرموا التفاعل مع عصر المعلومات في حين ان الديوان الملكي قد يكون السابق محلية وعالميا في ذلك.

الحاجة إلى خطة استراتجية تطلب تغييرات في المؤسسات العاملة في القدس. فوزارة الأوقاف والتي تعمل منذ  عقود لم يتم التجديد عليها كثيرا ولم يتم ضخ دماء شابة وأفكار جديدة فيها لتستطيع مقارعة الطرف الآخر بالحجة والواقع وليس فقط بالعاطفة.

للأردن وضع خاص ومميز في القدس ومن المهم ان يتم متابعة ما يجرى تحت القبة لوضع افكار عملية وفعالة يتم ترجمتها من خلال برامج مرتبطة بمواعيد ويتم محاسبة من يقوم عليها.

·         الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في القدس وعمان

أضف تعليقك