قتل بالحجم العائلي وكلنا شركاء

قتل بالحجم العائلي وكلنا شركاء
الرابط المختصر

خفت حديث الاصلاح ومهاترات الساسة امام دم مراق على مساحة الجغرافيا الأردنية خلال اقل من اسبوع , لكن اكثرها ايذاء تلك القصة عن أب يقتل طفله لعدم تناوله الافطار وسط صمت الجميع على ذلك حتى هام طفله الثاني على وجهه واعترف بجريمة ابيه .

القتل وحرمته لا يحتاجان الى دلائل وادانة ولكن ما نحتاجه هو تحليل مستوى البشاعة في الجرائم الاخيرة , شخص يقتل اخر ويقطّع اجزاء منه امعانا في الانتقام وآخر يستطيع الوصول إلى قاتل اخيه قبل ان تصل له الشرطة فيقتله ويفّر هو من وجه العدالة ايضا .

كل هذه الجرائم لم تستفز حزبا واحدا كي يطالب بمسيرة او اعتصام لحثّ الحكومة على التحرك جديا على المسار الاجتماعي , وكل منسوب الغضب المتصاعد منذ عام لم يحرّك المجلس الاقتصادي الاجتماعي المشغول رئيسه بملف ليبيا وامينه العام بالبحث عن اثاث يليق بأكاديمي وباحث كي يطرح مشروعا لوقف الغضب او تقليل منسوبه عبر دراسة اسبابه ومعالجتها .

من السهل ان نلقي باللوم على الحكومة والاقتصاد المتراجع وقد يدلق حزبي لسانه كثيرا وهو يكشف عن خلل البرامج الحكومية في معالجة الشأن الاقتصادي وملف الغضب المتأخر في التراتبية على اجندة الحكومة الى آخر الاسباب , لكن احدا لن يتصدى لهذه الظاهرة المقلقة دائما والمقبلة على التصاعد في موسم الغضب الرمضاني .

مشغولون بنكايات سياسية واقليمية ومشغولون بترتيب مسيرة توصلنا الى شاشة فضائية كي نصبح نجوما وسياسيين بالصدفة او بدعم خارجي , لدينا الاف البرامج الممولة من صناديق الفتنة الخارجية ولا احد للان من البكائين على الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان دعا الى ورشة في مقهى شعبي من اجل هذا الغضب وهذا الدم وهذه الطفولة المستباحة .

خرج علينا كل المصابين من الساسة في ساحة النخيل وهم يلوحون بكسورهم وكدماتهم ولم يظهر واحد من ضحايا القتل العائلي المجاني الذي يطيح بضحايا اكثر براءة من كل السياسيين والراقصين على هموم الناس وأوجاعهم في موسم الرقص الاصلاحي والربيع الفائر , كل اعلامنا يكتفي بنشر خبر الجرائم كفاتح شهية للاقبال على القراءة ولزيادة عدد المشاهدين .

اخشى ان نصل الى قناعة متأخرة بأننا قتلة بطريقة ما , تارة بالصمت على هذا الدم المراق وتارة بالبكاء عليه لمصالح حزبية وسياسية , نعم نحن شركاء في هذا القتل , إن كان بإدانته الخجولة او بالصمت على القوانين الظالمة التي تبيح اسقاط الحق الشخصي واخراج القاتل من السجن على فنجان قهوة .

كلنا قتلة بلا استثناء , بالصمت العاجز والحراك المدفوع الاجر والنوايا , حكومة واحزابا ومؤسسات مجتمع مدني ونقابات وصحافة , كلنا قتلة , طالما بقي الحراك السياسي والمصالح السياسية تحرّكنا ولا يحركنا دم طفل او سيدة او شابة او شاب نتيجة لحظة غضب او فورة دم .

منذ امد ونحن نصرخ ضد القتل والتغير القيمي وارتفاع الادرينالين عند الاردنيين جرّاء ضعف المحاسبة الرسمية وغياب الادانة المجتمعية , لكن حزبا او جماعة او نقابة لم تأخذ على عاتقها مهمة التحرك للضغط على الجميع لوقف الهدر المجاني في الارواح , من يسقط حقه الشخصي عن مجرم هو شريك في الجريمة ومن يذهب في جاهة تحت مبرر السماحة والتسامح الكاذب هو شريك ومن يصمت على القوانين الجائرة بحق الحياة شريك , كلنا شركاء اذا لم نوقف هذه المجازر .

الدستور