قانون الانتخاب: من الشعارات إلى التفاصيل
قدمت الندوة الحوارية المهمة التي نظمها مركز القدس للدراسات السياسية قبل ايام إطلالة سريعة على الطروحات التي يمكن أن تقدمها الأحزاب السياسية تجاه تطوير قانون الانتخابات بحيث يصبح رفيقا بالعمل السياسي والحزبي ومساهما بشكل واضح في تحقيق النقلة النوعية نحو الإصلاح السياسي والحكومات البرلمانية بشكلها ونمطها الصحيح المبني على تحالفات حزبية داخل مجلس النواب.
ضاعت سنتان من التراشق بالشعارات من دون التوصل إلى توافق وطني حول قانون الانتخاب المطلوب. وحدها لجنة الحوار الوطني قدمت مسودة لقانون انتخابي يعتمد على النظام الانتخابي المختلط ويشكل نتيجة توافق بين غالبية القوى السياسية المشاركة في اللجنة باستثناء الاخوان المسلمين الذين امتنعوا عن المشاركة ولم يقدموا بدورهم مقترحا متكاملا للقانون. للأسف تم اجهاض مقترح اللجنة أولا من قبل حكومة عون الخصاونة التي رفضت المقترح وحاولت الوصول إلى تفاهم مع الأخوان بمعزل عن القوى السياسية الأخرى ثم من قبل حكومة فايز الطراونة التي قدمت قانون انتخابات يعتمد على الصوت الواحد ومنحته مكياجا سياسيا بعدد 27 مقعدا نيابيا مخصصا لقوائم عشوائية بدلا من ان يكون مقتصرا على القوائم الحزبية.
في ندوة مركز القدس طرح عبد الهادي المجالي رئيس حزب التيار الوطني رؤية الحزب للقانون والتي شكلت أهم شعاراته في الانتخابات (من الواضح أن أحدا لم يهتم بها!) وهي تخصيص 50% من مقاعد المجلس لقوائم حزبية فقط وليست مفتوحة، مع منح الناخب في الدوائر المحلية صوتين وليس واحدا حتى يتخلص من عبء الالتزام الاجتماعي لدعم مرشح العشيرة ويتمكن من اختيار مرشح آخر يحمل الكفاءة المطلوبة. في المقابل جاءت ورقة علي ابو السكر القيادي في جبهة العمل الإسلامي غامضة وبقيت تراوح في منطقة الشعارات المتعلقة بقانون يتجاوز الصوت والواحد ويشجع الأحزاب واتفق مع المجالي على أن يكون الحد الأدنى من نسبة القوائم الحزبية 50%.
هذه دعوة للزميل عريب الرنتاوي رئيس المركز لتنظيم ندوة جديدة وبشكل منهجي تناقش مقترحات تفصيلية لقانون الانتخاب بحيث تقوم الأحزاب والكتل البرلمانية وتيارات الحراك السياسي الرئيسية بطرح تفاصيل محددة حول ماهية قانون الانتخاب المطلوب وذلك ليتسنى للجميع معرفة توجهات كل طرف في العملية السياسية بعيدا عن الشعارات التي قد لا يختلف عليها اثنان ودخولا في تفاصيل حول عدد المقاعد ونسبة القوائم وهل تكون مقتصرة على الأحزاب وهل تكون مغلقة أم مفتوحة وهل يكون التصويت في الدوائر المحلية أم حسب المحافظات وكل تلك القضايا التي يجب أن نناقشها بوضوح بدلا من التيه في بحر الشعارات الذي أغرق الجميع في السنتين الماضيتين.
الدستور