في تجربة الدوائر الفرعية

في تجربة الدوائر الفرعية
الرابط المختصر

مع أن الحكومة حققت نجاحا يسجل لها في إدارة الانتخابات النيابية وخاصة في معياري النزاهة والشفافية في إجراءات التسجيل والانتخاب والفرز والامتناع عن التدخل في النتائج ، فإن هذا النجاح يواجه عقبة اساسية وهي سوء العدالة الذي رافق النتائج بناء على تقسيم الدوائر الفرعية.

لم تكن هذه الفكرة مستساغة منذ البداية ولم تكن مطروحة أصلا في كافة النقاشات والبدائل حول قانون الانتخاب والجارية منذ عدة سنوات. ما أرادت الحكومة فعله هو إيجاد نوع من المساواة في تأثير صوت الناخب وأن لا يكون الصوت الواحد مجزأ في دائرة ينجح فيها 3 - 4 مرشحين وبالتالي يصبح الصوت الفعلي هو ربع صوت. ولكن البديل وهو الدوائر الفرعية المفتوحة جغرافيا لم يكن مناسبا ابدا. وبالرغم من أنني لا أدعي أنني امتلك بديلا ، باستثناء ما اقترحته الأجندة الوطنية من صوتين للناخب فإنه من الضروري مراجعة بعض المفارقات المؤلمة والتي تدل على غياب العدالة في بعض النتائج.

وعلى سبيل المثال فإن المرشحين اللذين حصلا على ثالث وخامس أعلى الأصوات في الانتخابات على مستوى المملكة لم ينجحا في دخول البرلمان ، حيث حصل المرشح خالد البكار من الدائرة السابعة في إربد (الشونة الشمالية) على 11747 صوتا وجاء ثانيا بعد السيد مجحم الصقور الحائز على أعلى الأصوات في المملكة في هذه الدائرة والتي تحظى بنائب واحد فقط. ما حصل عليه المرشح البكار يتجاوز ما حصل عليه 3 نواب من الدائرة الثالثة في عمان ، كما أن العدد الكبير من الاصوات الانتخابية في هذه الدائرة حرم السيدة فاطمة ابو عبطة والتي حصلت على 4988 صوتا (أعلى عدد من الأصوات تحصل عليه مرشحة في تاريخ الإنتخابات الأردنية) من دخول البرلمان لأن النسبة المئوية لعدد أصواتها مقارنة بالمجموع الكلي كان أدنى من النسبة المئوية التي حصلت عليها مرشحة الكوتا في إربد والتي حصلت بدورها ايضا على أكثر من 3254 صوتا وهو أيضا رقم متميز ، بينما فازت إحدى النائبات بالكوتا برقم تجاوز 500 صوت بقليل في محافظة أخرى. دعونا نقول بأننا إذا كنا نتكلم عن تمكين المرأة والمشاركة السياسية والتنمية المحلية فإن عدم قدرة سيدة حصلت على 5000 صوت في الشونة الشمالية من دخول مجلس النواب هو أكبر فشل لفكرة الدوائر الفرعية واسلوب تحديد مقاعد الكوتا.

في الدائرة الرابعة في إربد كانت هنالك مفارقة أخرى فالمرشح محمد ذيابات حصل على 9526 صوتا وهو خامس أعلى عدد من الأصوات في المملكة ولكنه لم يتمكن من النجاح بسبب حصول المرشح الفائز في دائرته الفرعية على 9782 صوتا بينما حصل مرشح آخر فائز في دائرة فرعية أخرى على 6606 وهذا الأمر تكرر 29 مرة في دوائر فرعية أخرى حيث وجد اصحاب اصوات عالية أنفسهم خارج القبة بسبب احتدام المنافسة في الدوائر الفرعية.

كل هذه الدلائل الرقمية تجعل الحاجة إلى إنهاء العمل بهذه التجربة أمرا جوهريا في قانون الانتخاب القادم وأن يكون هنالك حوار وطني ونيابي موسع يتضمن كافة البدائل ومناقشتها وتقييمها في معايير العدالة والمساواة والنزاهة ولا يتم الاستعجال بتطبيق فكرة جديدة بدون دراسة تداعياتها وخاصة عدم المساواة في قوة الصوت الواحد ، فكل الحديث عن التنمية السياسية والنزاهة سيبقى ناقصا وغير مقنع للناخبين الذين بلغ عددهم 11747 وأسمعونا صوتهم بشكل حضاري في الانتخابات ولم يتمكنوا من إيصال مرشحهم إلى البرلمان.

الدستور