في الامتاع والمعارضة
مع الاعتذار الشديد لصاحب كتاب «الامتاع والمؤانسة»، ابو حيان التوحيدي، نستعير عنوان كتابه مع تعديل بسيط يتناسب وواقع الحال، بعد ان احترف تحالف حزبي المعارضة الاعتذار والامتناع عن المشاركة في الفعاليات الوطنية بحجة ان هذه الفعاليات «لجان او ملتقيات مجرد ضحك على الذقون».
حزب الوحدة الشعبية شارك في لجنة الحوار الوطني في حين قاطع حزب جيهة العمل الاسلامي، لينقلب الحال في الملتقى الشبابي حيث شارك حزب جبهة العمل وغاب شباب الوحدة، والسبب واحد تقريبا، وفي المقاطعة ليس استباقية فقط لمخرجات النشاط الوطني بل اجتراء على عقول الشارع الاردني الذي عجز عن رؤية ما رأته اعين الحزبين.
في باب الحوار السياسي، يسمح مناقشة قرار الاحزاب بوصفها جهات عمل عام قابلة للنقد، مع احترامنا للاطارين الحزبيين وحقهما في العمل مقاطعة او مشاركة، تأييدا او معارضة فالجميع تحت راية الموالاة، ولا يزاود فريق على اخر في هذا الجانب.
قرار جبهة العمل الاسلامي الاستباقي بالمقاطعة واسبابه، كشفت الايام انه جافى الصواب فلم تكن هناك محاذير من الدولة حيال اي ملف مطروح او اقتراح مطلوب، رغم ان مطالب الجبهة للدخول في لجنة الحوار الوطني تمت تلبيتها بالكامل كما قال رئيس لجنة الحوار الوطني في اكثر من موقع، وتلى ذلك تكليف ملكي لذوات بمراجعة الدستور وازالة الموانع حيال تعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية.
حزب الوحدة بادر الى رفض المشاركة في الملتقى الوطني للشباب رغم ان شريكه في التحالف حزب جبهة العمل عضو في اللجنة التحضيرية للملتقى وهو مشارك في اعماله والسبب كما قال البيان ان الملتقى مطبوخ سلفا وهو مجرد اجراء ديكوري، واخشى ان يباغت الملتقى الجميع بقراراته الجريئة حيال واقع العمل الشبابي ومستقبل الاطر الشبابية وساعتها ماذا سيقول الحزب؟ وخاصة ان عليه قراءة حجم الخسائر التي مني بها حزب جبهة العمل الاسلامي في معاقل النقابات المهنية للمرة الثانية على التوالي وفي نقابات حساسة جراء الابتعاد عن المشاركة في الفعاليات الوطنية والتمترس خلف المقاطعة، التي تفقد اي حزب فرصة عرض وجهة نظره ورؤيته امام جمهور عريض.
ما يجري من سلوك على قاطع الاحزاب لا يبشر بضمانات للواقع الديمقراطي ومستقبل الحياة السياسية، رغم خروج الجبهة الوطنية للاصلاح عن هذا السياق بعد استباقها لمخرجات اللجان وانتظار ما ستفرزه، وهذا سلوك سياسي حميد يحكم على الافعال والمخرجات وليس على الذاكرة والنوايا.
الحزب اي حزب يعمل في الفضاء المعلن وتحت مظلة الدستور عليه ان يؤمن ايمانا راسخا بوجوب وجوده في السلطة او راغبا بها، فمن حق الاحزاب ان تمارس قناعتها على مختبر التنفيذ وسلطته، وتداول السلطة المطلوب بمعناه الواسع توفير خيارات متعددة امام صاحب القرار ليختار من بينهما البرنامج الانسب للمرحلة، وهذا السلوك بالمقاطعة والحرد السياسي لا يمكن ان يمنح الاحزاب فرصة لتنفيذ يرامجها او منحها الفرصة للتطبيق وبالتالي يفقد الحزب ركنا من اركان وجوده، وهذا لا يخدم الحالة الوطنية ولا يساهم في تقدّمها عكس المأمول الشعبي والوطني.