عين على الدينار وأخرى على النمو
خطوة جديدة يخطوها البنك المركزي لحماية الاستقرار النقدي، وزيادة الثقة بالدينار."
المركزي" قرر رفع أسعار الفائدة على نافذة الإيداع، وثبّت أسعار الفائدة على سعر إعادة الخصم وسعر اتفاقيات إعادة الشراء لليلة واحدة بدون تغيير.
وتهدف الخطوة إلى تعزيز جاذبية الدينار، والتأكيد على أن سياسة ربط الدينار بالدولار خيار ثابت، خصوصا أن الفترة الماضية شهدت كثيراً من الأحداث التي أثارت لغطا كبيرا."
المركزي" ظل يتعامل طيلة الفترة الماضية بكل هدوء مع كل ما ألمّ به، حتى جاء قراره الأخير برفع سعر الفائدة على نافذة الإيداع لتعزيز جاذبية الدينار.
في العادة، كنا ننتقد قرار رفع أسعار الفائدة، لدوره في تثبيط النمو والنشاط الاقتصاديين. بيد أن الوضع مختلف اليوم؛ والهدف المهم والنبيل من الخطوة يتمثل في تقديم مزايا إضافية من اقتناء الدينار في هذه الفترة."
المركزي" أدار الأزمة بحكمة. وما هو غير معلن، أنه اتخذ خطوات تمتّن الاستقرار النقدي، وتحمي مدخرات الأردنيين، للتخفيف من التداعيات السلبية الكبيرة التي لحقت بالدينار ما بعد رفع الأسعار.
وخلال الفترة الماضية، وفر عرضا من الدولار يغطي الطلب عليه، ليرسل رسالة واضحة تطمئن القلقين إلى أن العملة الخضراء متوفرة.
والغاية، تخفيف حالة الهلع غير المبررة التي أصابت كثيرين.بعد ذلك، عدّل "المركزي" الاتجاه، وبدأ يشتري الدولار المعروض في رسالة ثانية قوية، يؤكد فيها متانة الوضع النقدي، لتأتي خطوة زيادة أسعار الفائدة لتعظيم الفائدة من اقتناء الدينار في هذه الفترة.
السياسة المتبعة أعادت الهدوء إلى محلات الصيرفة، ووضعت حدا لكل من حاول استثمار الحال لتحقيق مكاسب على حساب المصلحة العامة، فتشير المعلومات إلى أن سعر الصرف عاد إلى مستواه الحقيقي خلال اليومين الماضيين، بعد أن ارتفع سعر الدولار مقابل الدينار ليصل 71.2؛ إذ عاد إلى مستوى 70.09.
وليس مستبعدا أن يمضي "المركزي" في خطوات أخرى تزيد أسعار الفائدة على الودائع، والهدف هو ذاته؛ إذ يتوقع أن يذهب "المركزي" إلى تبني سعر فائدة أعلى من ذلك بكثير.اليوم، الأعين تحتار؛ فواحدة تتجه إلى الدينار، والأخرى تركّز على النمو الاقتصادي.
وهنا يبدأ الحديث عن السياسة المالية التي يبدو لزاما عليها معالجة الأثر السلبي الناجم عن زيادة أسعار الفائدة.والمطلوب أن تكون السياستان النقدية والمالية مكملتين لبعضهما بعضا، لناحية اتباع سياسة مالية تساعد على تحفيز النشاط الاقتصادي للتخفيف من أثر زيادة أسعار الفائدة، وضخ سيولة في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ولربما تحمل موازنة العام المقبل وحجم الإنفاق الرأسمالي فيها دلالة على ذلك، إذ تشير المعلومات الأولية إلى أن حجم الإنفاق الرأسمالي سيتجاوز مليار دينار.
التشبيك بين القائمين على السياستين النقدية والمالية ضرورة في هذه المرحلة الحساسة، لإعادة خلق الثقة بالاقتصاد، والتي -للأسف- بات يهزها أي خبر، حتى لو كان غير حقيقي.
استعادة الثقة مسؤولية الجميع، والأردن بإمكانياته المحدودة، ورغم تراجع حجم المنح عن المقدر والمتوقع، مؤهل لتجاوز الأزمة في حال أصلحنا التشوهات في السياسة المالية، وأعدنا بناء الثقة من جديد.
الغد