عن الحوار السياسي - النيابي

عن الحوار السياسي - النيابي
الرابط المختصر

إذا كانت بداية الحوارات النيابية مع القوى السياسية والفعاليات الشعبية وقوى المجتمع المدني محكومة بالانفعال والشجار وتسليف المواقف بالشرعية والإنجاز , فنحن على ابواب منعطف خطر في استدامة الحوار واستخلاص نتائج قابلة لدفع عجلة التشريع الى انجاز قوانين توافقية وفنية .

فالحوار ليس بالضرورة أن يبدأ بتسليف الموقف بل يجب أن يفضي اليه , فالنواب يعرفون أن الرأي العام متغير , فهو ليس موقفا ايديولوجيا , وخلال مسيرة المجلس الحالي ارتفعت وتيرة الرضا وانخفضت تبعا لمواقف النواب الشعبية , فخلال تشكيل المجلس لجان التحقق في ملفات الفساد ارتفعت اسهم المجلس بخاصة في ملف الفوسفات , قبل ان تنتكس الثقة بعد المخرجات في لجان ثانية .

المهم أن يبدأ الحوار على ارضية الإنجاز وعدم التمترس خلف الرأي الواحد سواء أكان الواحد جماعة او فردا , فالحوار يعني ان تُقبل عليه بخلفية نظرية ومعرفية وليس بقرار جاهز مطلوب من الطرف الثاني ان يقرّه ويوافق عليه , فهذا ليس حوارا بل املاءً , ولا احد يقبل الإملاء .

وليس من الحكمة او الحصافة بداية الحوار بالتشكيك في شرعية النواب وشرعية مجلسهم , فهم بحكم الدستور بيت التشريع والجهة المناط بها اقرار القوانين والتشريعات , وهي العتبة التي سنبني عليها مستقبل الإصلاح وتستمد منها القوانين الشرعيات القادمة للحكومات والمجالس النيابية , فكيف نبدأ بالتشكيك في بيت الأمة – هذا لا يعني الرضا عن اداء المجلس – بل هو تأسيس نظري لحوار جاد يحتكم الى المنجز وليس الى الافتراضي .

ومن اشتراطات الحوار ان يتم البناء على التوافق والبداية به , فما لا يؤخذ كله لا يترك جلّه , أي أن البناء في الحوار على نظرية الدرجات لا على نظرية تسليم المفتاح والبناء الجاهز , هناك نقاط كثيرة نختلف عليها وهناك نقاط نتفق عليها , والحوار العاقل لا يلغي الاتفاق , من اجل البحث عن فكفكة نقاط الاختلاف , فقانون الانتخاب له ايجابيات وعليه سلبيات وكذا باقي القوانين .

أزمة الحوار عربيا وأردنيا انه يريد وصولا الى النتائج المرسومة في عقل المتحاورين , لا ان يتنازل كل محاور عن بعض مطالبه لصالح التوافق العام واستكمال بناء حلقات المجتمع لننتقل من حلقة الى اخرى بتناغم مع تطور المجتمع وتحسين شروط البيئة الحاضنة للاصلاح .

ما يجري الآن ليس اصلاحا في الوطن العربي ولا ثورة على الظلم والفساد , بل هو تنافس محموم على السلطة وتبادل في مواقع صنع القرار , يحاول كل طامح أو راغب بالسلطة ركوب موجة الاصلاح لتحقيق مآربه في السلطة , والوصول الى صناعة القرار كي يمرر ويكسب ويتجشأ من الثروة وفائضها , فمن يرفض الحوار كيف سنثق به ليحاورنا ان وصل الى السلطة .

الحوار له اشتراطات موضوعية , وله بدايات واضحة , تفضي الى نهايات واضحة , اولها الالتزام بعدم التخوين والتكفير , والالتزام بتعظيم الجوامع وتقليص الفوارق , والبناء على التوافق لا انتظار تغيير المواقف , الحوار هو سيد الموقف الآن , ولا بد له من بداية غير متشنجة وغير مستعجلة النتائج فنحن نريد حوارا منتجا , سريعا ووقورا , ودون ندب وخدوش واتهامات .

الحوار هو كلمة السر لدخول بوابة النصر الاردني والنجاح باجتياز اللحظة السياسية الراهنة وعلينا ان نذعن لاشتراطاته ونقبل بمخرجاته .

span style=color: #ff0000;الدستور/span