عندما داهمنا مع الامن العام

عندما داهمنا مع الامن العام

ليلة لم اكن اتوقع نهاية ملامحها، بدأت بساعات فجر الجمعة، واستمرت لساعات كان القلب ينبض بتسارع لا يمكن ضبطه. جاءت بناء على طلبي المتكرر من الامن العام لمشاركتهم في واحدة من مداهماتهم الليلة.

اخيرا، استجابت لي في واحدة من المداهمات الليلة الضخمة التي نفذتها المديرية في قرية الجفر جنوب الاردن، بهدف القبض على اشخاص متخصصين بسرقة السيارات.

بالنسبة لي لم تكن الدلالات السياسية والابعاد الامنية في هذه المداهمة، خاطرة على بالي، ولم انشغل فيها لحظة، ما كان يهم فضولي الصحفي هو خوض هذه التجربة بحد ذاتها، حيث تمثل قمة الاثارة للصحفيين.

الليلة الموعودة بدأت في مديرية الامن العام الساعة الثانية عشر ليلا , تجمع الصحفيون الى وجهة لم يتم الاخبار عنها الا عند الساعة الثالثة فجرا، وقيل لنا بأننا متجهين الى (الجفر), واقتصرت المعلومات التي كنا في شوق لسماع المزيد منها وطلب منا الالتزام بالتعليمات الامنية اثناء عملية المداهمة حفاظا على حياتنا.

لحظتها لا ادري إن كنت فرحة ام قلقة للتجربة المقبلة، حيث اقلتنا حافلة عسكرية الى الجنوب كما اخبرونا وسط تكنهات الزملاء الصحفيين بأن هذه الحملة قد تكون الى معان او الطفيلة او الكرك, انشغلنا بالمكان دون ان ننشغل باي شئ اخر بسبب الحملة الامنية, حيث بدأ الصحفييون بأحاديث وتمتمات لان الهواتف الخلوية جميعها كانت (بقبضة الامن العام ) . حرصا على سرية العملية.

عند وصولنا الى منطقة قريبة من الجفر لم نكن نعرف ايضا ماهية العملية، كل ما قيل لنا اننا ننتظر هنا الاشارة التي استغرقت ساعتين لبدء التحرك.

عند فجر الجمعة تحركنا الى مهبط الطائرات التي اقلت مدير الامن العام الفريق حسين المجالي وعدد من مساعديه ومجموعة القناصة, لنبدأ بعدها التحرك الى الهدف المراد مداهمته, ووسط المدرعات وسيارات الامن العام المصفحة التي عرفت وقتها ان اسمها (جواد) والباصات التي تقل ضباط الامن العام المشاركين في العملية والبالغ عددهم 1400 ضابط وضابط صف وعسكري, بدأت عملية المداهمة لبيوت تتواجد فيها السيارات التي تخلو من الارقام (النمر) .

لا انكر تسرب الخوف الى اركاني والتفكير بأن حياة 1400 شخص من مرتبات الامن العام والدرك قد خرجت من بيتها تحمل اكفانها , في مواجهة اي تداعيات لعملية المداهمة تلك، الجباه السمر التي تحمي الوطن وهذا ما اكده المجالي حين قال ان هذا العدد الكبير من الضباط يشارك في هذه العملية حرصا على حياة ابنائنا من الامن العام والاشخاص المقبوض عليهم .

عند منتصف المداهمة بدأ السكان برمي الحجارة على فريق المداهمة مما اضطر الامن بأن ينقل الصحفيين الى مكان تجمع السيارات المسروقة والبالغ عددها حوالي 63 سيارة, بمدرعات جواد لحمايتهم.

تجربة غنية وحية عشناها، اكيد، لكنني لا اتمنى ان تتكرر مرة اخرى، لا لي شخصيا، ولا لاحد رجال الامن العام، وأن تنتهي المناطق التي يضطر الامن ان يدخلها في حالة مداهمة، فالحياة، ارق والطف واسهل من لحظة يصل فيها المرء الى مخالفة القانون، فهل من الممكن ان يتحقق ذلك؟

أضف تعليقك