عندما تغيب الشعارات الجادة

عندما تغيب الشعارات الجادة
الرابط المختصر

امتلأت فضاءات عمان والمدن الاردنية بشعارات الحملة الانتخابية لمجلس النواب. ومرّ من الايام ما يكفي للحديث عن طابع هذه الشعارات. وبالاجمال, استطيع القول, انها تصلح لحملة انتخابات بلدية او حكم محلي, لكنها أبعد ما تكون عن مفاهيم الانتخابات لمجلس نواب.

غابت السياسة تماما وتلاشى الاقتصاد »رغم ان العالم كله لا حديث له الا عن الازمة الاقتصادية«. ولم نر إلتفاتة الى ما يدعو للوئام والقضاء على اسباب العنف الاجتماعي بشعارات وبرامج تقدم العون للمجتمع والدولة في مواجهة تنامي هذه الآفة الاجتماعية واتساعها.

غابت القدس, اقصد القدس الشريف المحتلة عن ذاكرة اهل شقيقتها التوأم عمان, بل وشهدنا من الشعارات ما يساعد على تغييبها, فلا احد يذكر حقاً فيها, ولم تعد حاضرة وهي التي تئن تحت وطأة تهويد واستيطان همجي لعصابات لا ترعوي في استباحة كل الديانات وجميع الاوطان وليس الوطن الفلسطيني المغتصب فحسب.

ما نشاهده حملة, او قُل حملات انتخابية تدعو الى ان ينام الجميع قريري العين, فلا سياسة ولا برامج اقتصادية, ولا تضامن مع قضايا الامة القريبة ولا اقول البعيدة, رغم اننا في الاردن نحمل عبء الهجرات وعبء آثار الاحتلالات والحروب والغزوات سواء ما كان منها في الغرب المستمرة منذ عقود طويلة, على يد العصابة الصهيونية او ما هو في الشرق في العراق الحبيب.

من قال بان الانتخابات النيابية يجب ان تكون خالية الدسم فهل هناك انتخابات لمجلس نواب في الشرق او الغرب في الشمال او الجنوب بدون ان تتضمن شعارات سياسية واقتصادية يتنافس فيها المتنافسون من مرشحين على جذب اهتمام الناخبين واستقطاب مواطنيهم الى برامجهم ومواقفهم من اجل ان يرسموا, ويغيروا السياسات والقرارات التي يفترض انها تمثل الشعب وتعكس مطالبه وامانيه..!

من قال ان الدول تعيش بلا سياسة, وبلا اقتصاد, وبلا مشاركة حقيقية من المواطنين... مشاركة, المدخل الوحيد اليها صناديق الاقتراع وعبر ما تُفرز من نواب لتداول شؤون البلد والشعب, ومواجهة ومقارعة ما يوجد من ازمات وتهديدات او ما هو منها على الطريق.

اشعر بالحزن العميق على هذا التدني في الخطاب العام للمرشحين, فلا نجد سوى اسماء تعرّف ذاتها على ذاتها, ولا نجد سوى شعارات مبهمة غامضة عن الامانة والصدق والمسؤولية, وكأننا نستعرض اسماء البقالات والدكاكين وكل دعاية لبضاعة معروضة.

لا انتخابات تشريعية نيابية بدون شعارات جادة ترتقي الى مستوى المطروح على البلاد والمنطقة من تحديات سياسية واقتصادية وفي مقدمتها التحدي الصهيوني والازمة الاقتصادية العالمية. وليس صحيحا ان الشعارات هي مجرد شعارات. انما هي ابنة موسمها الانتخابي, ولم يُقرها السياسيون والمفكرون في العالم الحديث منذ عصر التنوير ومنذ قيام الانظمة الديمقراطية, الا من اجل تعبئة الجمهور, وايقاظ وعيه الجماعي وتوجيه اهتماماته الى القضايا والمسائل التي يفترض ان تكون على اجندته الوطنية, للسنوات الاربع المقبلة.

من البؤس السياسي أن نرى شعارات ليس لها قيمة ومحتوى سياسي واقتصادي انها علامة على الفقر المدقع في الروح الوطنية, التي يبدو انها تتراجع الى الخلف, الى مربعات ضيقة وهويات عشائرية وعائلية وجهوية صغيرة, وكل ذلك على حساب الوطن, وفي مناخ اقليمي يذكرنا واقعه الخطير من حولنا, باننا احوج ما نكون الى شعارات توحدنا وتدب العزائم في اجسادنا وارواحنا

العرب اليوم