عمان بعد أمينها
كان من الأفضل أن يبقى أمين عمان في منصبه إلى أن يقول: "لقد اكتفيت", ذلك أن إقالته من دون تقييم للتجربة ستزيد من الالتباس الحاصل في العاصمة.
عام ,2008 وبعد سنتين من تولي الأمين لموقعه, أعلن عن المخطط الشمولي للعاصمة, وفي مقدمته نُشر نص طريف بعنوان (وصف عمان على لسان مواطن عام 2025). والنص طويل نسبياً وكنت أفضل أن تستمتعوا معي بقراءته كاملاً باعتباره نموذجاً للتخطيط الفكاهي, لقد كُتِب على لسان أحد ساكني عمان عام ,2025 وتتنافس فقراته في الخيال في شتى المجالات: العمران والنقل والسكن والثقافة والسياحة والصحة وغيرها إلى أن يختصر لنا المشهد بعبارة تقول أن عمان "أصبحت بمثابة (سوهو) العالم العربي".
تقول الموسوعة الالكترونية البسيطة أن "سوهو هي منطقة تقع في لندن, وهي جزء من النهاية الغربية لها. يحدها من الجنوب ميدان بيكاديللي, وطريق شافتسبري, وميدان كامبردج. ومن الشرق طريق جيرنغ كروس. ومن الشمال شارع أوكسفورد. ومن الغرب شارع رجنت. تمتلك سوهو أكثف مركز من المطاعم والمقاهي والأندية والحانات في وسط لندن, وتمثل القلب الحيوي النشط للمدينة. تعد المنطقة أيضاً مركز لندن الإعلامي لوجود عدد كبير من وكالات الإعلانات بها, بالإضافة إلى الكثير من الإستديوهات التلفازية والإذاعية".
دعونا من هذا.. فاليوم وبعد ثلاث سنوات من المخطط الشمولي, هناك كلام كثير عن أزمات تشمل عناوين مختلفة (المديونية, المواصلات وبعثرتها, المشاريع الكبرى المتوقفة, وسط عمان, نشوء أنوية لأحياء بائسة تنغلق تدريجياً على ذاتها, العلاقة المتوترة بين العاصمة والمناطق الملحقة بها حديثاً, تفاقم مشكلة شرق وغرب عمان... وغيرها). في هذه اللحظة, وتحت ضغط هذه الأزمات, تتم إقالة الأمين, ولكنه وحده بين رؤساء البلديات المقالين مَن يتم توجيه رسالة شكر له على دوره, وهذا (رسمياً) يعني أن صاحب قرار الإقالة غير مقتنع بالملاحظات السلبية على الأداء, وبالطبع من حقه أن يتخذ الموقف الذي يريد, لكن المأساة أنه في هذه الحالة تضيع المسؤولية عن الأزمات ذاتها, إذ لا يوجد ما يمنع الأمين وأنصار مخططه من القول ذات يوم أنه لم يتح لهم الوقت الكافي, وسوف يأتي عام 2025 وقد يلوم الأمين المدينة كلها على أنها تخلت عنه, وأضاعت مصداقية النص المنشور الذي سيتحول إلى وثيقة تاريخية.
من فضلكم أعيدوا الأمين كي يكمل خطته, أو لنسمع منه الآن تقييماً لها, أو لنسمع من الأمين المقبل شيئاً ما يوحي باحترام عقولنا... والى أن يحين ذلك دعونا نهتف: "الشعب يريد عودة الأمين".