صوت واحد وحكومة برلمانية .. كيف بالله عليكم؟
هل يستوعب معظم أعضاء مجلس النواب ما يحدث في البلاد منذ سنة ونصف؟ هل الغالبية العظمى من أعضاء المجلس قادرين على قراءة الرسائل الغاضبة والمشككة بجدية الإصلاح الصادرة عن الرأي العام بمختلف تكويناته؟ هل هم قادرين على فهم مستوى الشعارات المرتفعة الذي بدا يظهر في الحراك الشعبي؟ هل هم اصلا قادرون على استيعاب ما قاله لهم الملك عبد الله الثاني عدة مرات في ضرورة إقرار قانون انتخاب يمثل الراي العام ويهيئ لتشكيل حكومات برلمانية؟
إذا كانوا لا يستوعبون كل هذا فهي مصيبة، ولكن المصيبة الأكبر هي في حال كانوا قادرين على فهم التحديات التي تواجه الأردن ومع ذلك يصرون على قانون الصوت الواحد المتخلف الذي أوصلنا إلى هذا الوضع المزري، مضافا إليه قائمة تجميلية من 17 نائبا من خلال قائمة وطنية لا تغني ولا تسمن من جوع.
بهذا القانون المقترح سيتم إعادة إنتاج المجلس الحالي بكل مساوئه، ولكن هذا هو بالضبط ما يريده غالبية أعضاء المجلس. معظمهم يفكر ليس بالإصلاح السياسي ولا تخفيف احتقان الرأي العام ولا دعم الملك في توجهاته الإصلاحية بل فقط في كيفية تفصيل دائرة انتخابية على المقاس تسمح بعودة النائب مرة أخرى.
أعجز تماما عن استيعاب كيف يمكن لقانون الصوت الواحد أن يقود إلى حكومة برلمانية في ظل ممارسة انتخابية تعتمد على القواعد العشائرية والاجتماعية وليس البرامج السياسية. ربما يكون التكتيك المتبع في هذه الحالة هو “طرح” مجموعة من 3-4 مرشحين كبار اصحاب خبرة سياسية ومن ثم قيام هؤلاء الشخصيات بتجميع كتل برلمانية ما بعد الانتخابات وتبادل الدور على رئاسة الوزارة بناء على هذه التكتلات المصلحية وليس على البرامج الحزبية والسياسية الواضحة.
تبدو المقاطعة السياسية خيارا لنسبة كبيرة من النشطاء السياسيين في الأردن. حتى هذه اللحظة لم يطرح اي حزب أو تيار سياسي رأيا يؤيد الصوت الواحد مما يعني حكما مقاطعة الانتخابات القادمة في حال كان هنالك التزام بالموقف السياسي. هذا سيترك مسيرة الإصلاح في وضع سيء جدا حيث تتدهور تماما مصداقية اي خطاب إصلاحي رسمي بينما تحصل الجهات المعارضة وخاصة الأكثر تطرفا على مبررات جديدة لموقفها في عدم جدية الإصلاح في البلاد.
بعد سلسلة من صكوك الغفران لحالات الفساد بات قانون الانتخابات بمثابة الورقة الأخيرة لإثبات جدية الإصلاح وفي حال تم إقرار قانون الصوت الواحد + 17 مقعدا هزيلا تتهاوى بشكل نهائي كل الأوراق والشعارات الرسمية حول الإصلاح وندخل في حالة لا تتضمن مخرجا سياسيا مريحا. هذه الأيام والساعات الأخيرة حاسمة لإنقاذ مسار الإصلاح السياسي حتى لو اصبح الخيار الوحيد حل مجلس النواب واللجوء إلى طريقة أخرى مناسبة دستوريا لإقرار قانون انتخاب يحقق الحد الأدنى من التوافق الوطني.
span style=color: #ff0000;الدستور/span