صحافة بلا قانون و بلا ضوابط

صحافة بلا قانون و بلا ضوابط
الرابط المختصر

أزمة الإعلام الالكتروني أو دمه معلقان برقبة نقابة الصحفيين اولا، و رقبة حكماء المهنة وشيوخها , بعد ان تركوها “أسيرة المحبسين” فعلا وقولا , قبل ان ينتقل الجميع الى خانة المداهنة لها ومعها ولم يقم أحد بإهداء عيوبها اليها حتى يستحق ان نترحم عليه .

فقد تركنا الإعلام الوليد يعلّم نفسه بنفسه ويتعلم في المجتمع والناس , لذا نجحت قلة قليلة منه بإيجاد مواقع اعلامية ومنابر صحفية رفعت سقف الحرية و سوية المهنة وأدخلت مفاهيم وادوات جديدة الى الحياة الصحفية والسياسية , فصارت قهوة المجتمع الصباحية , واعترفت بها دوائر الاعلام والإعلان , وأوجدت اعلاما تفاعليا حقيقيا , ومع ذلك لم تعترف بها النقابة او بيت الصحفيين , واضطر احد المبادرين لصناعته الى اللجوء لتحايل انساني لإكمال مدة تدريبه في النقابة من خلال صحيفة اسبوعية , علما بأن قرّاء ساعة واحدة على منبره الالكتروني تعادل حجم قرّاء الصحف الاسبوعية مجتمعة , ولم تلتفت الحكومات المتعاقبة الى الاعلام الجديد تشريعا او اعترافا , فتركته لاجتهاداته ولقوته الذاتية , قبل ان ينتقل الأمر الى محاولة احتوائه بالاعتراف به ضمنا دون تأطيره قانونيا ضمن قانون المطبوعات والنشر وتعديل قانون النقابة بالمقابل لاستيعاب اعلام المستقبل , وظلّت مشاريع الحكومة الالكترونية والحداثة وادخال الكمبيوتر الى المدارس وحتى جيل الديجتال الذي ساد لفترة , قاصرة عن شرعنة وجود الاعلام الالكتروني .

نجاح المثابربين من الاوائل اغوى كثيرين للانتقال من الاعلام الورقي الى الالكتروني وتحديدا العاملين في قطاع الصحافة الاسبوعية , الذين ذبحناهم بدم بارد وذبحنا معهم الصحافة الاسبوعية , فجاء الملاذ التكنولوجيا للبقاء في سوق المهنة , حيث ولد الاعلام الالكتروني او اعلام المستقبل مصابا بأمراض الصحافة الاسبوعية وأوجاعها , فغلطة اضاعة الصحافة الاسبوعية اعدنا انتاجها بحداثة الإعلام الالكتروني وامراضه واوجاعه , ونفس الموجبات التي دفعت المجتمع الى نبذ الصحافة الاسبوعية بتساهل وتواطؤ من الحكومات , كان السبب بانتقاد المجتمع للاعلام الالكتروني وتوفير ارضية لنبذه لولا فرصة الربيع العربي , التي جعلت له اصدقاء يشتمونه ليلا ويمدحونه هتافا , بانتهازية لافتة كما شأن كثير من الخائفين والمرتجفين من تصويب مساره وتحسين صورته وإخراج الخبائث من جسمه .

منذ فترة طويلة والجميع ينتظر مخرجا وتصويبا لوضع الإعلام بخاصة الالكتروني , فجاءت لحظة الحقيقة التي رحّلتها حكومة تلو حكومة الى ان وصلنا الى لحظة المواجهة , دون رفاه اللحظة او استرخاء , فقد وجبت ساعة المواجهة الوطنية الشاملة , فالاصلاح الذي ننادي به يعني ان نقوم بإصلاح كل شيء واوله الإعلام لأنه رافعة الاصلاح وسنده وما يتناوله بعض الإعلام الالكتروني من ابتزاز وتعليقات جرح الذاكرة والوجدان قبل ان يجرح شخوصا ومؤسسات , فبات الإيذاء عنوانا عريضا وصار سوق الاعلام سوقا للآلام .

القانون ضرورة وطنية , وفيه ضمانة للجميع وفيه العدالة الغائبة بين الاعلام , فهل يجوز ان نخضع في الصحافة اليومية والاسبوعية لاشتراطات قانونية فيما يبقى الاعلام الالكتروني دون ضوابط قانونية ؟

وهل يجوز لأشباح ان تصنع رأيا و توجها ؟ وهل يجوز لأشباح ان تقوم بنثر سمومها تعليقا او أخبارا دون ان نعرف من المسؤول عن نقل تلك السموم ؟ ومن يملك الحق في ان يبقى بعيدا عن التقاضي الذي هو حق لصيق للانسان ؟ فنحن لا نعرف كثيرا من اصحاب المواقع ولا نعرف المعلقين الذين يقولون ما يشاءون علما بأن التعليق خبر بحد ذاته , وبالتالي يجب ان يتحمل احد ما مسؤولية الخبر كما في كل وسائل الاعلام .

الاعلام الالكتروني اعلام المستقبل اي هو صانع الرأي العام وهو الوحيد الذي نستطيع من خلاله معرفة التغذية الراجعة او ردود الفعل , وبالتالي يجب ان يحترم ويكرّم , والقانون تكريم للجميع وضمانة للجميع , والحرية في التعبير حق للجميع وعلى الجميع ان يتحمل كلفة وجهة نظره , وقبول حكم القضاء والجلوس تحت مظلة القانون فلا احد فوق القانون .

القانون وحده الضمانة وبقاء الأمور على اطلاقها خلق فوضى يتأذى منها كثيرون اولهم اهل مهنة الصحافة اما تفاصيل القانون فتلك قصة اخرى ويجب ان تخضع لمعايير دولية تعنى بالحرية والديمقراطية وحقوق التقاضي

الدستور