سيناريوهات .. قانون الانتخاب *
تنشغل خلية حساسة داخل اوساط الدولة لإزالة الندب الكثيرة التي افرزها قانون الانتخاب الحالي على المشهد الاردني سياسيا واجتماعيا , فالشارع الشعبي والسياسي على حد سواء يضع مجلس النواب في خانة اعداء الاصلاح , بل يتهمه بالعمل لمصلحة افراده على حساب الشارع الاردني برمته بشكل افسد بهجة الاصلاح التي تجلّت بعد توجيهات الملك بإعادة القانون لمجلس النواب كي يعيد تشريعه بما يناسب مطالب الشارع , لكنه اعاده بنفس الطريقة المجزوءة ولا يستثني النشطاء الحكومة من الاتهام بأنها تفاعلت مع مطالب النواب بل مارست ترويضا للمجلس كي يمر القانون بهذا الشكل العجائبي .
مقاصد القانون يفترض انها تسمح بتداول السلطة بشكل سلس وامين. والملك اعلن اكثر من مرة بأنه يطمح الى حكومات برلمانية على اساس حزبي حالما تصل الاحزاب الى البرامجية المدعومة شعبيا , وفي انتظار ذلك لم يخف الملك ترحيبه بحكومة الائتلافات النيابية , ولذا كانت فكرة القائمة الوطنية , حتى تفتح المجال للتحالفات الحزبية والوطنية , والدخول الى مجلس النواب بصيغة كتلوية قبل الانتخابات لا بعدها وهي التجربة التي اثمرت كتلا نيابية على غرار الكثبان الرملية المتحركة والتي تتآلف وتتفكك تبعا للانتخابات الرئاسية في النواب ومقاعد مكتبه الدائم , ولا ينظمها خيط برامجي ولو ضعيف .
القانون جاء مبتورا فالعدد المطروح للقائمة الوطنية لا يكفي لانتاج تحالف ينجح بقيادة بلدية متوسطة العدد وليس حكومة تقود السلطة التنفيذية لاربع سنوات كما يأمل الملك وقال في اخر رسالة الى الشعب الاردني عبر شاشة التلفزيون الاردني , ولا يمكّن المجلس النيابي بدوره في البقاء على مقاعده للمدة الدستورية المنصوص عليها , فالمقاطعات انتشرت انتشار النار في الهشيم , ليس من لون سياسي واحد بل من عدة اطياف اجتماعية وسياسية رغم محاولات لون سياسي خطف قصب السبق .
الخلية تعمل وسط هذه الظروف المتشابكة والمعقدة , وعلى طاولتها اقتراحان محددان , الاول رفع عدد اصوات المقاعد الفردية ليصبح صوتين للناخب الواحد بالاضافة الى صوت الدائرة الوطنية , في حين برز على الطاولة اقتراح بمنح الناخب ثلاثة اصوات والغاء القائمة الوطنية , وكلا الاقتراحين يفككان حالة المقاطعة خصوصا وان قوى المقاطعة اشترطت لموفدين رسميين الغاء الصوت الواحد فقط للعودة عن قرار المقاطعة , وهو مطلب رأته الخلية الحساسة مريحا بل ويلقى دعما من الملك الذي يسعى الى الخروج من حالة الاحتقان والوصول الى حالة مشاركة سياسية واسعة , تريحه وتريح الحالة الاردنية بكاملها .
ورقة الخلية الحساسة التي يتم العمل عليها بسرعة لتجد طريقها الى العلن في الاسبوع الاول من اب المقبل على ابعد تقدير , لا تستثني مقاومات من حرس موغل في الاصرار على القانون القائم والذي ينتظر موافقة الملك قانونيا , فالقانون برمته وشّح بالارادة الملكية السامية وبهذا ما سمح للهيئة المستقلة للانتخاب بالعمل وكسب الوقت , ولكنها ما زالت – اي الهيئة – تنتظر الدوائر وتقسيماتها وعدد الاصوات للناخب الواحد .
تيار واسع يرى ان فكرة الاصوات الثلاثة وهي بالمناسبة مقترح حكومة الدكتور معروف البخيت تقتضي تقسيم المملكة الى دوائر متساوية لكل دائرة ثلاثة نواب وتمكّن الناخب من انتخاب النواب الثلاثة , ولكنها تقضي على فرص القائمة الوطنية , التي سيتم التراجع عنها , وهذا مقبول من الاطراف السياسية التي تريد فقط الغاء الصوت الواحد , في حين ترى اوساط بأن فرصة الصوتين للناخب بوجود القائمة الوطنية هي اكثر ملاءمة للحالة الاردنية ويمكن ان تُنتج كتلا برلمانية قبلية تساعد في ولوج بوابة الحكومات الائتلافية بل وتسعى الى رفع عدد مقاعدها بإضافة مقاعد الكوتا النسائية اليها مع إلزام الكتل بوضع المرأة في اللوائح المتقدمة بما يضمن نجاحها وووصولها الى البرلمان بقوة ودون “ محرم “ الكوتا .
سيناريوهات متعددة ولكنها تحمل كلها بوادر انفراج سياسي وتعيد الاصلاح الى قاطرة العمل المنتج والمريح وتفتح الباب واسعا لاعادة بسط هيبة الدولة والتفرغ لاطفاء الحرائق الصغيرة التي يشعلها نشطاء التأزيم والابتزاز السياسي والمناطقي ويفتح المجال لدوران عجلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات التي تعاني من حالة صدود داخلية وخارجية بفعل التطاول الدائر على مواقع الانتاج العام والخاص حاليا وتحتاج الى قرار سياسي لوقفها وبتر ايادي المتطاولين والانتهازيين .
المطلوب اردنيا دفن الصوت الواحد , فالاصلاح التراكمي المطلوب لا تفتح ابوابه القائمة الوطنية قليلة العدد والتي انتجت احساسا بأن الصوت الواحد قائم بثوب جديد , فالنظام المختلط في الانتخابات يلزمه ثلث المقاعد كحد ادنى لولادة احساس بدفن الصوت الواحد .
span style=color: #ff0000;الدستور/span