سقوط ماء وجه العدالة
قبل أسابيع وصف رئيس الوزراء السجينَ خالد شاهين بأنه "فار من وجه العدالة", ثم كرر الوصف ذاته في آخر كلام له منذ يومين.
لقد جرت العادة أن الفرار من وجه العدالة يكون قبل أن يقف المتهم أمامها, أي قبل أن يرى وجهها. ولكن ما حصل أنه تمت مغافلة العدالة بعد أن رأته وأمسكت به وقالت رأيها فيه, وبنتيجة هذه المغافلة توفرت الفرصة للسجين كي يفر من وجه تلك العدالة.
وخلال الأسابيع الماضية بعد انكشاف حقيقة الحكاية, اضطرت العدالة أن تخفي وجهها خجلاً بسبب الإجراء الحكومي, وعلى الأغلب أنها شعرت أن سلوك الحكومة قد أسقط ماء وجهها أو نشفه, ولكنها ظلت مع الجميع تنتظر نتائج التحقيق لعله يعيد إليها شيئاً من الرطوبة. والآن هناك مأزق, إذ من الصعب أن يقتنع الرأي العام ولا حتى الرأي "العوام" بالنتائج التي تم تقديمها.
لدي اقتراح قد يسهم في الحلحلة: ماذا لو توقفنا عن القول انه فار من وجه العدالة, وقلنا بدلاً من ذلك أن العدالة هي التي فرت من وجهه?
مثل هذا الاقتراح يتيح الفرصة للنظر إلى المسألة ككل من زوايا متنوعة, ففي هذه الحالة يبقى السجين حيث هو الآن, بينما لا يعني فرار العدالة سقوط ماء وجهها بالضرورة, ببساطة لأننا لا نرى وجه العدالة وهي تفر, وفي أحسن الأحوال قد نرى خلفيتها, وبالتالي فإن أي ماء سنراه لن يكون مصدره الوجه بالتأكيد.
العرب اليوم