سرقة كيس شيبس وفوسفات!

 سرقة كيس شيبس وفوسفات!
الرابط المختصر

في السبعين، ضرير في بصره لكنه لشدة فقره كان يبصر كل يوم جوع أولاده. ولأن الفقر ليس رجلا ليقتله، قهره الفقر وغلبه، بينما مبصر متكرش شحم بطنه يترهل من كثرة الدهن، عميت عيناه المبصرة عن حرام المال، فلم ير فقر وطنه، و لأن الوطن بقرة حلوب لا أكثر، سرقه ونهبه .

مفارقة مؤلمة، بينما يسرح من سرق قوت المواطن وثروات البلاد في الفنادق الفخمة و بارات لندن، يُسحب سبعيني ضرير الى داخل مركبة الامن العام على مرأى من اطفاله بتهمة سرقة " كيس شيبس "!!

كيس من " الشيبس " كان كفيلا بالتحقيق مع الضرير السبعيني وطفليه في بلدة مليح من قبل رجال الامن، بعد شكوى تقدمت بها مديرة مدرسة بحق الطفلين متهمة اياهما بسرقة " الشيبس " من مقصف المدرسة. و هي تهمة بنتها مديرة المدرسة على " الشكوك" فقط !!

يعيش السبعيني الضرير في بلدة مليح بلواء ذيبان بحالة يرثى لها بسبب قطع المعونة الوطنية للراتب الضئيل الذي كان يتقاضاه بعد ان انتسب احد ابنائه الى القوات المسلحة الاردنية ليخدم في منطقة بعيده تستهلك جزءأ كبيرا من راتبه.

تقوم زوجة السبعيني التي انجبت 12 طفلا منهم مازالوا في عمر الطفولة بغسل الفوط الصحية و تجفيفها لاعادة استخدامها مرة اخرى بسبب الفقر والحاجة وجاء قطع راتب المعونة الوطنية ليزيد من معاناة هذه الاسرة التي لم تسرق فوسفات الاردن ولم تمد يدها لتغسل الأموال.

المنتفخة بطنوهم سحتا، سرقوا فوسفات الاردن وهربوا بعد اعوام من غض الطرف عنهم، لم يسألهم سائل او ينهرهم ناهر، بينما يُستقوى على الضعيف الفقير، قد يكون الطفل فعلا سرق " كيس الشيبس" لكن لم نسأل لماذا سرق و ما الذي دفعه؟؟

أين دور المدرسة في التربية قبل التعليم؟؟ لماذا وصلنا لهذا الحد من الرداءة في التعامل التربوي في مدارسنا؟؟ اليس احرى بمديرة المدرسة احتواء هؤلاء الاطفال الفقراء و دراسة اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية قبل ان تقرر تحطيم معنوياتهم و تحطيم صورة والدهم في اعينهم ؟؟

وتستحضرني في تلك الواقعة الموجعة حد البكاء، موقف عمر بن الخطاب، فاروق الأمة حين أوقف الحد في السرقة عام المجاعة...فلا ندري إن كان حال هذا المواطن الضرير لا يصل حد المجاعة التي أوقف عمر الحد على حدها..فماذا تكون؟