خوفا على الدستور تأجيل التعديلات مخرجاً

خوفا على الدستور تأجيل التعديلات مخرجاً
الرابط المختصر

كمقدمة: اطرح هذا الرأي خوفا على الدستور ومكانته (كحجر الرحى) في عملية الاصلاح, ولان مشروع التعديلات المعروض على مجلس النواب بصيغته الحالية, وبطبيعة الاجواء المحيطة باقرار بنوده في المجلس لا يسمح باصلاح دستوري ترضى عنه فئات وتيارات شعبية وسطية ناهيك عن موقف قوى المعارضة والحراك الشبابي المعروف والمعلن.

واضيف الاسباب التالية: 1- الغياب الكبير, بالعشرات من النواب, عن جلسات مناقشة التعديلات, وكأن المطروح على المجلس هو مجرد قانون عادي وليس الدستور »ابو القوانين« او ما يسمى القانون العام, بينما المفترض ان لا يغيب احد, ومن واجبنا في الاعلام والصحافة ان نلاحق جدول الغياب للجلسات الدستورية ومن حق الرأي العام ان يسمع عذرا من كل نائب يغيب عن الجلسات.

2- هناك تناقضات في جوانب عديدة من التعديلات, وهي حسب رأي الاستاذ الدكتور محمد الحموري (وزير العدل الاسبق) ستحدث خللا في توازن الدستور, وما نشره الحموري في سلسلة دراسات فريدة حول التعديلات, في »العرب اليوم«, وما تضمنته من ملاحظات واقتراحات جديرة بان تلاقي اعلى درجات الاهتمام, خاصة من مجلس الامة, وبالطبع هناك اراء وافكار عديدة طرحها قضاة ومحامون وباحثون واحزاب لم يؤخذ بها, ولا يبدو انها وصلت الى العدد الاكبر من النواب, واظهر النقاش حول مسألة »التعويض« عن حالات التعرض للتعذيب, ان فرصة سد الثغرات في التعديلات التي تخلق تناقضات في الدستور ضئيلة للغاية.

3- وليس من صالح الدستور, ولا من مصلحة عملية الاصلاح وضع مجلس النواب في »حالة استعجال« لاقرار 42 تعديلا شاملا لمعظم جوانب الدستور وخلال ايام معدودة. هذا الوضع سيؤدي الى الكثير من التأملات ذات الطابع السياسي, وقليل من البحث عن العبارات الصارمة بلغة القانون ومصطلحاته من اجل تحديد الواجبات والحقوق للدولة ومؤسساتها من جهة, وللمواطنين جماعات وافرادا من جهة اخرى.

اقرار التعديلات يحتاج الى وقت طويل بل الى اشهر حتى لا يفتح النقاش على الدستور كل عام. وفي الحالة الاردنية يفترض ان تأتي التعديلات كثمرة للاصلاح وليس كنقطة انطلاق. والخطوة الاولى الصحيحة تبدأ بقانون انتخاب يضمن انتخابات نيابية حرة ونزيهة, لان الاصلاح في الحالة الاردنية يقوم على اصلاح النظام; اما التعديلات والدستور الجديد فيوضعان في مقدمة الاصلاح في حالة سقوط الانظمة كما في تونس ومصر.

لهذه الاسباب اقف في صف المطالبين بتأجيل »التعديلات الدستورية« بالطريقة المناسبة, (إما بعدم استكمال اقرارها في مجلس النواب او ردها من مجلس الاعيان) ليصار الى بحثها في المجلس النيابي بعد الانتخابات القادمة, وإلا فان الانطلاق الى الاصلاح من قاعدة مشروخة ومحاطة بالنقد وعدم الثقة سيقود الى تراكمات من عدم الرضا والاختلاف والى استمرار مظاهر الاحتجاجات والمعارضات ليس اختلافا حول الاصلاح وقوانينه, انما حول الدستور وهو تطور يهدد بنزيف مستمر للوطن والدولة.

العرب اليوم

أضف تعليقك