هذه هي المرة الأولى التي يتجه فيها الأردن لوضع خطة عشرية , فقد جرت العادة أن تغطي الخطط ثلاث إلى خمس سنوات , بينما تتكفل الرؤى بوضع مبادىء عامة لعشرين سنة .
الخطة المقصودة وهي تلك التي وجه الملك الحكومة إلى وضعها ستكون تنفيذية ترتبط ببرنامج زمني للإنجاز , ولن نبالغ إن اعتبرنا النجاح في وضعها سيكون بمثابة تجديد لروح الدولة في تفاصيلها التشريعية والإجرائية , وربما قد آن أوان المراجعة أين وصلنا والى أين نتجه في أعقاب ربيع عربي مربك ومرتبك .
الخطة العشرية أعادت في مضامينها التأكيد على أن الإصلاح الاقتصادي كان ولا يزال في مقدمة الأولويات كما أنه في عمق تباين وجهات النظر , فمنذ يومه الأول كلف الملك لجنة خبراء , سعت إلى تحليل الوضع , وتفكيكه في محاولة لتحديد مكامن القوة والضعف , وكانت أولى التوصيات البدء بإصلاح التعليم , وإزالة الغبار عن مصادر القوة التي تؤهل لبناء مراكز للبدء بالاعتماد على الذات.
مبكرا حسم الملك خياراته، وعلق جرس الإصلاح ,وإن كانت الجغرافيا من جهة وتجاذبات داخلية من جهة أخرى تعيق الخطوات , لكن الإصرار ظل قائما , وهو ما يتبدى بين فترة وأخرى في مراجعة يجريها الملك نفسه للأحداث , وهو ما برز بوضوح في حثه على وضع الخطة .
الحل يكمن في المشكلة الاقتصادية وبدء خطوات حقيقية في مرحلة الاعتماد على الذات تتمثل بتشجيع مزيد من الاستثمارات عبر إحداث تغييرات جوهرية على مجموعة القوانين التي تعيق تقدمها لمواجهة مهددات اجتماعية وسياسية خطرة وهي تلك المتمثلة بأفواج الخريجين المتدفقين إلى سوق العمل سنويا ويناهز عددهم ال60 ألفا من شابات وشباب الأردن , وهي أعداد ليس بإمكان القطاع العام استيعابه حتى لو تحولت الدولة إلى دولة اشتراكية 100%
المهم هو أن مناقشة القضايا الاقتصادية في ملفاتها الساخنة ووجهات النظر المتعددة حولها لا يمكن أن تشبعها لقاءات ولا حتى حوارات ثنائية بقدر ما سيخدمها مؤتمر أو خطة وطنية يدخل إلى عمقها تتواجه في الآراء حتى الأكثر تطرفا منها لتخرج بصيغ توافقية تصوغ مستقبل الأردن الاقتصادي بعيدا عن مستنقعات التخطيء والاتهامات المعلبة والهمز واللمز .
الرأي