خريطة طريق لإصلاح قانون الانتخاب

خريطة طريق لإصلاح قانون الانتخاب
الرابط المختصر

يكشف استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية عن الفوارق الشاسعة بين الشارع الشعبي والمكونات السياسية والحزبية , فنتيجة الاستطلاع تقول ان 60% من الأردنيين مع الصوت الواحد , وهذه النسبة حقيقية , فقبل ذلك كانت النسبة تشير إلى 67% من الأردنيين مع الصوت الواحد أي أن 7% غيرّوا موقفهم من الصوت الواحد , بحكم مجريات الربيع العربي واختلاط الصوت الواحد أو مخرجاته بالتزوير الفاضح الذي رافق الانتخابات العام 2007 والهشاشة التي رافقت الدائرة الوهمية في انتخابات 2010 .

نتائج الاستطلاعات من مركز الدراسات عادة موثوقة وتكشف عن مزاج النخبة والرأي العام , ولن يقلل منسوب الصدمة الذي احدثته للشارع الحزبي والإصلاحي من صدقيتها , فهذا يؤشر لخطر تاريخي مفاده أن النخبة معزولة عن الشارع الشعبي , سواء النخبة المعارضة او النخبة المؤيدة للسياسات الحكومية , فالطرفة التي نتناقلها عن والد احد المعتقلين اليساريين , والتي تقول ان الأب سأل ابنه المعتقل: “ شو جابرك على المر؟!” فأجابه: حقوق الطبقة العاملة. وأسهم الابن بشرح مميزات وصفات الطبقة العاملة , وحين قام الأب بجولة على ساحة الجامع الحسيني , التي كانت في ذلك الوقت مكان تجمع الطبقة العاملة , اكتشف عدم معرفتهم بابنه ونضالاته وانه معتقل من اجل نصرتهم , فزار ابنه ثانية وقال له: سألت العمال عنك فلم يعرفوك .

التباين في رأي الشارع ورأي الأحزاب موجود , واشار له بجرأة الزميل ياسر ابو هلالة في المؤتمر الصحفي الأخير لرئيس الوزراء , والزميل يدير مكتب قناة الجزيرة الذي يستقبل يوميا آلاف الملاحظات الشعبية والحزبية وبالتالي فهو مقياس شعبي وحزبي , والمطالبة برفع سوية القانون على حساب رأي الشارع الانتخابي تحتاج لبرامج سياسية وتثقيفية طويلة المدى او متوسطة المدى على اقل تقدير .

قانون الانتخاب ليس مهمته إرضاء حزب او مكون بل مهمته انتاج توافق جمعي يفضي لثقافة سياسية تكرّس مفهوم النائب السياسي والتشريعي والرقابي بصرف النظر عن قرابة الدم او الاصل والمنبت , ويحتاج لثقافة مجتمعية تراكمية , وسلوك الأحزاب إزاء رفضها للقانون الحالي يتطلب تغييرا , فمن غير المعقول المطالبة بقوائم حزبية مغلقة لنصف مقاعد المجلس النيابي في حين ان الأحزاب لا تشكل مثل هذا الرقم في الشارع , وما زال مقترح 20- 25% من المقاعد للقائمة المفتوحة معقولا ويصلح للبناء عليه مع تغيير الصيغة المغلقة ونسبة الفوز المحددة بخمسة مقاعد للحزب الواحد ومقعد الترضية الموجود فهو يذكرنا بالمقعد الوهمي .

معارضة الأحزاب اليسارية وجبهة العمل الإسلامي مشروعة ومبررة ولكنه لا يجوز ان تفضي للمقاطعة بل لضرورة تغيير الصيغة الحالية ونظام تقسيم الدوائر , عبر تشكيل لوبي نيابي من النواب الذين يحملون برنامج الإصلاح كي يكونوا حلقة اتصال بين المجلس والأحزاب , وقد سبق لحزب جبهة العمل الاسلامي الذي يطالب بحل المجلس النيابي لانعدام مشروعيته ان استقبل في مقرّه نواب لجنة الفوسفات , أي أن الحجة السابقة بعدم الالتقاء انتفت , وقانون الانتخاب اكثر اهمية من الفوسفات لأنه هو القادر على مراجعة كل الخصخصة وليس الفوسفات فقط .

الحوار المنتج هو الحل , وتشكيل لوبيات ضغط لدفع القانون الى الأمام هو الحل , على ان يكون حلا سياسيا مقنعا للجميع ومرضيا للجميع لا حلا يستهدف تحقيق منفعة حزبية خاصة بالجماعة والحزب كما تسري الأقاويل , وان الإسلاميين سيشاركون ولكنهم يبحثون عن مكاسب ذاتية داخل نظام الدوائر وتقسيماتها بحسب الزميل ماهر أبوطير .

القانون بحاجة لمراجعة وقراءة عميقة داخل غرف البرلمان النيابية والأعيان وبحاجة لقراءة بعين الواقع وتطويره من الأحزاب والفعاليات السياسية , والأهم قراءة غير احتكارية فرأي الناس يجب ان يؤخذ بالاعتبار ورأيهم ما زال بعيدا عن احلام الأحزاب وطموحاتها ويجب تطوير رأي الناس لا الانقضاض عليه بالصراخ والتلويح بالمقاطعة .

span style=color: #ff0000;الدستور/span