حكومة ونواب وأعيان وموقوفون

حكومة ونواب وأعيان وموقوفون
الرابط المختصر

ما من شك في أن القضية التي ستسيطر على جلسات العيد ستكون مرتبطة، بشكل كبير، بشعور الأردنيين حيال حكومة د. عبدالله النسور، التي يعتقد الأردنيون أنها الأقسى عليهم مقارنة بالحكومات السابقة جميعاً.

وسينشغل العامة بنقد الحكومة ورئيسها على وجه الخصوص، فيروي كل شخص معاناته التي تتضاعف نتيجة سياسات الجباية الرسمية.

سيعدد الناس السلع التي ارتفعت أسعارها، بدءا من المحروقات مرورا بالكهرباء وليس انتهاء بالألبسة، فيكون ملف الأسعار وقرارات الحكومة حاضراً؛ يحكي كل رب أسرة كم ارتفعت تكاليف حياة أسرته خلال الأشهر القليلة من عمر الحكومة الحالية.

الشباب، بمختلف مراحلهم العمرية، سينشغلون على الأغلب بتداول النكات والطرف السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ في أسلوب جديد للنقد والتعبير عن مزاجهم تجاه الحكومة، وتحديدا ما يتعلق بذهاب رئيس الحكومة للحج.

هيبة الدولة، وتطبيق القانون، وتزايد عدد الجرائم وتطور أدواتها وأشكالها، ستكون الملف الثاني الأكثر سخونة، وسط نقد شديد لتفشي الجريمة واستمرار ظاهرة سرقة السيارات وابتزاز أصحابها لاستعادتها، مع فشل رسمي في وضع حد لهذه المشكلة التي صارت تؤرق المجتمع.

استمرار الطلب على الأضاحي رغم ارتفاع أثمانها، هو قضية مهمة أيضا. إذ كيف يمكن لبلد يضم أكثر من 150 ألف عائلة فقيرة، وبما يساوي 750 ألف فقير، أن يبقى أهل الخير فيه ينفقون نحو 50 مليون دينار على الأضاحي التي لا تنجح في نهاية النهار في تخليص عائلة من فقرها المزمن؟! فيما يمكن لهذه الأرقام إحداث فرق حقيقي في حياة كثير من الأسر، لو أُنفقت في أوجه أخرى؛ ليس أقلها بناء المكتبات وحدائق الأطفال، وغيرها من سبل التنمية الحقيقية.

النواب ومعاركهم سيتذكرهم المواطنون في العيد أيضاً. ولا أدري إن كانوا سيلومون أنفسهم على اختيار ممثليهم في مجلس النواب، أم سيلقون باللائمة على قانون الانتخاب المعوق الذي أنتج هكذا مجلس، إلا من رحم ربي من بعض أعضائه!

عند الحراكيين وعائلاتهم سيكون الوضع مختلفاً. سيشكل ملف توقيف عدد منهم القضية الأسخن، وقد أصابهم الإحباط نتيجة عدم الإفراج عن أولئك الشباب عشية العيد، رغم مطالبة الكثيرين بذلك، من سياسيين وإعلاميين ومراقبين، مع غضبهم من الحكومة التي لم تُحرك ساكنا لتكفّل النشطاء الموقوفين قبيل العيد.

الحراكيون سيعيدون الكلام عن ضرورة الاستمرار في المطالبة بالإصلاح السياسي. وربما يكون الإصرار على توقيف رفاقهم مصدرا للتوتر، وتسخين الأجواء، وإعادة الحياة في عروق الحراك بعد أن بدأت تجف.

قد تكون إجازة العيد فرصة للحراكيين ليعيدوا ترتيب أوراقهم ومراجعة شعاراتهم؛ لانتقاء الحسن منها والتخلي عن الخطاب المستفز، فتكون بذلك شعارات أكثر قبولا من المجتمع الذي ينظر إلى بعضهم بعين الريبة والشك، خوفا على أمنه واستقراره.

صالونات عمان السياسية، أو من تبقى من أصحابها داخل البلد خلال الإجازة، ستبحث مصير الحكومة وفرص بقائها أو رحيلها، كما ستُحلل المشهد الحكومي. وربما تُرجّح كفة رحيل الحكومة، ليكون لأعضاء هذه الصالونات نصيب في حكومات مقبلة.

وربما تبدأ هذه المجالس بطرح أسماء لتولي موقع رئيس الحكومة الجديد، وتقديم قوائم بتشكيل الحكومة المقبلة. كما قد تتناول الصراعات بين المراكز القيادية في البلاد.

من المؤكد أيضاً أن هذه الصالونات ستناقش تشكيلة مجلس الأعيان المقبلة، ومن سيدخلها من رؤساء الحكومات السابقين، ومن سيُستبعد منها، وما إذا كان سيزيد على عشرة عدد أصحاب الدولة الذين سينضمون للمجلس، كما فرص رئيس "الأعيان" الحالي، طاهر المصري، بالعودة إلى رئاسة المجلس مجددا؟

كل هذا سيشغل الأردنيين، وبالتأكيد سيُغضبهم. لكن بمجرد استذكار ما يجري في دول جارة شقيقة، سيصبح كل ما سبق لا شيء أمام القتل والتدمير ودم الأطفال والنساء والأبرياء، وسيحمد الأردنيون الله على نعمة الأمن والأمان.

الغد