حق (الزعبرة) محفوظ
في البلد الآن الكثير من النقاش, يشترك فيه كثيرون: الحكومات والنواب والأحزاب الموالية والمعارضة والنقابات والمؤسسات والهيئات واللجان والجمعيات, كما يشترك به الأفراد سواء منهم المنتمون إلى أي جهة مما ذكر آنفاً أو غير المنتمين.
يمارس النقاش بشتى الوسائل: كتابة وقولاً وتصريحاً وعبر الإذاعات ومواقع الانترنت وصفحات الفيسبوك والتويتر ويعرض كأفلام في اليوتيوب, ويمارس بالطبع في الصحف وعلى الفضائيات وفي الشوارع وغيرها من منابر تقليدية.
لكي يكون هناك فرصة لكل أصحاب الآراء, ولغايات تحقيق مرتبة جيدة في التنافس, فقد أصبحت "الزعبرة" العنصر المشترك في الكثير مما يجري, ففي الكلام في شؤون السياسة والمجتمع لا يوجد داعي للتخصص والخبرة, ويمكن لمن يريد أن يتحدث, ولكن نظراً للازدحام الشديد, وبهدف تحقيق حصة في السوق, يلجأ كثيرون إلى "الزعبرة".
"الزعبرة" وسيلة سريعة لإقناع الآخر, ولا بأس هنا من المساواة بين الإقناع والإسكات, وقد تجد من ينصحك بقوله: "زعبِر عليه", بل قد تجد نفسك في موقف محرج مع خصم لا تستطيع أن تتفوق عليه إلا بعد أن "تزعبر عليه", وسوف يستسلم الجميع أمامك إذا عرفوا مسبقاً أنك "مْزَعبَر".
"حق الزعبرة" محفوظ في البلد, مع مراعاة القاعدة التي تقول: "تبدأ زعبرتك بمجرد بدء زعبرة الآخرين", ويجوز أن تبدأ قبلها أيضاً, ولكن لا يجوز أن تبدأ زعبرتك عند انتهاء زعبرة الآخرين كما هو الحال في القاعدة الخاصة بالحرية, لأن المبادرة إلى "الزعبرة" تعطي صاحبها أولوية, وتمنح وجهة النظر "المزعبر بها" المزيد من القوة, ودائماً "قل لي ما هي زعبرتك أقل لك من أنت".
العرب اليوم